مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ
{وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [ السجدة 10-11]
من نقص عقولهم و خراب قلوبهم يستنكرون البعث بعد أن نزلوا من بطون أمهاتهم ثم تفرقوا في أرض الله الواسعة و اختلفت مسمياتهم و اتجاهاتهم ووجهاتهم , وكأنهم نسوا أنه بقدرته خلقهم من عدم ,و بديهي أن من فعلها أول مرة قادر على الأسهل و هو إعادتهم بعد موتهم .
و الرد عليهم بكل وضوح : موعدنا يوم تتوفاكم ملائكة الموت حتى تلقوا ربكم فيجازيكم بما فعلتم , فهل تنكرون الموت أيضاً .
إذن فانتظروا ما بعد الموت .
{وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [ السجدة 10-11]
قال السعدي في تفسيره :
أي: قال المكذبون بالبعث على وجه الاستبعاد: { {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} } أي: بَلِينَا وتمزقنا، وتفرقنا في المواضع التي لا تُعْلَمُ.
{ {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } } أي: لمبعوثون بعثًا جديدًا بزعمهم أن هذا من أبعد الأشياء، وذلك لقياسهم قدرة الخالق، بقدرهم.
وكلامهم هذا، ليس لطلب الحقيقة، وإنما هو ظلم، وعناد، وكفر بلقاء ربهم وجحد، ولهذا قال: { {بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُون } } فكلامهم علم مصدره وغايته، وإلا، فلو كان قصدهم بيان الحق، لَبَيَّنَ لهم من الأدلة القاطعة على ذلك، ما يجعله مشاهداً للبصيرة، بمنزلة الشمس للبصر.
ويكفيهم، أنهم معهم علم أنهم قد ابتدئوا من العدم، فالإعادة أسهل من الابتداء، وكذلك الأرض الميتة، ينزل اللّه عليها المطر، فتحيا بعد موتها، وينبت به متفرق بذورها.
{ {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } } أي: جعله اللّه وكيلاً على قبض الأرواح، وله أعوان. { {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} } فيجازيكم بأعمالكم، وقد أنكرتم البعث، فانظروا ماذا يفعل اللّه بكم.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: