عن الثبات يتحدث كتاب الله
مدحت القصراوي
- التصنيفات: التصنيف العام - تربية النفس - تزكية النفس - قضايا إسلامية -
رسالة من كتاب الله الى إخواني جميعا والمسلمين، والى أهل البلاء أسيرا ومطاردا، ومهموما بهَمّ دينه، أو خائفا أو مضطربا أو متراجعا أو ناقضا لعزمه.. انظر الى ما يقول الله تعالى ومعنى ما قال:
جاء في تفسير سورة النحل (91 ـ 96)؛ يقول النسفي في تفسيره لها..
{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} هي البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} .
{وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ} أيمان البيعة {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} بعد توثيقها باسم الله، (..) {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} شاهدا ورقيبا، لأن الكفيل مراع لحال المكفول به مهيمن عليه {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} من البر والحنث فيجازيكم به.
{وَلَا تَكُونُوا} في نقض الأيمان {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ} كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته وأبرمته فجعلته { أَنكَاثًا} جمع نكث، وهو ما يُنكث فتله (..) { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ} حال (..) {دَخَلًا} (..) أي ولا تنقضوا أيمانكم متخذيها دخلا أي مفسدة وخيانة { بَيْنَكُمْ} { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ} بسبب أن تكون (أمة) يعني جماعة قريش {هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ} هي أزيد عددا وأوفر مالا من (أمة) من جماعة المؤمنين..
{إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ} (..) أي إنما يختبركم بكونهم أربى لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وما وكدتم من أيمان البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أم تغترون بكثرة قريش وثروتهم وقلة المؤمنين وفقرهم {وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} إذا جازاكم على أعمالكم بالثواب والعقاب، وفيه تحذير عن مخالفة ملة الإسلام.
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} حنيفة مسلمة {وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ} من علم منه اختيار الضلالة {وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ} من علم منه اختيار الهداية {لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} يوم القيامة فتجزون به.
{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ} كرر النهي عن اتخاذ الأيمان دخلا بينهم تأكيدا عليهم واظهارا للعظَمة {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} فتزل أقدامكم عن محجة الإسلام بعد ثبوتها عليها، وإنما وُحّدت القدم ونُكّرت لاستعظام أن تزل قدم واحدة عن طريق الحق بعد أن تثبت عليه فكيف بأقدام كثيرة..؟!
{وَتَذُوقُوا السُّوءَ} في الدنيا {بِمَا صَدَدتُّمْ} بصدودكم { عَن سَبِيلِ اللَّهِ} وخروجكم عن الدين، أو بصدكم غيركم، لأنهم لو نقضوا أيمان البيعة وارتدوا لاتخذو نقضها سنة لغيرهم يستنون بها {وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} في الآخرة.
{وَلَا تَشْتَرُوا} ولا تستبدلوا {بِعَهْدِ اللَّهِ} وبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثَ {مَنًا قَلِيلًا} عرضا من الدنيا يسيرا. كأن قوما ممن أسلم بمكة زين لهم الشيطان ـ لجزعهم مما رأوا من غلبة قريش واستضعافهم المسلمين ولما كانوا يعدونهم إن رجعوا من المواعيد ـ أن ينقضوا ما بايعوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فثبتهم الله.
{إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ} من ثواب الآخرة {هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}..
{مَا عِندَكُمْ} من أعراض الدنيا { يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ} من خزائن رحمته {بَاقٍ} لا ينفد {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا} على أذى المشركين ومشاق الإسلام { أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .. ا.هـ
اللهم ثبّتنا وثبّت عبادك المسلمين.. يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا وقلوب إخواننا على دينك.. ونسألك اللهم العافية في الدنيا والآخرة.