المرأة وحصان طروادة
محمد بن شاكر الشريف
تروي الأساطير الإغريقية أن الإغريق حاصروا مدينة طروادة لمدة عشر سنين لكنها استعصت عليهم فاحتالوا لذلك وصنعوا حصاناً خشبياً كبيراً وملؤوه بالجنود وأظهر بقية الجيش انسحابه، ففرح الطرواديون بذلك وأخذوا الحصان وأدخلوه الحصن وعندها خرج الجنود من الحصان وقاموا بفتح أبواب الحصن لبقية الجيش الذي سارع بدخول المدينة؛ حيث قتلوا الرجال جميعهم واسترقُّوا النساء والأطفال.
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
باستثناء بعض القضايا الهامشية التي يلمع بريقها في أعين بعض النسوة، والتي هي بمنزلة حبة القمح التي يضعها الصياد في شباكه ليصطاد بها ما أراد، لا نكاد نجد لهذه الحركة من مردود؛ سوى إثارة العداء بين مكونَي المجتمع (الرجل والمرأة) وتحويل العلاقة القائمة بينهما على التكامل والتعاضد إلى علاقة قائمة على التنافر ومحاولة إثبات الذات وقهر الآخر
حظيت المرأة (أماً أو أختاً أو زوجة أو بنتاً) برعاية كاملة وصيانة تامة في شرع الله، تعالى. وليس هذا من قبيل الكلام العاطفي ولا مجاراة أو التفافاً على مطالب الحركة النسوية، التي تُهين المرأة وتُفقِدها خصائصها بزعم تمكينها ومساواتها بالرجل! والناظر في كتاب الله -تعالى- وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم من المذاهـب المختلفـة يدرك ذلـك لا محالة؛ إلا أن يصدَّه عن ذلك هوى أو جهل، وقد خلق الله الخلق ونوَّعه بحكمته التي بهرت أولي الألباب والنُّهى؛ فجعل الله - سبحانه وتعالى - من خَلقِـه الأحيـاء والجمــادات، وابتلـى - سبحانه - من الأحياء مَنْ ابتلى بالأمر والنهي؛ فجعلهم فرقتين: فمنهم الذكر ومنهم الأنثى.
وقد اختص الله -تعالى- بحكمته الباهرة كل نوع منهما ببعض الأحكام الشرعية المناسبة لطبيعة الخِلقة التي خلقهم عليها والأعمال التي كُلِّفوا بها، وقد كانت النساء ممن خصهن الله - تبارك وتعالى - وميَّزهن عن الرجال ببعض الأحكام الشرعية المناسبة لطبيعة المرأة التي خُلِقت عليها، وللعمل المطلوب منها؛ وإن كان الرجال والنساء جميعهم يشتركون في الأعم الأغلب في الأمور المأمور بها أو المنهي عنها؛ وذلك تصديقاً لقوله -تعالى-: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50]؛ فالله - تبارك وتعالى - هو الذي خلق المخلوقات جميعها وأعطى كل مخلوق الخِلقة التي أرادها له، ثم هدى كل مخلوق لِـمَا خلقه له:
إما هداية كونية قدرية: بما فطرهم عليه من السعي في تحصيل المنافع المناسبة أو الملائمة لهم ودَفْع المضار عن أنفسهم.
وإما هداية دينية تشريعية: بما شرعه لهم من الشرائع التي يترتب على العمل بها الفلاح في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة.
ومع أن هذا التنــوع الذي أوجده الله - سبحانه وتعالى - (شرعاً وقدراً، أو أمراً وخَلقاً)، هـو من التكـامل بين النوعين؛ وذلك في كل ما خلق الله -تعالى- من الأمم؛ كما قال -تعالى-: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم} [الأنعام: 38].
ومع أن كل الأمم المخلوقة قَبِلت هذا التنوع؛ إلا أن هناك فئة ممن اجتالتهم الشياطين من أمة البشر رفضت هذا التنوع وسعت بكل جهدها في مهاجمته ومحاولة إلغائه أو إلغاء نتائجه ومــا يترتب عليه، معتمــدين في ذلك علـى ما يدَّعـونه من ضرورة المسـاواة التامة بين الذكر والأنثى في جميع المجالات؛ وإلا كان الظلم والبعد عن قيم التحضر والإنسانية.
كيف يمكن أن تُجعَل الخليقة كلها نموذجاً واحداً يساوَى بينها في كل شيء، رغم الخلاف التكويني بين الذكر والأنثى الذي لا يمكن أن يُنكَر أو يُجحَد مهما فعل المخربون، ومهما كانت إرادتهم؟ وقد يتساءل الإنسان محتاراً: ما الذي يحمل هؤلاء على هذا المذهـب؟ وما الـذي يدعوهـم إلـى مخالفـة ما استقرت عليه البشرية منذ خلق الله - عز وجل - آدم وزوجه؟ وهل هناك أمور جدَّت في الحياة تستوجب هذه المخالفة؟ لكن عندما يعلم الإنسان أن الشيطان هو قائد هذا التصور والتفكير، تزول حَيْرته وتتضح في ذهنه خطوات الشر المطلوبة، تلك التي لا تنتهي إلا بإخراج الناس من دين الله، تعالى. ولَعَمْرُ الحق: إن تلك المساواة التامة التي يدعون إليها في جميع المجالات من غير نظر إلى طبيعة جنس الإنسان وإمكاناته والدور المناط به في الحياة، لَهِي الظلم المبين.
لقد كانت تلك المحاور: (طبيعة الجنس، وإمكاناته، والدور المناط به في الحياة) من أهم العقبات التي اعترضت طريق أتباع الشيطان نظراً للتباين الواضح فيها بين الجنسين، والـذي لا يمكـن جحـده أو ردُّه إلا بالمكابرة والمغالطة، وكان لا بد لهم من التغلب علـى ذلـك وإلا كانت عاقبة مشروعهم الإخفاق، لكن كيف يمكنهم التغلب على ما ليس في أيديهم وليس لهم إليه طريق؟
لقد كـان المطلـوب أو المعروض بداية، هو ما أسموه زوراً: «تحرير المرأة» ثم تطور الأمر إلى المطالبة أو الدعوة إلى المساواة ثم انتقل الأمر إلى إلغاء الفروق التشريعية، عن طريق إبطال كل التشريعات التي تفترق فيها المرأة عن الرجل (ولو كانت التشريعات دينية)، والعمل على إلغاء الفروق البيولوجية أو إلغاء نتائجها؛ حيث اخترعوا مصطلحاً جديداً، هو: (الجندر) وفيه يُنظر للرجل أو المرأة على أنه نوع وليس جنساً؛ فهو مصطلح يراد إحلاله محل لفظ الجنس؛ إذ الأخير يعبِّر عن الفوارق البيولوجية بين الذكر والأنثى أما الجندر؛ فهو يعبِّر عن الفوارق الاجتمـاعية بينهما والدور الذي يرغب أحدهمــا فـي القيـام بـه؛ فليست المـرأة - وَفْق مصلح الجندر - مَنْ كانت تتوفر فيها خصائصها البيولوجية؛ وإنما من أراد أن يقوم بوظيفة المرأة ولو كان رجلاً. وكذلك ليس الرجل من توفرت فيه خصائصه البيولوجية وإنما من أراد أن يقوم بوظيفة الرجل حتى وإن كانت امرأة؛ ومن هنا يتزوج الرجل رجلاً آخر على أساس رغبته في القيام بوظيفة المرأة، وتتزوج المرأة امرأة أخرى على أساس رغبتها في القيام بوظيفة الرجل. لقد بدأ هذا الانحراف في أوله في دول الغرب النصراني والشرق الإلحادي، ثم بدأ الآن يتقدم بخطىً حثيثةٍ نحو بلادنا الإسلامية مستعيناً في ذلك بغلبة الأنظمة العَلمانية على الكثير من بلاد المسلمين، مستخدماً آليات صنع القرارات والقوانين والتشريعات من خلال الديمقراطية الزائفة؛ لتحقيق تلك التصورات وفَرْضها في الواقع. وهذا يستتبع ويتطلب منا رَصْد هذه الاتجاهـات وكشـفها وبيان ما فيها من خلل وخَطَل وزلل والعمل على مقاومتها؛ حتى تنجو منها مجتمعاتنا الإسلامية، بإذن الله تعالى، كما قال الحسن البصري: أترغبون عن ذِكْر الفاجر؟ اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس.
