الدولة الديمقراطية

منذ 2011-05-09

إن مثقفي النظام السابق لا يريدون قيام الدولة الديمقراطية ، ويريدون أن يتخلى المصريون عن إسلامهم ليكونوا أناسا طيبين ، وغير متطرفين !



ذكرت بعض المصادر أن اجتماعا قد تم في إحدى المكتبات الشهيرة ، وسط البلد ؛ بين بعض مثقفي السلطة في النظام البائد ، وفريق من ضباط أمن الدولة المنحل لبحث المستقبل السياسي لمصر في ظل تنامي قوة التيار الإسلامي ، وكيفية مواجهته !

بالتأكيد فإن الجلادين لم يختاروا العمل مع مثقفي النظام البائد عبثا ، فهؤلاء صنائعهم ، وقد منحوهم الصدارة في عهد الرئيس المخلوع لينفذوا سياسته الرامية إلى تأبيد الاستبداد والفاشية البوليسية ، والتشهير بالإسلام والمسلمين من خلال استخدام مصطلحات التطرف والإرهاب والظلامية والإظلام والأصولية والرجعية والتخلف .. وغير ذلك من مصطلحات ، يرمزون بها إلى الإسلام دون أن يصرحوا به .


لا نعلم بالطبع ماذا دار بين الحظائريين والجلادين ، ولكن يمكن فهم ما دار في سياقات أخرى تبدو رد فعل لبعض الأحداث ..

فقد نقل عن أحدهم والقوم يناقشون كتابا له في إحدى المكتبات أنه طالب بتمديد فترة الحكم العسكري ثلاث سنوات أخرى ، حتى تتم صياغة دستور جديد ، وتقوم الأحزاب بإثبات وجودها في الشارع ، وأشياء أخرى !

الشخص نفسه انطلق في عموده اليومي بإحدى الصحف يهاجم رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون ،لأن خبرا نقل عنه يقضي بإلغاء القبل والمشاهد الحميمة في الأفلام والمسلسلات . ومع أن رئيس الاتحاد نفى هذا الخبر جملة وتفصيلا ، فإن الشخص المذكور أقام مندبة لأن الظلاميين أي الإسلاميين ، سيفرضون الظلام على مصر وأهلها ، وإذا كان يفعلون ذلك قبل أن يحكموا فما البال إذا وصلوا إلى كرسي الحكم ؟ لم يقل لنا حضرته هل يوافق على القبل والمشاهد بين أهل بيته وآخرين كما تنقل الشاشة الصغيرة أو الشاشة الكبيرة ؟ وهل إذا رفض بعضهم ذلك في الواقع العملي يصبح متخلفا وظلاميا ورجعيا ؟


إذا أضفنا إلى ما سبق دعوات من قبيل تقديم انتخابات الرئيس قبل مجلسي الشعب والشورى ، والتنديد المستمر بالتعديلات الدستورية ، والإعلان الدستوري ، والمطالبة بإقامة مجلس رئاسي مشترك من العسكريين والمدنيين ، ثم محاولة ابتزاز القوات المسلحة واتهام بعض ضباط المجلس الأعلى بالانتماء للإخوان المسلمين أو التعاطف مع السلفيين ، ثم موقف يحيى الجمل في التغييرات الصحفية والحوار الوطني وحملته على السلفيين وتكفيره لهم ، واستمرار الحملات الصحفية على الإسلاميين بشكل فج ومبتذل ..

نجد أن هذه التصرفات تؤكد أن ما يسمى الثورة المضادة تسعى إلى شيء واحد فقط ، هو وقف انتقال الحكم إلى المدنيين ، والقضاء على الأمل في إقامة الدولة الديمقراطية التي يحلم بها الشعب المصري بعد تضحياته الكبيرة ودمائه الغالية التي أريقت في ميدان التحرير وبقية الميادين ، وفي الوقت ذاته لا يكفون ن الحديث عن الدولة المدنية والمواطنة وعدم التمييز بين المواطنين !

الثورة المضادة التي يقودها مثقفو الحظيرة في الأماكن التي استمروا فيها ، تتضافر مساعيها مع محاولات زعزعة الأمن المستمرة التي يقودها البلطجية والمسجلون خطر من فلول المساجين الذين أطلقهم الجلادون قبل سقوط النظام ؛ ليترحم الناس على أيام الرئيس المخلوع وأجهزته القمعية ، ويقبلوا أن يحكمهم الجيش إلى الأبد ! ففي ذلك الجو الذي تموت فيه الديمقراطية والحرية ؛ ينتعش الجلادون وخدامهم المثقفون الحظائريون ، وتتحقق مقولة الجلاد الذي قال : إننا السادة وهم العبيد ، يقصد الشعب !


المثقفون الحظائريون ينتمون إلى العديد من التيارات المادية التي تجمعها الانتهازية ، والعداء للإسلام والمادة الثانية من الدستور ، والتحالف مع التمرد الطائفي المجرم ، وعددهم ليس كبيرا ، ولا يتجاوز مائة شخص على أكثر تقدير ، ولكنهم مهيمنون على الصحف اليومية الحكومية والخاصة ، والقنوات الفضائية ، ويتبادلون الأفكار ، أو ينسخون ما يقوله كبارهم فيردده صغارهم في نفس واحد ووقت واحد ، وبصيغة واحدة تقريبا ، وقد كوفئوا على خدمتهم للنظام البائد بالتمكين لهم بعد سقوطه ؛ بالمزيد من الأعمدة اليومية والمقالات الأسبوعية ، والوظائف الثقافية .

وبعد أن قامت ثورة يناير ظن الناس أنهم سيسقطون تلقائيا ، ولكنهم - يا للعار! - ارتدوا ثياب الأبطال ، وجعلوا من أنفسهم فلاسفة للثورة ومنظرين لها ، مع أنهم ذهبوا إلى قصر القبة قبل سقوط النظام بأيام ، وركعوا أمام الرئيس المخلوع ، وأشادوا بحكمته الذهبية، وعصره الذي لم يسبق له مثيل في الديمقراطية والحرية .. ألم يرددوا أنه أزهي عصور الحرية ؟

إن الحظائريين لم يسقطوا ولم يذهبوا مع النظام البائد ، ولكنهم تمكنوا ، وازدادوا تمكنا ، وكان حصنهم الحصين وطودهم الشامخ الراسخ يحيى الجمل يحميهم ويذود عنهم ، ألم يكن هو المستميت دفاعا عن بقاء سيده الرئيس حفاظا على الدستورية والتغيير الدستوري القديم وفقا للمادة 76 إياها ؟


لقد لبى رغبتهم بتعيين الوزراء الذين أرادوا . عين لهم وزير الثقافة الحالي بدلا من سكينة فؤاد ومحمد الصاوي الذي اتهموه أنه يصلي !وعين لهم وزيرا شيوعيا للتضامن الاجتماعي كان زميلا له في حزب توتو ،وكانت أكبر إنجازاته رفض الأسماء الإسلامية للجمعيات التي يتم تسجيلها في الوزارة ، وتصريحه الغريب بأن مصر لا يمكن أن تكتفي من القمح ؟!


لقد اكتشف الحظائريون وحلفاؤهم بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، أن وجودهم في الشارع المصري محدود للغاية ، مما يعني أن الشعب يرفضهم فكرا ومعتقدا وسلوكا ؛ لأنهم ببساطة يحاربون الإسلام دون مسوغ ، ويحاولون تشويهه بمناسبة وغير مناسبة . مع أن حرية الاعتقاد مكفولة بحكم الدستور . والأغلبية تؤمن بالإسلام . تأمل العنوان التالي لمقال نشره كاتبه بصحيفة الأخبار يوم 27/3/2011م . يقول العنوان :
" هل المتطرفون الدينيون‮.. ‬فوق القانون؟ الجاهلية الجديدة تهدد مستقبل مصر " .


يعلق المذكور على خبر كاذب ، نشرته إحدى الصحف نتيجة خطأ مهني فاضح ، ويتحدث عن إقامة الحد على شخص غير مسلم بقطع أذنه بمعرفة من يسمون بالسلفيين ! فيقول :
" الحادث مروع،‮ ‬كما وصفته الصحف‮.‬

فعندما تقتاد مجموعة من المتطرفين الدينيين مواطنا‮ »‬لإقامة الحد عليه‮« ‬بقطع إحدى أذنيه وإحراق شقته وسيارته بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح،‮ ‬لأنها تتهمه بإقامة‮ »‬علاقة آثمة‮« ‬مع فتاة‮ »‬سيئة السمعة‮« ‬كانت تقيم في شقة استأجرتها منه بمدينة قنا‮.. ‬فإن ذلك يعني إننا في مجتمع الغابة،‮ ‬وفي بلد بلا دولة وقوانين وأنظمة ومؤسسات‮.‬

وعندما ترفض الفتاة الاتهام بأنها علي علاقة بالمؤجر‮.. ‬يرغمها المتعطشون للعنف علي الاعتراف،‮ ‬تحت التهديد،‮.. ‬بوجود هذه العلاقة لكي تقوم مجموعة من الأشخاص‮- ‬بعدها‮- ‬بالهجوم علي شقتها وتكسير‮ محتوياتها بالكامل قبل قطع أذن المتهم‮!‬


هذا يعني أن هناك عناصر منحت نفسها حق توجيه الاتهام لأي مواطن وتقرير نوع العقوبة وإصدار الحكم وتنفيذ هذا الحكم علي قارعة الطريق‮!

وأمام حشد من الجمهور‮!.. ‬ولا يمكن أن يحدث ذلك في مجتمع متمدين وفي القرن الحادي والعشرين‮! ‬ولا يمكن أن يقع مثل هذا الحادث في دولة شهدت مولد فجر الحضارة الإنسانية‮" .


ويواصل المذكور التعبير عن تعصبه الأعمى ضد الإسلام والمسلمين من خلال تحريضه الرخيص الخسيس على قوم لم يرتكبوا هذا الجرم ، ولا علاقة لهم به ويضيف :
" إنهم يقدمون أنفسهم إلينا‮- ‬الآن‮- ‬باعتبارهم‮ »‬أصحاب البلد‮ " .

ماذا يقول صاحبنا بعد أن ثبت أن الموضوع بعيد عمن اتهمهم ؟ وأن الحادث جاء في سياق عادات وتقاليد اجتماعية تسود المنطقة التي حدث فيها ؟ إنها الحملة المنظمة لإهدار الثورة ، واستعادة النظام البائد ، واستمرار زمن الجلادين !

إن مثقفي النظام السابق لا يريدون قيام الدولة الديمقراطية ، ويريدون أن يتخلى المصريون عن إسلامهم ليكونوا أناسا طيبين ، وغير متطرفين !


 

المصدر: موقع العرب نيوز
  • 2
  • 1
  • 3,350
  • عبد العليم

      منذ
    لكي تتضح الصورة هل هؤلاء يكرهون الاسلام ام المسلمين,فان كرهوا الاسلام فهم فاسقون,وان كرهوا المسلمين فليحددوا السلفيين اوالصوفيين ام الاخوان ام المسلميين العاديين فقد يكونوا محقيين وقد يكونوا مخطئيين. فأستقامة المسلم ادخلت اكبر دولتيين في امة الاسلام اندنيوسيا ومالزيا.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً