مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ
{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة 26 - 27]
ألا يكفي لكل بعيد مستكبر أو متكاسل عن أوامر الله و صراطه أن ينظر و يتفكر في مصير من سبقوا و قد خلت منهم مساكنهم و مناصبهم و أعمالهم و ذهبوا إلى دار لا نفع فيها إلا لمن سبقت منه الحسنى و سابق بالخيرات و الصالحات.
ألا يكفي لكل بعيد مستكبر أو متكاسل عن أوامر الله و صراطه أن ينظر و يتفكر و يتأمل كيف يحيي الله الأرض الميتة الجدباء بإنزال ماء الحياة من السماء فتخرج من الزروع و الثمرات ما يكفيهم و يكفي أنعامهم فتعود عليهم بالخيرات , لو تفكروا بصدق لعلموا أن صانع كل هذا يستحق العبادة لا ريب و يستحق المبادرة إلى فعل أمره و الفرار مما حذر منه و نهى عنه خوفاً من عقابه و رجاء ثوابه .
{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة 26 - 27]
قال السعدي في تفسيره :
يعني: أولم يتبين لهؤلاء المكذبين للرسول، ويهدهم إلى الصواب. { {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} } الذين سلكوا مسلكهم، { {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} } فيشاهدونها عيانًا، كقوم هود، وصالح، وقوم لوط.
{ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ} } يستدل بها، على صدق الرسل، التي جاءتهم، وبطلان ما هم عليه، من الشرك والشر، وعلى أن من فعل مثل فعلهم، فُعِلَ بهم، كما فُعِلَ بأشياعه من قبل.
وعلى أن اللّه تعالى مجازي العباد، وباعثهم للحشر والتناد. { {أَفَلَا يَسْمَعُونَ} } آيات اللّه، فيعونها، فينتفعون بها، فلو كان لهم سمع صحيح، وعقل رجيح، لم يقيموا على حالة يجزم بها، بالهلاك.
{ {أَوَلَمْ يَرَوْا} } بأبصارهم نعمتنا، وكمال حكمتنا { { أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} } التي لا نبات فيها، فيسوق اللّه المطر، الذي لم يكن قبل موجودًا فيها، فيفرغه فيها، من السحاب، أو من الأنهار. { {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا} } أي: نباتًا، مختلف الأنواع{ {تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ} } وهو نبات البهائم { {وَأَنْفُسهمْ} } وهو طعام الآدميين.
{ {أَفَلَا يُبْصِرُونَ} } تلك المنة، التي أحيا اللّه بها البلاد والعباد، فيستبصرون فيهتدون بذلك البصر، وتلك البصيرة، إلى الصراط المستقيم، ولكن غلب عليهم العمى، واستولت عليهم الغفلة، فلم يبصروا في ذلك، بصر الرجال، وإنما نظروا إلى ذلك، نظر الغفلة، ومجرد العادة، فلم يوفقوا للخير.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
عبدالناصر رفعت عبدالباقي خيال
منذعبدالناصر رفعت عبدالباقي خيال
منذ