وعندما نرصد الأصول الفكرية التي يرجع إليها الفكر النسوي الغربي والحركة النسوية القائمة عليه، نجد أنها تنطلق من زاوية أحادية تقوم على تمجيد الأنثى والتمركز حولها حتى يصل هذا الفكر في غلوائه إلى جعل الأنثى معبودةً (أي: جَعْلها إلهاً). ولما كانت اللغة لا تساعدهم على ذلك؛ إذ ليس في اللغات - على تعددها واختلافها - لفظ «إلهة»؛ فإنهم يسعون في تكوين قاموس نسوي؛ حتى يتمكنوا من إدخال مثل هذه الألفاظ.
ولما كانت الرسالات السماوية القائمة على الوحي الإلهي لا تذكر هذا الهراء أو تُقرُّه (وَهُم يرون أن الدين القائم على الوحي قد ربط الخبرة البشرية كلها بلفظ المذكر وضمير التذكير)، فقد صار الدين عندهم هو العائق الذي يعوق تقدُّم المرأة وتحقيقها لوجودها وأهدافها، وأن المرأة لا يمكن لها أن تتقدم إلا إذا قامت بتحطيم الدين القائم على الوحي، ومن هنا انطلق الفكر النسوي المعادي لجميع الرسالات السماوية على تعدُّدها، وإن كانت خبرتهم في ذلك لا تتجاوز ما هو مسطور في الكتب النصرانية والأناجيل المحرَّفة؛ إذ كل ما بين أيديهم من نظرة دونية أو تصرُّف غير صحيح تجاه المرأة إنما هو من تلك الكتب ومن أفكار قسيسيهم أو مفكريهم المستندة إليها، ولما كان الإنسان في غالب شأنه وأَمْره بحاجة إلى التدين؛ إذ لا يمكنه أن يعيش بغير دين، فقد اتجه الفكر النسوي إلى الدعوة إلى الوثنية وعبادة الطبيعة انطلاقاً من أن الطبيعة أنثى، ومن ثَمَّ فإن المرأة من خلال عبادتها لأنثى مثلها - كما يفترون ويتصورون - يمكن أن تحقِّق وجودها. ولئن كان الفكر النسوي الغربي قد تجاوز الدعوة إلى تحرير المرأة من العقيدة الدينية القائمة على الوحي الإلهي في الغرب؛ فقد عمد إلى فرض ذلك على الدول والشعوب غير الغربية، وإلزامهم بتبنِّي أفكارهم وتصوراتهم ومناهجهم مستخدمين في ذلك المنظمة الدولية «منظمة الأمم المتحدة» التي تحولت إلى أكبر مسـوِّق للفكر النسوي عن طريق عقد المؤتمرات وطرح الأجندات والإلزام بالقرارات؛ مع أن هذه التصورات لا تمثل مشترَكاً إنسانياً وإنما تمثل رؤية مجتمعات معيَّنة أو جماعات معيَّنة في هذه المجتمعات.
وفي ظل تفرُّد قطب واحد بالقوة المفرطة في العالم، ووقوع تلك المنظمة في أَسرِه، تدور في فلكه، وتعمل على تحقيق رغباته أو على الأقل عدم الاصطدام بها، تظهر الخطورة البالغة لذلك الفكر النسوي الذي يلقى دعماً كبيراً من القوى العالمية المناوئة للإسلام على أساس أنه: المطرقة العظيمة التي يمكن أن تتحطم بها مجتمعات المسلمين.
لقد بدأ الآن يطرق أسماعنا بقوة الحديث عن حق المرأة في الإجهاض من غير أن يكون هناك مصلحة طبية من وراء ذلك (بل حتى من حمل حصل من غير زواج)، وحق ممارسة الجنس الآمن الذي يعطي المرأة الحق في إشباع حاجتها الجنسية بالطريقة التي تقررها هي بمحض إرادتها لا بالطريقة التي تضبطها لها معايير أخرى ولو كانت دينية، وحتى يتحقق ذلك ينبغي تعليم المرأة الجنس حتى تحصل على المتعة دون مخاطر، وتوفير خدمات الصحة الإنجابية المتمثلة في موانع الحمل والواقيات الذكرية والأنثوية، ويشيرون أحياناً في هذا الصدد إلى أن السحاق أفضل وسيلة لتحقيق الجنس الآمن، مع توفير الدعاية الكافية والوسائل اللازمة لذلك. وفي هذا كله مخالفة قاطعة للأحكام الشرعية، وأن استخدام هذه الألفاظ إنما هو من قبيل التمويه.
كما يدعون إلى إلغاء مفهوم الأسرة الذي درج عليه الناس منذ بداية الخليقة، إلى أسرة مكوَّنة من رجل ورجل آخر يقوم بدور المرأة، أو أسرة مكوَّنة من امرأة وامرأة أخرى تقوم بدور الرجل، إلى غير ذلك من تلك المهاوي والمهالك.
وتبذل الحركة النسوية الآن جهودها الحثيثة في محاولة تحقيق وتنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وخاصة مؤتمر بكين 95 الذي يمثل نقطة فارقة في تاريخ الحركة النسوية؛ حتى إنه ليؤرَّخ به، فيقال: مؤتمر بكين، ومؤتمر بكين زائد خمسة (بكين + 5) وبكين زائد عشرة (بكين + 10)، وتطبيق اتفاقية: (مكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة) التي تُعرَف اختصاراً بـ: (السيداو)، والتي تعني في حقيقتها: إلغاء الفروق التشريعية بين الرجل والمرأة، ومحاولة إلغاء آثار الفروق البيولوجية بينهما، وهو ما يعني في النهاية: القضاء على الصورة الشرعية والإنسانية للأسرة التي تتكون من زوج وزوجة وأولاد، وتكون فيها المرأة مقصورة على زوجها وراعية لأطفالها تلفُّهم بحنانها ومسؤوليتها، إضافة إلى تدبيرها لأمر بيتها وطاعتها لزوجها في جو من الأُلفة والمحبة والتعاون. وابتداع صور متعددة للأسرة التي تتكون فيها الأسرة من زوجة وعدة أزواج (الإباحة الجنسية)، أو من رجل ورجل (اللواط)؛ حيث يقوم أحدهم بوظيفة المرأة حسب مفهوم الجندر، أو من امرأة وامرأة (السحاق)؛ حيث تقوم إحداهما بوظيفة الرجل حسب مفهوم الجندر أيضاً.
لقد صار الفكر النسوي المنحرف في مجتمعاتنا الطريق المعبد للعمل على نشر الانحلال الخُلقي والدعوة إلى الحرية الجنسية عن طريق نشر ما يسمونه الثقافة الجنسية، والدعوة إلى تعلُّم الجنس (وهو الاسم المهذب للدعوة إلى الزنا)، ومحاربة الزواج المبكر (لتضييق منافذ الحلال)، ومنع شريعة ختان البنات وسنِّ القوانين لمعاقبة من يفعل ذلك، والترويج لممارسة الجنس بين المراهقين والمراهقات من غير زواج عن طريق توفير خدمات منع الحمل والإجهاض، واستهداف التراث الحضاري الإسلامي برفض كل ما يمتُّ إلى ذلك بصلة في محاولة للتذويب الحضاري ومسخ هوية أو دين المجتمع، إلى جانب العمل على نَشْر ثقافة الاستسلام والقبول بالأمر الواقع وكأنهم يقدِّمون بذلك هدية للطغاة المفسدين من اليهود والنصارى الذين يحتلون بلاد المسلمين في فلسطين وأفغانستان والعراق والشيشان وغيرها، اعترافاً بالجميل على دعمهم لهذه الأفكار ومساندتهم لمروِّجيها. ولَـمَّا كانت هذه الدعوات تحتاج في إقناع الناس بباطلها إلى دعم مادي كبير، فقد انهالت التبرعات من الأموال الخارجية على تلك الجمعيات التي تقوم بتسويق الفكر النسوي فيما عُرِف بالتمويل الخارجي، ومما يؤسف له أن هذا التمويل يدخل مخترِقاً جميع الحجب والجُدُر جِهاراً نهاراً علانية من غير إسرار، من غير أن تستطيع الدول في ظل ضعفها وخوفها ورعبها من سوط المتسلط الصليبي أن تتخذ موقفاً يحفظ للبلد أمنها من أن تخترقها مثل هذه الجمعيات. ومع أن هذا التمويل الخارجي هو في حقيقته يخدم الدول المتبرعة به أكثر مما يخدم الدول المستفيدة منه ظاهرياً؛ إلا أنه مع ذلك يُستخدَم في إذلال تلك الدول وفي التدخل في شؤونها الداخلية فيما يسمونه بالسيادة الوطنية والتأثير في خِياراتها وقناعاتها حتى صارت القرارات في القضايا المصيرية لا يُبَت فيها إلا بعد الرجوع إلى ولاة الأمور (الحقيقيين)، وهم القوة الهمجية المتحكمة في العالم بالقهر؛ حتى صارت كثير من الدول التي يحكمها (حكام وطنيون!) تستحق أن يُطلَق عليها تعبير: «دول محتلة من الباطن».
لقد عمل الفكر النسوي المنحرف على تحريض النساء ضد المجتمع، وإذكاء روح التناحر والشقاق مع الأزواج، ووقوف المرأة في موقف المعاداة مع الرجل، ومعاداة الشريعة عن طريق تأويلها والخروج على أحكامها الواضحة، أو إعلان رفضها صراحة وتنفيذ الأجندة الغربية بالتعاون مع النخبة المتغربة، واعتبار العَلمانية المرجع الذي يُحتَكم إليه.
ولنا أن نتساءل في النهاية: ما المردود الحقيقي لهذه الحركة النسوية في مجتمع المسلمين؟
بعيداً عن ضجيج الألفاظ الفخمة والصياح العالي، والنفقات المالية الضخمة، ما الذي تقدِّمه هذه الحركة حقاً للنساء؟ وما القضايا المحورية التي تريد تلك الحركة الوصول لتحقيقها بعيداً عن القضايا الفرعية الهامشية التي تُستخدَم لتسهيل ما بعدها أو لإغضاء الطَّرْف عنه؟
إنه باستثناء بعض القضايا الهامشية التي يلمع بريقها في أعين بعض النسوة، والتي هي بمنزلة حبة القمح التي يضعها الصياد في شباكه ليصطاد بها ما أراد، لا نكاد نجد لهذه الحركة من مردود؛ سوى إثارة العداء بين مكونَي المجتمع (الرجل والمرأة) وتحويل العلاقة القائمة بينهما على التكامل والتعاضد إلى علاقة قائمة على التنافر ومحاولة إثبات الذات وقهر الآخر، وإفساد المجتمـع بإباحـة الحـرية الجنسية ومخالفة الأحكـام الشـرعية في كل ما يتعلق بالمرأة حتى يصبح المرجع الذي يُرجَع إليه في ذلك هو قرارات الأمم المتحدة والمؤتمرات النسائية المنبثقة عنها وليس كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما يترتب على ذلك من ضعف المجتمعات وخَوَرها؛ حتى تصير لقمة سائغة في أفواه الأعداء؛ فيتمكنوا من تغيير دينها كما هو مشاهَد اليوم من عمل محموم للتنصير في كثير من بلاد المسلمين، ومن ثَمَّ تغيير ثقافتها ونهب ثرواتها، وبذلك تُستخدَم قضايا المرأة ضد دينها وضد مجتمعها كحصان طروادة.
تروي الأساطير الإغريقية أن الإغريق حاصروا مدينة طروادة لمدة عشر سنين لكنها استعصت عليهم فاحتالوا لذلك وصنعوا حصاناً خشبياً كبيراً وملؤوه بالجنود وأظهر بقية الجيش انسحابه، ففرح الطرواديون بذلك وأخذوا الحصان وأدخلوه الحصن وعندها خرج الجنود من الحصان وقاموا بفتح أبواب الحصن لبقية الجيش الذي سارع بدخول المدينة؛ حيث قتلوا الرجال جميعهم واسترقُّوا النساء والأطفال.