خواطر د. خالد روشة - قمة المهانة! (4)

منذ 2017-11-01

قال ابن القيم: "وقد أشار سبحانه إلى هذا ـ في كتابه ـ عند ذكر عقوبات الذنوب، وأنه أركس أربابها بما كسبوا، وغطي على قلوبهم، وطبع عليها بذنوبهم، وأنه نسيهم كما نسوه، وأهانهم كما أهانوا دينه، وضيعهم كما ضيعوا أمره، ولهذا قال تعالى ـ في آية سجود المخلوقات له ـ: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} فإنهم لما هان عليهم السجود له، واستخفوا به، ولم يفعلوه أهانهم، فلم يكن لهم من مكرم بعد أن أهانهم، ومن ذا يكرم من أهانه الله أو يهن من أكرم " الجواب الكافي.

إن مشهد توديعه لدنياه ليمثل قمة المهانة، فعن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنه قَالَ. كَانَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: «إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، فَاحْتَملَهَا الرِّجَالُ عَلى أَعنَاقِهِمْ، فَإنْ كَانتْ صَالحةً، قالتْ: قَدِّمُوني، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ لأهْلِهَا: يَاوَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلاَّ الإنسانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإنْسَانُ، لَصَعِقَ» (رواه البخاري).

ثم تأتيه المهانة الكبرى يوم القيامة، قال سبحانه: {يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 19-23].

خالد روشة

داعية و دكتور في التربية

  • 2
  • 0
  • 6,706
المقال السابق
قمة المهانة! (3)
المقال التالي
أنت أيها الزوج لاتعدل

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً