عون الرحمن في وسائل استثمار رمضان - (14) أهم وسائل استثمار رمضان
فهناك مواسم ومناسبات يكون الوصول والدُّخول على الله -تعالى- في هذه المواسم بمواهب وهدايا ولطائف في يومٍ أو ليلة بلمحة خاطفة من خفايا لُطْفه - سبحانه - كما روى الطبرانيُّ - وحسَّنه الألباني - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ لله في أيام الدهر نفحاتٍ فتعرَّضوا لها؛ فلعلَّ أحدكم تصيبه نفحة، فلا يَشْقى بعدها أبدًا»، ومن هذه المواسم شهر رمضان المعظَّم، أنعِم وأكرم بيومٍ واحد منه!
أخي يا بن الإسلام، إنَّ أجمل شيءٍ في هذه الدنيا أن يستعملك الله في طاعته، الشُّعور أن الله يستعملك في طاعته إحساسٌ رائع يتملَّكك، حتى لتكاد تشعر أن يدًا حانية تلمس خدَّك؛ لِتُدير وجهك، وتلفت نظرك إلى ما يُرضي ربَّك، وتشعر بهذه اليد تُمسك بيدك بحنوٍّ بالغ، فيه قوَّة؛ لتقودك وترفعك إلى عبادات وطاعات وقربات لم تكن لك على بال، وتستشعر هذه اليد حانية قويَّة دافئة في ظهرك، تَمْنعك من التَّراجع، وتدفعك إلى التقدُّم، تمنعك من السُّقوط، وتُشعرك أنك مسنود.
سبحان الملك! والله إنَّه لشعور رائع حقًّا؛ إحساس الإنسان أنَّه مدفوع لفعل الخير، مشغولٌ به، تتفتَّح أمامه أبوابُ الطاعات، وتُيَسَّر له، ويُعان عليها، ولك أن تُقارن بين هذا الإنسان وبين آخَر، كلَّما اتَّجه إلى طاعة تعسَّرت عليه وصُرِف عنها، وأينما الْتفَت أخذت قلبَه وعينَه، ويدَه ورجلَه معصيةٌ من المعاصي.
فإن سألتَ: كيف أكون ذاك الأول، وأنجو من ذاك الثاني؟! قلتُ: إنَّ الأمر يحتاج ابتداءً إلى رحمةٍ من الله -تعالى- فيجعلك من هؤلاء المرحومين، وينأى بك عن هؤلاء الخاسرين.
فإن قلتَ: ألا من سبيل للأسباب؟! قلت: بلى، وارد؛ تحتاج ابتداءً إلى هِمَّة عالية، ونيَّة صحيحة، فإذا رأى الله من عبده صِدْق النِّية، ووصل إليه من العبد عملٌ علِيٌّ، أخذ بيده إليه، واعتنى به أشدَّ من عناية الأب الشفيق بولده؛ فدبَّر له الأمور، وأصلح له الأحوال؛ قال -تعالى-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 4 - 10].
فمَدار الشأن على هِمَّة العبد ونِيَّته، وهُما مطلوبُه وطريقُُه، ولا يتمُّ إلا بترك ثلاثة أشياء:
الأوَّل: العوائد والرُّسوم، والأوضاع التي أحدثها الناس.
والثاني: هجر العوائق التي تعوقه عن إفراد مطلوبه وطريقه، وقطعها.
والثالث: قَطْع علائق القلب التي تَحُول بينه وبين تجريد التعلُّق بالمطلوب.
ثم إنك - أيُّها الحبيب المحب - إن كنت تستشعر ثقلاً وصعوبة في الأخذ بالأسباب التي ذكرتُها لك؛ فإنَّ من رحمة الله بعباده وإكرامه - سبحانه - لهم أنْ هيَّأ لهم فُرَصًا ومناسباتٍ في أيام زمانهم، يكون الوصول فيها أسهلَ، وتُصْبِح الإعانات مجانيَّة للجميع.
