هل السلفيون وحدهم من يدافع عن الدين؟!
إبراهيم بيدون
وحتى لا أطيل، فالمغاربة واعون، بمثل هذه المغالطات، لكن لا أغفل في الأخير أن أذكر بأن أهم الأسباب التي أسهمت في التطبيع مع ذلكم الخداع الحداثي والتحريف الإعلامي.
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة -
هل السلفيون وحدهم من يدافع عن الدين ويواجه من يهاجم أحكامه ومقدساته: أم كل المسلمين؟!..
اعتاد الروافض الشيعة وهم ينشرون ويروجون لضلالهم أن يغلطوا ضحاياهم من بعض من جهل وقلّ علمه، بأن خلافهم هو فقط مع من ينتسبون إلى "الوهابية!!"، وكذلك يفعل غلاة المتصوفة وبعض من يريد أن يتنصر لباطله وتعوزه الحجة أو البيان المغري..
وفي الساحة الوطنية المغربية، اعتاد العلمانيون أن يوظفوا ذات الحجة، غير أنه في الآونة الأخيرة ولارتفاع أسهم مصطلح "السلفية" صاروا يوجهون خطابهم وتحريضهم ضد السلفيين، خصوصا عندما تكون المعركة أو موضوع التدافع هو أمر متعلق بالأحكام الشرعية.. فحتى يغروا المخدوعين ويسوقوا خطابا لا يتصادم مباشرة مع الإسلام، صاروا يقولون إن من يدافع عن هاته الأمور (الأحكام الشرعية) التي تجاوزها المجتمع والتاريخ، ويجب أن نغيرها سواء من باب تقادمها وعدم صلاحيتها أو من باب (ركوبا على ظهر التنوير=التلفيق) الاجتهاد التنويري المعاصر!!
يقولون: إن المواجهة هي فقط مع أولئك السلفيين الرجعيين والمتشددين والظلاميين، ليحصروهم في الزاوية، وأنهم قلة متجاوزة، وردود فعلهم ناتجة عن تشددهم وتزمتهم.. متغافلين عن عمد وسبق إصرار أن أحكام الشريعة هي دين يدافع عنه كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وكل من رضي الله ربا والإسلام دينا ومحمدا صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا..
هذا الأسلوب الخداعي نراه جليا عند صحافتهم وأقلامها أيضا، عندما تتناول بالرصد والتغطية وتحرير الأخبار والمقالات.. ما يكون مثار جدل بين قلة قليلة جدا لها إعلام قوي، وبين جل المغاربة الذين وإن اجتالتهم الشهوات، فهم أول من يدافع عن دينه ويستنكر التهجم عليه أو إلغاء أحكامه..
فنجد الصحافي ذا الهوى العلماني، أو ربما المُوجّه والذي يكتب ما يملى عليه، لأنه فقط أجير لا رأي له أو تفكير.. عندما يريد تحرير الخبر، يستعمل ذات الخطاب التغليطي، ويصر على أن دعاوى الحداثيين ودعاوى تغيير ما بقي من الأحكام الشرعية، لا يخالفها ويحاربها ويواجهها إلا السلفيون..
ومن نماذج ذلك، السخرية بالمقدسات الدينية مثل الأنبياء، أو قضية منع بيع النقاب أو المساواة في الإرث.. فمع أن جلّ المغاربة ضد ذلك، تجد الأخبار تذكر السلفيين فقط، وحتى إن ذكرت حركات إسلامية أخرى فهي فقط من باب المواجهة السياسية، وإظهار أن تلك الحركات تدافع فقط عن مصالحها السياسية، وليس همّها الدين والدفاع عنه، والوقوف في وجه من يهاجمه..
فتختار الجرائد والمواقع التابعة لذلك التيار -وما أكثرها-، تسليط الضوء فقط على ردود ومقالات وتصريحات السلفيين، وإغفال غيرها، أو حتى عند تناول تصريح منتم لتيار آخر، فتكون مع قرينة الإسلام السياسي، والتحريض بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، باعتبار أنها جماعة صارت موسومة بالإرهاب.
إن الحملات التي يخضوها المغاربة دفاعا عن دينهم وأحكامه الشرعية، هي حملات يخضوها جميع المغاربة (والحكم هنا للأغلبية) باعتبار أنها دين وليس أمرا خاصا بفئة أو جماعة أو أي توجه أو تيار، ولذلك تكون قوية، ولها آثار إيجابية في ردع تلكم الدعوات المستهدفة للشريعة الإسلامية، فلا يغالط أحد أو يزايد على غيرة المغاربة على دينهم ومقدساتهم، أو يحصر ذلك ويربطه بجهة معينة؛ فإن في ذلك تغليطا وتحريفا يعيه القراء والمتتبعون، وقد تابعنا تعليقات عدد من النشطاء، في استهدافهم لأشهر المواقع المغربية لأجل ذلك التغليط، معتبرين إياه افتراء و"عملا خبيثا"، لا علاقة له بصدق أو مهنية أو رسالة الإعلام الهادف والمحايد، بل هو موغل ومغرق في الإعلام المؤدلج والموجه وأحيانا الارتزاقي.
وحتى لا أطيل، فالمغاربة واعون، بمثل هذه المغالطات، لكن لا أغفل في الأخير أن أذكر بأن أهم الأسباب التي أسهمت في التطبيع مع ذلكم الخداع الحداثي والتحريف الإعلامي، هي:
- ضعف الخطاب مع الإكراه السياسي عند بعض الحركات الإسلامية.
- غياب الحضور الدائم والوازن للمؤسسات المسؤولة عن الشأن الديني في البلاد، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجلس العلمي الأعلى، والمجالس العلمية المحلية، والرابطة المحمدية للعلماء..
- دعوى الإسلام المغربي، والخصوصية المغربية..