الإسلاموفوبيا...عنوان متجدد لقمع المسلمين

منذ 2018-03-11

ينظر السياسيون إلى الإسلام نظرة الهلع والخوف من الهيمنة السياسية والوحدة المفضية إلى قوة عالمية تنازعهم في رسم خريطة العالم والهيمنة على صناعة المستقبل كلُّ وَفْق أولوياته، على عكس الشعوب التي ترى الإسلام من زاوية أخرى تماماً وهي واجهة اجتماعية بحتة؛ إذ يرون في معتقدات الإسلام وأصوله ما يهدد حرياتهمينظر السياسيون إلى الإسلام نظرة الهلع والخوف من الهيمنة السياسية والوحدة المفضية إلى قوة عالمية تنازعهم في رسم خريطة العالم والهيمنة على صناعة المستقبل كلُّ وَفْق أولوياته، على عكس الشعوب التي ترى الإسلام من زاوية أخرى تماماً وهي واجهة اجتماعية بحتة؛ إذ يرون في معتقدات الإسلام وأصوله ما يهدد حرياتهم.

الإسلاموفوبيا...عنوان متجدد لقمع المسلمين

لم يكن ظهور مصطلح الإسلاموفوبيا سنة ١٩٩٧ بالأمر الجديد والمستحدث في تاريخ الصراع الفكري والعقائدي بين الإسلام والأمم الأخرى، إذ لازَمَ ظهور الإسلام في بدايات نشأته الأولى رهاب فكري كبير، وهو ما دفع سادة مكة أن يقدموا العروض المغرية لرسول الإسلام من متاع ومُلك وسياده، وهي في نظرهم غنيمة تستحق التضحية بالأفكار والمبادئ.

وتلك الوسائل المحاربة للأفكار تمت ترجمتها حديثاً في صورة خدمات دخيلة على المجتمعات تقدمها الدول من أجل ترسيخ أفكار معينة أو محو أخرى، وكلها تنحرف عن الإسلام الصحيح.

الإسلام الصحيح الذي يسعى في غايته إلى إقامة مجتمع على أساس معنوي صحيح ومترابط، ليتسنى له تشييد بنيان مادي قوي ومتين، لا تشوبه شائبه، ولا يهدد كيانه اعتقاد خاطئ أو عبادة مشوهة.

إننا إذ نبحث في ظاهرة الإسلاموفوبيا لَحرّي بنا تعريفها تعريفاً دقيقاً من وجهة نظر المصابين بتلك الفوبيا، حيث يراها صنَّاع القرار الغربي من زاوية، كما تراها شعوبهم من زاوية أخرى تماماً؛ إذ ينظر السياسيون إلى الإسلام نظرة الهلع والخوف من الهيمنة السياسية والوحدة المفضية إلى قوة عالمية تنازعهم في رسم خريطة العالم والهيمنة على صناعة المستقبل كلُّ وَفْق أولوياته، على عكس الشعوب التي ترى الإسلام من زاوية أخرى تماماً وهي واجهة اجتماعية بحتة؛ إذ يرون في معتقدات الإسلام وأصوله ما يهدد حرياتهم - من وجهة نظرهم - ويهدم الكثير من ماديتهم التي تجرد الإنسان من روحانيته، وتمسخه ليصبح هيكلاً بلا روح.

إن هذه الفوبيا التي تملأ عقول تلك المجتمعات لا تعدو طُعماً تتلقفه العقول من مراكز متخصصة في صناعة الأوهام وتوجيه الرأي العام تجاه قضايا معينة لسهولة التحكم في قرارته في ما بعد، وخلق أرضية مجتمعية تساعد في أخذ القرار السياسي بما يتوافق مع مصالح تلك المراكز وهذه المنظمات.

إن الإسلاموفوبيا التي تجتاح العالم اليوم إنما هي أزمة مصطنعة، ولا تتعدى كونها أداة جديدة تساهم في مزيد من تسعير نار الحرب على الإسلام وخلق شعبية لهذه الحرب تمدهم بالأصوات الانتخابية ومزيد من الدعم المادي متى احتاجوا إليه.

إن ثمة فتنة أفكار كبرى تعصف بالشرق والغرب اليوم، تفسد على الناس دنياهم، وتشككهم في دينهم، وتصب عليهم البلاء صبّاً.

تلك الأفكار المغلوطة تتحكم فيها أجهزة إعلام عالمية، وصنّاع قرار، ومراكز دراسات تختص ببث تلك الأفكار المشوهة عن الإسلام والمسلمين.

ولعل مقاومة تلك الفوبيا المراد لها الاستشراء في العقول التي لا تتيح لنفسها فرصة البحث عن الحقائق، لا يمكنها أبداً أن تتأتي بنتيجة إيجابية ما لم يكن لها خطوط دفاع فكرية منظمة تعمل على تفنيد تلك الأباطيل، وتوضيح حقيقتها في التشريع الإسلامي، ولكن هل يمكن أن تنجح أطروحات ومراكز دراسات منظمة في نشر القيم الحقيقة التي يزخر بها الإسلام الحنيف وتقلل من حالة الفوبيا التي تسيطر على عقول الشعوب المعادية للإسلام؟ بالطبع يمكنها ذلك، شريطة أن يلازم تلك الجهود صدى لها في خصال المسلمين على الأرض.

إن ترجمة الإسلام في أفعال المسلمين من شأنه أن يبعث مزيداً من رسائل الطمأنينة للمتخوفين من الإسلام وشرائعه، وهذه الأفعال التي أقصدها هي نماذج إنسانية حية تدب على الأرض، تحمل رسالة الله الصحيحة وتحولها إلى سلام ومحبة وعدالة تحمي الإنسان من ظلم نفسه لنفسه، وتعمّر حضارات لا تدمرها، وتضمد جراحات غائرة عانت من قهر الإنسان لا تعمّق ألمها، وتحمل مشاعل العلم الذي دعا إليه الإسلام في أول ما نزل به الوحي على رسول الإسلام صل الله عليه وسلم.

ولعلنا إذا تعمقنا في البحث عن حالة الفوبيا التي تلازم العقول التي لا تسمع عن الإسلام إلا في نشرات الأخبار المليئة بمشاهد القتل والدمار في بلاد مسلمة تحكمها أنظمة مسلمة، لهي فوبيا مؤقته قد تزول بزوال المسبب.

والمسبب هنا هي حالات القتل والترهيب والادعاءات الكاذبة بدموية الدعوة الإسلامية، ودعوتنا بريئة من أفعال أبنائها التي تتنافى مع ما تدعوا إليه في جوهرها، من المؤكد أن ما لا يعرفه الغرب عن تجريم الإسلام لسفك الدماء أنه جعل ذلك أشد عند الله من هدم الكعبة قبلةِ المسلمين قاطبة، ولكن ترجمة المسلمين لتعليمات الإسلام سبقت في رسم الانطباعات العامة عن هذا الدين.

إن قضية الدماء المهدرة في ربوع بلاد الإسلام لهي باعث حقيقي على مزيد من حالات الفوبيا والهلع التي تجتاح العالم من الإسلام اليوم، لأن العالم يرى دماء نازفة حيثما وجد المسلمون، وهذه الدماء هي بالضرورة لمسلمين، وليس شرطاً أن يكون القاتل غير مسلم، بل في معظم الأحايين تجد القاتل مسلم يكبّر الله وهو يستل سيف البغي على رقبة أخيه، والمقتول في اللحظة نفسها مسلم أيضاً يرفع سبابته وهو في السكرات ليشهد أن الله الذي كبّره القاتل هو إله واحد لا شريك له وأن محمداً عبد الله ورسوله.

لا يذهب دم في الإسلام هدراً، بل جعل الله القصاص ليكون حياة للناس، وجعل في قتل النفس قتلاً للناس جميعاً، ولا فرق بين قتل خطأ وقتل عمد، كلاهما هدر للدماء فوجب دفع الثمن.

لقد بلغ عدل الإسلام في قضية الدماء أنه شدد على ضرورة البحث والاستقصاء حتى تتم معرفة القاتل، وذلك يكون عن طريق الشهود، فإن لم يوجد شهود فعن طريق الأدلة والإثباتات، فإن لم توجد فعن طريق ولي أمر المجني عليه، فإن لم يتعرف على القاتل بعد كل ذلك، ذهبت السلطات إلى أهل الحي أو القرية التي شهدت عملية القتل على أرضها فيختارون منهم خمسين رجلاً عدلاً ليقسموا أنهم ما قتلوه ولا يعرفون قاتله، وبذلك يسقط الدم ولا تسقط الدية، فتدفع هذه القرية دية المقتول، فإن لم يدفعوا التزمت الدولة بدفعه لأن عليها حماية الناس وتأمينهم.