فهناك مواسم ومناسبات يكون الوصول والدُّخول على الله -تعالى- في هذه المواسم بمواهب وهدايا ولطائف في يومٍ أو ليلة بلمحة خاطفة من خفايا لُطْفه - سبحانه - كما روى الطبرانيُّ - وحسَّنه الألباني - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ لله في أيام الدهر نفحاتٍ فتعرَّضوا لها؛ فلعلَّ أحدكم تصيبه نفحة، فلا يَشْقى بعدها أبدًا»، ومن هذه المواسم شهر رمضان المعظَّم، أنعِم وأكرم بيومٍ واحد منه!
أخي يا بن الإسلام، إن الدنيا قصيرة، وليس لها قدْرٌ عند الله -تعالى- فهي لا تُساوي عند الله جَناح بعوضة؛ ومن ثَمَّ فهي لا تستحِقُّ أن نُفنِيَ أعمارنا في جمْع حطامها الزَّائل، بل علينا أن نملأ قلوبنا رغبةً في الآخرة، وفي لقاء مَن له الآخرة والأُولى - سبحانه وتعالى - فقد قال -صلى الله عليه وسلم- كما عند البخاري: «مَن أحبَّ لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كَرِه لقاء الله كره الله لقاءه».
ومن المعلوم أنَّ الإنسان لا يحبُّ لقاء الله، ولا يشتاق له إلاَّ إذا تزوَّد من العمل الصالح الذي يرضى الله -تعالى- عنه، ولن يكون ذلك إلاَّ باغتنام كلِّ لحظة من لحظات العمر في طاعة الله، وبخاصَّة في مواسم الطاعات، التي يُضاعِف الله فيها الأجر والحسنات، ويعفو فيها عن الذُّنوب والسيئات.
ولا شكَّ أن شهر رمضان هو أفضل شهور السَّنة على الإطلاق، وهو أفضل موسمٍ من مواسم الطاعة؛ ولهذا كان لزامًا علينا أن نحسن استقباله، وأن نغتنم كلَّ لحظة فيه؛ لنفوز بالرحمة والمغفرة والعتق من النِّيران، ولنسعد في الجنة بالنَّعيم والرضوان، والنظر إلى وجه الرحيم الرحمن.
فما هي أهمُّ وسائل استثمار رمضان؟!
إنَّ وسائل استثمار رمضان كثيرة جدًّا؛ ذلك لأنَّ استثمار رمضان إنما يكون بالاستِزادة من العمل الصالح، والأعمالُ الصالحة من الكثرة بمكان؛ ولهذا فإنِّي - بإذن الله -تعالى- أنتقي بعض الأعمال الصالحة اليسيرة، والتي أُجورها جزيلة جليلة، وأحيل عليك البحث والتنقيب عن غيرها.
وأنصحك - أخي يا بن الإسلام - أن يكون عندك كُنَّاش - كرَّاسٌ - تقيِّد فيه كلَّ عمل صالح جديد تَعْلمه، فتَعْمَل به، وتدعو إليه غيرَك، وتحتفظ به في كناشك؛ لعلَّك تُسْعِف به نفسك وإخوانك يومًا من الأيام، والله المستعان.
وأبدأ هذه الوسائل بحديثٍ جليل، رواه الإمام البخاريُّ - رحمه الله - بسنده عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «أربعون خصلةً، أعلاهن منيحةُ العَنْز، ما مِن عامل يعمل بخصلة منها رجاءَ ثوابها، وتصديقَ موعودها، إلا أدخلَه الله بها الجنة».
والخَصْلة: الفضيلة أو الحالة، وفي "لسان العرب" في مادة خصل: "الخصلة: الفضيلة والرَّذيلة تكون في الإنسان، وقد غلب على الفضيلة، وجمعها: خِصَال، والخصلة: الخَلَّة... وفي الحديث: «من كانت فيه خصلة من النِّفاق»؛ أيْ: شعبة من شُعَب النفاق، وجزء منه أو حالة من حالاته".
وفي رواية للحديث عند أحمد: «أربعون حسنة»؛ بدلاً من «أربعون خصلة»، وعند الطبرانيِّ في "الأوسط" بلفظ: «أربعون خلقًا»، لكن إسناده ضعيف.
والعَنْز: أنثى المَعِز، ومنيحة العَنْزِ: أن يُعطي صاحب العَنْز عنْزتَه لمن يحلب لبنَها، ويشرب منها، ثم يعيدها إليه، فإذا كانت المُعطاة للحلب شاةً أو بقرة أو جاموسة أو ناقةً مما يُحلب، لكان الثواب أكبر وأرجى.
والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر الأربعين خصلةً، واكتفى بذكر أعلاهنَّ، قال ابن بطَّال ما ملخَّصه: "ومعلومٌ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان عالِمًا بالأربعين المذكورة، وإنَّما لم يذكرها لمعنًى هو أنفع لنا من ذِكْرِها؛ وذلك خشية أن يكون التعيين لها مُزَهِّدًا في غيرها من أبواب الخير".
وقال ابن المنير: "الأَوْلَى أن لا يُعنى بعدِّها؛ لما تقدَّم"، لكن في زماننا ضعفت هِمَمُ الكثيرين، وتقاعست عن إتيان أبواب الخير كبـيرها وصغيرها، فبعدوا عن الاغتراف من رحمة الله -تعالى- بترك الطاعات الموصلة إليها، فرأيتُ من الأنسب بيانَ هذه الأبواب من الخير اليسيرة، الموصلة إلى رحمة الله -تعالى- ومغفرته الواسعة؛ لعلَّ ذلك يكون دافعًا للكثيرين إلى العودة، والإكثار من أبواب الخير، وقد رأوا سَعة رحمة الله -تعالى- وعظم مغفرته وفضله، وأنَّ نوال الجنة قريب ويسير بقليل العمل، ولله الحمد والمِنَّة.
فإن عادوا إلى الدَّرب وتنافسوا في مضماره، تاقت النُّفوس من جديدٍ لأبواب الخير المختلفة بعد أن أحيت نفوسَهم رحماتُ الله -تعالى- ومغفرته، وبعد أن علموا سعة رحمته -تعالى- وعظيم عطائه الذي لا حدَّ له.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - بعضًا ممن تكلَّم في حصر هذه الأربعين.
وأُولى هذه الخصال - كما في الحديث - منيحة العَنْز، وقد ورد في فضل منيحة اللَّبن حديثُ البَرَاء بن عازب - عند التِّرمذي وأحمد وصححه الألبانيُّ - قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من منح منيحةَ لبن أو وَرِقٍ، أو هَدَى زُقاقًا، كان له مثل عِتْق رقبة»، ومنح الوَرِق؛ أيْ: قَرْض الدراهم، وقوله: "هَدى زقاقًا"؛ أيْ: أرشد ابن سبيل، وهداه إلى الطريق.
وعند مسلم: باب الترغيب في صدقة المنيحة مرفوعًا: «ألا رجلٌ يمنح أهلَ بيتٍ ناقةً، تغدو بعُسٍّ، وتروح بعُس! إنَّ أجرها لعظيم»؛ ورواه البخاريُّ وأحمد، والعُسُّ هو القدح الكبير، وعند مسلمٍ وأحمد أيضًا عن أبي هريرة مرفوعًا: «من منح منيحة، غدَتْ بصدقة، وراحت بصدقةٍ، صَبوحها وغَبُوقها».
ضوابط لتعيين هذه الخصال الأربعين:
لَم يعيِّن الحديث النبويُّ الشريف الخصالَ الأربعين، ولكن في الحديث ما يفيد في التعرُّف عليها، فمن ضوابط تلك الخصال:
1- أنَّها أعمالٌ للعبد، أو حالةٌ يكون عليها، أو صفة تنطبق عليه، ينال بها رضا الله وجنَّته، واشتراط أن تكون هذه الخصالُ الأربعون مما يَتعدَّى بها نفْعُ العبد لغيره - كما في منيحة العَنْز المذكور في الحديث - فمحلُّ نظر، وليست بشرط؛ لأنَّ كلمة خصال الواردة في الحديث أعمُّ من ذلك، والخصال في اللُّغة قد تكون صفاتٍ للعبد، أو أحوالاً، أو سلوكيَّات، كما تكون أفعالاً، والصفات والأحوال والسُّلوكيات قد تكون خيِّرةً أو فاسدة، والذي يَعْنينا في الخصال الموجبة للجنة: الصفاتُ، والأحوال، والسُّلوكيات - إلى جانب الأفعال - الحسَنة الخيِّرة.
ويؤيِّد ذلك استعمالُ كلمة الخصال في أحاديثَ نبويَّة عديدة بما يوافق ذلك؛ فمن ذلك حديثُ عبدالله بن عمرٍو في "الصَّحيحين" وسنن أبي داود والترمذي والنسائي و"مسند أحمد" أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أربع خلال مَن كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا: من إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلَف، وإذا عاهد غدَر، وإذا خاصم فجَر، ومن كانت فيه خَصلةٌ منهن كانت فيه خَصلة من النِّفاق حتى يدَعَها»، فجعل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خيانة الأمانة، وكذِبَ الحديث، وغدْرَ العهد خصالاً، وهي خصال مذمومة.
وفي حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - في الصحيحين قال: وقال نبيُّ الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبدالقيس: «إنَّ فيك لخصلتين يحبُّهما الله: الحلم والأناة».
فجعل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- هذين الخُلقين من الخصال، وهما خصلتان محمودتان، فدلَّ ذلك على أن الخصال المذكورة أعمُّ من كونها محصورةً فيما يعود نفع العبد فيه على غيره، كمنيحة العنز المنصوص عليها في الحديث.
2- أنَّها أقلُّ - في الجهد المبذول والمشقَّة، وفي النفقة والعطاء - من منيحة العنز؛ إذْ إنَّ في الحديث عن هذه الخصال أن: "أعلاهنَّ منيحة العَنْز"، فما دونها أخفُّ منها في المشقَّة، وأقلُّ منها في البذل.
3- أنَّها يكفي ما كان منها عملاً متعديًا نفْعُه للغير - كمنيحة العَنْز - أن يفعله العبد مرَّة واحدة، فيدخل بهذه المرة الجنَّة - ولله المِنَّة - دون حاجةٍ إلى تكرار هذا الفعل مرَّات ومرات، أو المداومة عليه، ولو تكرَّر لكان خيرًا على خير.
4- أنَّ كل عمل منها على حِدَةٍ قد ثبت بخصوصه الدليل الشرعيُّ على أنه يوجب بِمُفرده دخول الجنَّة، أو غفران ما تقدَّم من الذنوب، أو الإنجاء من النار، أو نوال محبَّة الله -تعالى- ورضاه، ونحو ذلك.
فهذه هي الشُّروط التي رأى بعض العلماء مراعاتها في تحديد الخصال الأربعين اليسيرة الموجبة لدخول فاعلها الجنَّة، ولا يخفى عليك أخي يا بن الإسلام اشتراطُ كون الأحاديث المستدَلِّ بها على هذه الخصال مما ثبتت صحَّتُها وبلوغها درجة القبول؛ إذْ لا يصحُّ في تعيين هذه الخصال - ولا غيرها - الأحاديثُ الضعيفة والموضوعة مما لم يبلغ درجة القبول عند علماء الحديث - أصحاب هذا الشأن - ولكن:
هل هذه الخصال تزيد على الأربعين؟
جاء في الحديث أنَّ هذه الخصال اليسيرة الموجِبة للجنة أربعون، فإنْ وُجد أنَّها أكثر من ذلك بتتبُّع الأحاديث الواردة في هذا الشأن بالضوابط المذكورة، فكيف يُجمع بين الأمرين؟!
