هل يتأخر النصر بلا سبب! أو تحدث الهزيمة بلا جريرة؟
عبد العزيز مصطفى كامل
فالغلبة والنصر سنن وقوانين كما أن للهزيمة والفشل علل وبراهين أما مهمة الناصحين ووظيفة المصلحين.. فهي التواصي بالصبر على أقدار الله واليقين في موعود الله فبالصبر واليقين ينال النصر.. وتتحقق الإمامة في الدين وبالدين..
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة -
الكلام عن حال ومآل الجماعات والاتجاهات الإسلامية؛ أصبح شأنًا شائكًا ومُربكًا، حيث صار التحدث عن بعضها - مدحًا أو قدحًا - يُغضب البعض الآخر، و كأن أنصار كل فريق صاروا بانتظار كلمة ثناءٍ أو هجاءٍ، يوالون لها أو يعادون عليها.. لذلك لا أحب لنفسي أو لغيري؛ الانشغال بتكرار واجترار الحديث عن سقطات أو منجزات الجماعات؛ إلا لضرورة نصح، أو لغاية تقويم أو نفع، وبقدر الضرورة، تجنبًا لمزيد من الحزازات الحزبية والحساسيات الشخصية، التي شلت قدرات الساحة الإسلامية، فالأولى لنا والأليق بنا أن نتناصح فيما نحن قادرون عليه، ونتذاكر فيما سائرون إليه، دون الاستمرار في الوضع المأزوم، بحروب النقد والنقد المضاد التي لا منتصر فيها ولا مهزوم..
• لنتأمل مثلا صفات القوم الذين سيأتي الله بهم:
- وفق سُنَّة الاستبدال - عند تولي أقوام عن نصرة الدين، أو تبديلهم لشريعة رب العالمين، حيث قال تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38] فما صفات هؤلاء المستبدلين؟.. يقول الله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ} [المائدة: 54]:
1 - (يُحِبُّهُمْ) لإخلاصهم واتباعهم.
2 - (وَيُحِبُّونَهُ) ليقينهم وشدة شوقهم.
3 - {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: 54] كل المؤمنين، فهذا من آثار محبة الله لهم.
4 - {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} الظاهرين منهم والباطنين وهذا من آثار محبتهم له.
5 - {يُجَاهِدُونَ} بالشرع المنزل كل باطل جاء به الشرع المبدل.
6 - {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: 60] لا في سبيل غيره، ولا لرضى سواه.
7 - {وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54] ممن يعاتبهم أو يُعيرهم أو يعنِفهم لوضوح مسلكهم واستقامة سيرهم.
• تلك هي مؤهلات النصر الأولية:
الجديرة بالتقديم والأولوية ومنْحُها توفيق لا يُساق إلا لمن استأهلوا ولاية الله ومحبته حقا، والتعقيب يفيد ذلك.. {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54] فهم أولياؤه المؤهلون لنصرته بإقامتهم لشريعتهم، واستقامتهم وصدقهم في ولائهم وبرائهم.. ولذلك قال سبحانه بعدها: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (المائدة/56)..
فالغلبة والنصر سنن وقوانين كما أن للهزيمة والفشل علل وبراهين أما مهمة الناصحين ووظيفة المصلحين.. فهي التواصي بالصبر على أقدار الله واليقين في موعود الله فبالصبر واليقين ينال النصر.. وتتحقق الإمامة في الدين وبالدين..{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون}َ (السجدة/24)