و الذي جاء بالصدق و صدق به
والتصديق به تصديق بالقلب واللسان والعمل، والواقع.. وهو التصديق الذي يجعل العبد من المتقين، فهو تصديق مخصوص وليس مجرد أن يقول نعم هذا نبي صادق
{والذي جاء بالصدق وصدق به} كل من دعا إلى توحيد الله، وتصديق رسله، والعمل بما ابتعث به رسوله من بين رسل الله وأتباعه والمؤمنين به، وأن يقال: الصدق هو القرآن، وشهادة أن لا إله إلا الله، والمصدق به: المؤمنون بالقرآن، من جميع خلق الله كائنا من كان من نبي الله وأتباعه.. [الطبري الإمام رحمه الله]
والتصديق به تصديق بالقلب واللسان والعمل، والواقع.. وهو التصديق الذي يجعل العبد من المتقين، فهو تصديق مخصوص وليس مجرد أن يقول نعم هذا نبي صادق أو هذا خبر صادق؛ بل هو صدق بمقتضياته العملية.. ولهذا قال {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} فالتقوى ليس هي مجرد التصديق بل هي حالة يصنعها التصديق ويقتضيها ويستلزمها، ولهذا قلنا هو تصديق مخصوص.
وذكر تعالى جزاءهم أن أطلق لهم أمانيهم وما يريدون وما يسألون {لهم ما يشاؤون} كما في آيات أُخر ذكر أن لهم {ما يدّعون} يعني يدعون به ويسألونه، وفي آيات أخرى ذكر أن لهم فيها ما تشتهيه نفوسهم وتلذ به أعينهم.. {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين}
وذكر تعالى كلمتين لهما دلالة فارقة وهما تعدلان كل النعيم وتفاصيله.. فذكر تعالى هاتين الكلمتين {عند ربهم} وهذا يعني الكثير.. إذ هذا يعني (العندية) وهي لا تستعمل إلا في بيان القرب من رب العالمين تعالى حيث الدار العالية والسكنى هناك.. وهذا لا يعدله شيء.
ثم نص تعالى على أن تصديقهم المخصوص قد وصل بهم إلى حال الإحسان{ذلك جزاء المحسنين} فهو تصديق جعل أصحابه في مستوى المتقين ومستوى المحسنين.. فهو ليس أمرا خبريا محضا بل هو حالة يعيشها صاحبها ويُنشئها تصديقه؛ حالة من التقوى والإحسان، حال لقلبه ولقوله ولحاله..
وهؤلاء المتقون ليسوا ملائكة ولم يخرجوا عن بشريتهم بل لهم أخطاء تابوا منها وخافوها، ولهذا قال {ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا}
وقد رجّاهم تعالى في أمر عظيم، فقال أنه كفّر عنهم أسوأ ما عملوا.. وهذا تنبيه على غفران ما هو أقل سوءا؛ إذ كان الأسوأ قد غفره الله تعالى وستره..
وأما الجزاء فثمة فضل هنا لا يعادله فضل فقد جازاهم تعالى بأعلى مستوى وصلوا إليه.. وهذا كرم عظيم وغزير من رب العالمين تعالى.
فمع الخوف العظيم من لقاء الله تعالى ورهبته، فهناك مأخذ للأمان، وللوصول، وللقرب.. بلغنا الله وبلّغك المنزل.
- التصنيف: