المعلم الناجح
المعلم الناجح يَلقَى الاحترام مِن كلِّ مَن هو بالمؤسَّسة؛ لأنَّه يحضرُ إلى مقرِّ عمله نشيطًا والحماسة بادية على وجهه، وهو مِن السبَّاقين إلى أَخْذ تلاميذه إلى قسمهم؛ فهو متشوِّق إلى التدريس، وإفادتهم بما لديه من معلومات.
- التصنيفات: التصنيف العام - طلب العلم - الإسلام والعلم -
كان يحبُّ عمله حبًّا جمًّا، فكلُّ صباح يستيقظ باكرًا؛ ليحضر محفظته ويضع فيها كلَّ ما يلزمه؛ من طبشورة، ومذكِّرة، وكتاب مدرسيٍّ، رغم خفَّة وزنِ محفظته، فإنَّ ما يضعه فيها في غاية الأهميَّة، فهو السلاح الذي سيستعمله في تقديم درسه، والوجبة الطازجة التي ستُقدَّم لتلاميذه، والماء الزلال الرقراق الذي سيروي ظمأهم وعطشَهم.
يقضي ليله إلى ساعة متأخِّرة في التحضير؛ فالأوراق كثيرةٌ، والمراجع متعدِّدة، والفكر متوقِّد، يبحث عن أفضل السُّبل لرسم درسه الذي سيعرضه، يضع خطَّةً محكمةً خاليةً من الثغرات؛ حتى تسير الحصَّة بسلاسةٍ، ولا يُحس تلاميذُه بالملل، يجعل كلَّ دقيقةٍ خاصَّة بالدرس، فيخرُجون وقد امتلأت عقولُهم بالمعلومات، ويحس هو بالنشوة ولذَّة الانتصار.
يَلقَى الاحترام مِن كلِّ مَن هو بالمؤسَّسة؛ لأنَّه يحضرُ إلى مقرِّ عمله نشيطًا والحماسة بادية على وجهه، وهو مِن السبَّاقين إلى أَخْذ تلاميذه إلى قسمهم؛ فهو متشوِّق إلى التدريس، وإفادتهم بما لديه من معلومات، أمَّا تلاميذه فيُلقُون عليه التحيَّة باحترام؛ لأنَّهم يقدِّرون المجهود الذي يبذله لأجلهم، ويعلمون أنَّ التحسُّن الذي يعتريهم سيكون بانتباههم وتطبيق ما يطلبه منهم، فيُحصِّلون العلاماتِ الجيدة، وتتحقَّق لهم الفائدة المرجوَّة.
ينصحهم خلال الدَّرس، ويحثُّهم على الاجتهاد والعمل، واعتبار العلم مرتقًى يرتقون به إلى المراتب العُليا، فتعجبهم كلماتُه، وفي الحصة الموالية يطبِّقون ما أراده منهم؛ لأنَّ فيهم رُوح المسؤوليَّة، والشعور بأنَّ الذي أمامهم صادقٌ في عمله، ولا يخون الأمانةَ، والتجاوبُ الذي يحصل مِن قِبَلِهم يثلج صدرَ أستاذهم، ويفرحه فرحًا شديدًا، فما يقوم به لم يذهب هباءً منثورًا؛ بل هو صائبٌ وفي الصميم، ويؤدِّي المطلوب واللازم.
يعمل بجدٍّ ويتعب، والإرهاق الذي يصيبه ينساه برؤيته لإشارات إيجابيَّة، وعرفان بالجميل مِن قِبَل تلاميذه، وكم هي رائعة العلاقة التي تجمعه بهم، ودٌّ وتقدير ومهابة، لا يجرؤ أحدهم على تجاوز حدوده معه؛ لأنَّه أستاذهم ومعلِّمهم ومربِّيهم، هو القدوة التي يقتفون أَثَرَها، وهو ملقِّنهم للنور الذي يضيء عقولَهم، وهم ببراءتهم وطفولتهم وحيويَّتهم الزائدة يتفاعلون بتميُّز، ويتنافسون فيما بينهم، ويبين كلٌّ منهم أنَّه الأحسن والأفضل، فيقابل كلَّ هذا بابتسامة، فيرحم صِغَر سِنِّهم، ويذكِّر نفسَه بالمسؤولية الثقيلة، وأنَّ عليه ألا يدَّخر جهدًا لأجلِهم.
الكاتب: أسامة طبش