والجواب - والله أعلم - أنَّ ذلك ممكِنٌ من وجهين:
1- إمَّا أن يُقال: إنَّ ذِكْر العدد لا يُنافي الزيادة عليه، فيكون هذا العدد هو أقلَّ هذه الخصال، ويزيد عليها غيرها، كما في حديث خصال النِّفاق: ثلاثٌ في رواية، وأربع في أخرى، ومعلومٌ أنَّ هناك صفاتٍ للمنافقين فعليَّةً غير ذلك، فلم يمنع ذِكْرُ أنَّها أربعة في الحديث وجودَ ما يزيد عليها مما دلَّ عليه الدليل الشرعيُّ، ومثله في اجتناب السَّبع الموبقات: الشِّرك، والسِّحر، وقَتْل النفس بغير الحقِّ، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزحف، وقذف المُحصَنات، الوارد في حديث النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في "الصحيحين" وسنن أبي داود والنَّسائي، لكن بلفظ الشُّح بدلاً من السِّحر، ولا يمنع وجودَ كبائر موبقات غيرها؛ كتَرْك الصَّلوات المفروضة، وترك أداء الزَّكاة، وترك صيام رمضان، وإدمان الخمر، وشهادة الزُّور، والزِّنا، واليمين الغموس - الكاذبة - والله أعلم.
2- وإمَّا أن يُقال: إنَّها كانت أربعين عند ذِكْر النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، ثم زاد الله -تعالى- عليها غيرها، فضلاً منه وكرمًا، مما وردت به الأحاديث الثابتة، ووجب الأخذ بِها؛ للجمع بين تحديد الأربعين، والزيادة عليها بمقتضى أحاديثَ أخرى ثابتةٍ - والله أعلى وأعلم.
ويرى الدكتور "ياسر برهامي" أنَّها أربعون محدَّدة معلومة للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أبهم ذِكْرَها؛ ليجتهد الناسُ فيها كليلة القَدْر، وساعة الجمعة، والتِّسعة والتسعين اسمًا من أسماء الله الحسنى، والزيادة عليها إنَّما هي لأجل الخطأ في الاجتهاد؛ فنحن ليس عندنا ما نَزِن به الهيِّن والأهون، والأدنى والأعلى من الأعمال على وجه الجزم، بل هو مجرَّد اجتهاد حسب اختلاف القدرات والهمم والإرادات، والأزمنة والأمكنة، والله الموفِّق للصواب.
وبعد:
فبَيْن يديك - أخي يا بن الإسلام - مجموعة وسائل طيِّبة لاستثمار رمضان، ولعلَّك تجد بينها - إن شاء الله - بقيَّة الأربعين خصلة، ولسوف أكتفي - إن شاء الله - في غالب هذه الوسائل بذِكْر الأحاديث الواردة - أو بعضها - ما أمكن دون تعليقاتٍ أو شروح أو توضيح؛ تجنُّبًا للإطالة على أخي الحبيب، الذي أراه متشوِّقًا لاغتنام هذه الوسائل، إلاَّ في مواضع قد تكون قليلة، وذلك وفق ما تقتضي الحاجة فيها إلى فوائد أو تنبيهات، أو تفسيرٍ يسير للمعاني؛ لتحقيق الاستفادة الكاملة من العمل، وأدائه على الوجه المطلوب شرعًا، للحصول على أجره وثوابه، ومع ذلك فقد أُسْهِب في مواضع معيَّنة، فتحمَّلني عندها لله، فاللَّهم يسِّر وأعِن، يا كريم.
الكاتب: محمود العشري.
- التصنيف: