الثورجي .. والأونطجي !

منذ 2011-04-30

مصر يا سادة ـ بعد الاستفتاء ـ لا تحتاج إلى "حواه".. وإنما تريد بناة.. يملئون فراغا لم يعد مناسبا لأن يشغله "الهدامون" ممن احترفوا "الهدم".. هدم كل شئ حتى لو كان جميلا.


بعض الكتاب يتصور أنه "رامبو" الثورة، بمجرد أنه زار "ميدان التحرير" أثناء الاحتجاجات.. بل لا يكفون عن "المن والأذي".. والادعاء بأنهم صنعوا الثورة و"تعبوا" فيها .. واختطفها "الرعاع" الذين صوتوا بـ"نعم" للتعديلات الدستورية!


الأكثر طرافة، أن عددا من "رمبوات" الثورة المزعومين، كانوا يرفلون في نعيم عهد مبارك، ويتقلبون في فضائيات رجال أعمال فاسدين، بل إن بعضهم فتحت له مباحث أمن الدولة، طاقة القدر، واسقطت عليهم من سمائها "برامج تليفزيونية" درت عليهم من الأموال ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. ولا يزالون يمارسون دور "مقدم البرامج" في تلك الفضيات بذات "الشرعية الأمنية" التي حصلوا عليها من قتلة شهداء الثورة.. التي يتمسحون بها اليوم!.. فعلا اللي اختشوا ماتوا!


اليوم نقرأ لهؤلاء.. وهم يبدون الحسرة على ما قدموا من "تضحيات" من أجل "الثورة".. التي اختطفها "الدينييون" .. "بتوع المساجد"!.. رغم أن جل ما قدمه انه جلس في ميدان التحرير بضع سويعات احتسى خلالها "كوبين" من الست نبوية "بتاعة الشاي".. ولم نسمع يوما قط أنه اعتقل في عهد مبارك أوعذب على يد زبانية التعذيب .. بل انعموا عليه " ببرنامج" في فضائيات تأسست على اللصوصية وأموال الشعب المنهوبة.. يبرطع فيها كما يشاء.. وأسألوا أحمد بهجت الذي قالها صراحة: إنه لا برنامج ولا مقدم برنامج ولا ضيف من ضيوفه يمكن تمريره عبر القنوات الخاصة إلا بموافقة مباحث أمن الدولة!.. يعني بلاش رسم دور "الثورجي" على شعب قادر على فرز "الثورجي" من "الاونطجي".

السويس وحدها قدمت أكثر من ثلاثين شهيدا، أي أضعاف ما قدمته القاهرة من شهداء.. ولولاها ما تشجعت العاصمة أو صمدت امام وحشية أجهزة مبارك الأمنية.. ولم يخرج من السويس من يدعي انه "الثورجي" الذي لا شريك له.. ويمن على مصر بدماء من سقطوا في حي الأربعين.. ويلعن الذين قالوا "نعم" للتعديلات!


في عصور القمع ما بعد يوليو 1952، كان علماء الاجتماع السياسي في مصر، يتحدثون بسخرية عن "ديكتاتورية العاصمة" واستعلائها على مدن ومحافظات "الأطراف".. ويعتبرونها امتدادا للفرعونية السياسية التي تدوس بالأحذية على رقاب عوام الناس.. ويبدو ان هذه الفرعونية انتقلت جيناتها الوراثية إلى "رامبوات" الفضايئات ومدعي صناع الثورة.. ليمارسوا هذا الاستعلاء على بقية مدن ومحافظات مصر التي قدمت من الشهداء والتضحيات أكثر من القاهرة.. بل إن بعض المحافظات كانت هي الأكثر تحديا للطاغية المخلوع وسقط من شبابها بالرصاص الحي العشرات من الذين لم يجدوا من يطبع صورهم وتوزيعها ونشرها أسوة بـ"رفقاء الجنة" من شهداء القاهرة!


لقد بات من قبيل "النكتة" ان يتجهم ـ اليوم ـ كل من تلقى نبأ تنحي مبارك، وهو يتنفس نسيم العصاري مع "المدام" و"الاولاد" في البلكونة.. ويفتعل عبوسا مضحكا.. ويرفع حاجب وينزل آخر.. ويعرب عن أسفه لأنه "صنع الثورة" ولم يستفد منها لأن "الدينيين".. والمشايخ والدراويش، اختطفوها منه يوم الاستفتاء!

مصر يا سادة ـ بعد الاستفتاء ـ لا تحتاج إلى "حواه".. وإنما تريد بناة.. يملئون فراغا لم يعد مناسبا لأن يشغله "الهدامون" ممن احترفوا "الهدم".. هدم كل شئ حتى لو كان جميلا.


23-03-2011 م
 

المصدر: محمود سلطان
  • 0
  • 0
  • 2,068

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً