واجبات الوقت.. في وقت الواجبات
عبد العزيز مصطفى كامل
لابد من الاتفاق على أن الظروف الحرجة للأمة الجريحة في ظروفها القائمة والقادمة، لاتتطلب (واجب وقت) واحد؛ بل هي تستدعي واجبات كثيرة في قضايا ونوازل كبيرة، ولذلك فالقيام بها ليس قاصرًا على الخاصة دون العامة، ولا على الرجال دون النساء، ولا على المؤسسات والهيئات والجماعات دون المستقلين من العلماء والدعاة والمثقفين والمفكرين.
- التصنيفات: التصنيف العام - قضايا إسلامية معاصرة -
(واجب الوقت) مصطلح دقيق حساس، يتعلق بالجواب عن سؤال يقول: ماهي أهم الفروض المتعينة في الحال الراهنة؛ على المسلمين عمومًا وعلى علمائهم ودعاتهم ومفكريهم خصوصًا؛ وما أول المهام المطلوبة من الجميع عينيًا وكفائيًا..وأولاها دينيًا ودنيويًا..؟
بطبيعة الحال ستتعدد الإجابات وتتنوع الاجتهادات، نظرا لاختلاف زوايا النظر، وتفاوت أدوات الفهم، وتشعب مسارات البحث في أحوال شعوب الأمة داخلياً واقليميًا وعالميًا...
● ابتداءً؛ لابد من الاتفاق على أن الظروف الحرجة للأمة الجريحة في ظروفها القائمة والقادمة، لاتتطلب (واجب وقت) واحد؛ بل هي تستدعي واجبات كثيرة في قضايا ونوازل كبيرة، ولذلك فالقيام بها ليس قاصرًا على الخاصة دون العامة، ولا على الرجال دون النساء، ولا على المؤسسات والهيئات والجماعات دون المستقلين من العلماء والدعاة والمثقفين والمفكرين، وواجب الوقت كذلك لايفترض فيه أن يتعلق بمجال واحد يجري حصره تقليديًا في حلحلة الحال السياسي المسدود، أومحاولة الخروج من أسر الاستضعاف و ودوام القهر، بل هو يتعدى ذلك الى وضع حلول عاجلة لمعالجة الأزمات المستحكمة معيشيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وعلميا وإعلاميًا، لأن الأمة في أزمة بل محنة متعددة الوجوه..
● يخطيء من يزعم أو يظن أن شخصًا ما؛ أو جماعةً أو حزبًا أوهيئةً في مقدروه أو مقدورها القيام عمليا بواجب الوقت على انفراد، أو حتى وضع الحل النظري المتكامل له، بل هذا الأمر هو تكليف الأمة بأكملها، وإن كان أهل الشأن فيها من المختصين المذكورين هم الأولى أن يكونوا في طليعتها، لأن هذا منطق سير خطط التغيير وطبيعتها.. مع التذكير بأن هناك واجبات دائمة، لايرتفع وجوبها في وقت دون وقت، مثل تحقيق العبودية لله في العبادات والمعاملات، مع تصحيح المعتقدات وتتميم الأخلاق والسلوكيات، أما (واجبات الأوقات) فهي أمر زائد، مربوط بمرحلة، ومرهون بظرف، ومطلوب فيه مراعاة قواعد المصلحة والمفسدة، والاعتبار بقدر القدرة وحدود الاستطاعة، مع ترتيب الأولويات، وتصنيف الواجبات تبعًا للرؤى الجماعية لا للقناعات الفردية..
اختلاف وجهات النظر في تحديد الأولويات فيما يتعلق بواجبات الأوقات؛ أمرٌ متوقع الحصول بل هو مطلوب ومقبول، لأن الأفكار تتلاقح وبناتها تتوالد، والمهم انطلاق السير - أو بالأحرى استكماله - إذ ليس من انصاف النفس والناس أن نفترض دائمًا أننا نبدأ من الصفر...
سأترك مساحة زمنية للنقاش حول واجب أو واجبات الوقت ذات الأهمية والأولوية، على أن يتبع ذلك سجال وجدال بالحسنى حول ماهو أولى بجهودنا الفردية والجماعية من واجبات الوقت التي نلتمسها، في وقت الواجبات الذي نعيشه...
والله المستعان