وقُدِّرت دية المقتول في الإسلام بمائة ناقة لا يقل عمر الناقة فيها عن سنة كاملة، أو ما يعادلها بالعملة المتعارف عليها بين الناس.

إن هذا الاهتمام بأدق التفاصيل في الحفاظ على دم الإنسان، وتعظيم هدره، وتجريم المشارك فيه حتى لو بشطر كلمة لم يسبق الإسلامَ فيه أحدٌ، ومع كل ذلك فإنه ما ذُكر الإسلام في الغرب إلا وترى النفور في الأعين، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تلك العيون وصلت إليها تلك التفاصيل العظيمة عن مدى اهتمام شريعة الإسلام بحياته وتجزأت في أدق التفاصيل للحفاظ على سلامته وتوفير وسائل الأمان المادي والمعنوي له؟! أظنه يستحيل أن يكون وصل إليه ذلك، لأن الأفكار المغلوطة قد سبقتنا إليهم، فإن لم يكن ذلك فأفعالنا التي ابتعدت كل البعد عن سماحة الإسلام وقسطه.

ومن هنا تضخمت واستفحلت الفوبيا فملأت عقولهم عن عقيدة الإسلام وعن المسلمين، وفي ذلك نجاح لمروجي الإشاعات، ونجاح لأعداء فكرة التعايش بين الحضارات، ولا ريب أن المصابين بمرض الإسلاموفوبيا يمكن أن يُشفوا منه بمجرد تصحيح الأفكار المغلوطة عن الإسلام لديهم، ناهيك عن أن الإنسان بطبعه عدو ما يجهل، فما بالكم إن كان هذا الجهل هو تجهيل متعمد، ويمس بطريقة مباشرة حياته وراحته وسلامة روحه.

إننا كمسلمين لسنا بحاجة لمفاخر تاريخية توضح زهو حضارتنا وعظمتها وأسبقيتها في نشر القسط والعلم بين الأمم، لسنا بحاجة لذلك بقدر ما نحن بحاجة إلى الولوج في أعماق عقول المتخوفين من تشريع الإسلام، وتوضيح حقيقة ذلك لهم، وتقديم تفسيرات مبسطة لمبادئه وقوانينه، ومدى عدالتها بين الناس أجمعين، وأن الإسلام دين وسط، يحقق للإنسان رفاهية معنوية من خلال الاهتمام بما يغذي روحه وعقله، ورفاهية مادية من خلال دفعه إلى الإنجاز والتعمير والعمل.

إن انتشار الأفكار الصحيحة عن الإسلام من شأنه أن يُحدث حالة من المراجعات الفكرية لدى كثير من الذين تجتاح حياتَهم فوبيا الإسلام، وهذه المراجعات ستؤدي بدورها إلى تخفيف الحملة الشرسة على الإسلام والمسلمين، بل تفتح لهم أفقاً واسعاً للتفكير في اعتناقه لِمَا سيرونه من حقائق دامغة وسماحة لا مثيل لها في شرائع بشرية.

إن النتيجة الطبيعية للإسلاموفوييا هي ما نراه اليوم من هجمة شرسة تستهدف ديننا وأموالنا بل استقرار بلادنا ووحدتها، لقد آن الأوان أن ندرك مدى تأثير حروب الأفكار، وخطورتها في تنشئة أجيال لا تعرف معنى التعايش السلمي بين الحضارات.

آن الأوان أن ننظم أنفسنا ونتصدى للمحاولات التي تستهدف عقائدنا وتبث السم في مبادئ الإسلام وتزيد حالة الرعب الكوني من المسلمين وإسلامهم فيتعمق المرض وتزداد الهجمة ونفقد رسالتنا الخالدة وأن الإسلام رحمة للعالمين لا مرضاً يخشونه ويصابون بالرعب من انتشاره

 

الكاتب: مصطفى المصري 

  • 2
  • 0
  • 2,428

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً