أخطاء الإسلاميين...بين التهوين والتهويل
عبد العزيز مصطفى كامل
واجبنا تصحيح المسار والمضي فيه باقتدار، مع إخلاص النية وفق المناهج السوية...وعلى الله البقية.
- التصنيفات: التصنيف العام - قضايا إسلامية معاصرة -
لست من هواة التهويل في أخطاء العاملين للإسلام في عصرنا.. ولست كذلك من دعاة التهوين من منجزاتاتهم ونجاحاتهم في زمان الغربة الذي نعيشه، وسط الحروب المتواصلة محليا وإقليميا وعالميا علي أهل الإسلام، من مكان إلى مكان وعلى مدار العام.. ولذلك لا أحب تكرار اجترار الحديث عن تلك الأخطاء...فكلنا خطاء - أفرادا وجماعات ومجتمعات - وليس من الإنصاف، بل هو من الإجحاف بحق أمة الخير - ألا نرى إلا معايبها وألا نعد إلا مصائبها..! ومما يدعو إلى ترك استمراء حديث الأخطاء؛ أننا نعيش منذ أكثر من مئة عام في ظرف استثنائي طويل، لا مرجعية فيه للمسلمين موحدة علميا، ولا قيادة راشدة عالميا..في أزمنة أزمات وهجومات همجية دولية، من أركان الجاهليات المعاصرة، المتحالفة ضدنا بواسطة (الأمم المتحدة علينا) من يهود ونصارى ووثنيين وملحدين ومنافقين...
رؤيتي - رغم كل ما نرى من عتامة المشهد وقتامته - أن خط سير الأمة - بمجموعها - يمضي في صمود...وأن نجمها يتعالى إلى مراقي الصعود..ومن شك في ذلك فعليه فقط أن يقارن في حياد وموضوعية..بين ماكان عليه أهل التمسك بالدين منذ نصف قرن..وبين ماهم عليه اليوم.. وهو ما استدعى تداعي الأمم على أمتنا وتحالفهم لاغتنام قصعتها..
زمان الحكم الجبري الذي طال، واستجلب العار والدمار، هو يقينا إلى زوال..ومقدمات أفوله ترى بأعين البصيرة، والمسافة الموصلة بعده لمرحلة الخلافة العالمية قصيرة.. ولابد أن تكون لها مقدمات وإرهاصات، ولامفر من أن تصاحبها ابتلاءات وممحصات وغربلة لجيل الغرباء، الذي اشتاق الرسول صلى الله عليه وسلم لرؤيتهم وهو بين أصحابه. كما في الحديث «وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا»، قَالُوا: أَوَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، إِخْوَانِي الَّذِينَ يَأْتُونَ بَعْدُ» (رواه مسلم (249)).
فليقلل العاذلون المبالغون في جلد الذات وتحقير غراس أصحاب التضحيات، فلا يدري أحد ماذا سيكون نتاج هذا الغراس وثمراته، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أمتي كالغيث لا يُدرى أوّلهُ خيرٌ أو آخرهُ» (رجح ابن حجر صحته بكثرة طرقه في الفتح 7 / 6). والحديث من المبشرات المثبتات لقلوب أواخر هذه الأمة، كما قال ابن تيمية:" إنّما معناه أن يكونَ في آخر الأمّة من يُقارب أوّلها حتّى يشتبه على بعض النّاس أيّهما خير، كما يشتبه على بعض الناس طرفا الثوب ". (مجموع الفتاوى --- 18 / 306)
واجبنا تصحيح المسار والمضي فيه باقتدار، مع إخلاص النية وفق المناهج السوية...وعلى الله البقية..