مع القرآن - وجعلوا بينه و بين الجنة نسباً
لم يقدر الله حق قدره إلا عباده المخلصين الربانيين من الأنبياء و من تبعهم بإحسان، عرفوا الله فعبدوه و لم يشركوا به ونزهوه و قدسوه سبحانه.
{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}:
من صور الشرك التي كانت ولازالت و إن اختلفت الصورة في عصرنا: ما ادعاه المشركون من أن الله تزوج من نساء الجن فأنجب منهم الملائكة، التي ادعوا أنها بنات الله.
هذا اعتقاد باطل اعتقده المشركون، ولازال التعظيم و التهويل من أمر الجن قائم إلى يومنا و مازال الضعف و الوهن في قلوب المشركين المعاصرين يذهب بهم إلى أن يضعوا الجن في مكانة تقارب الإله أو تضاهيه.
و العجيب أن الجن أنفسهم يعلمون مكانة الله و يعلمون حجمهم الطبيعي كونهم مخلوقين ضعفاء لا يملكون ضراً ولا نفعاً و بعلمون أنهم محضرون بين يدي الله للحساب مثلهم مثل جميع الخلق، فلا نسب بينهم و بين الله وإنما هم عبيده.
سبحان الله عما يشرك المشركون و تبارك و تقدس عن كل نقيصة و عيب أو احتياج لولد أو ظهير أو مساعد، فالكل مأمورون بأمره، مسخرون بقدرته، قائمون بقيوميته.
لم يقدر الله حق قدره إلا عباده المخلصين الربانيين من الأنبياء و من تبعهم بإحسان، عرفوا الله فعبدوه و لم يشركوا به ونزهوه و قدسوه سبحانه.
{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات 158 – 160].
قال السعدي في تفسيره:
أي: جعل هؤلاء المشركون باللّه بين اللّه وبين الجنة نسبا، حيث زعموا أن الملائكة بنات اللّه، وأن أمهاتهم سروات الجن، والحال أن الجنة قد علمت أنهم محضرون بين يدي اللّه،عبادا أذلاء، فلو كان بينهم وبينه نسب، لم يكونوا كذلك.
{سُبْحَانَ اللَّهِ} الملك العظيم، الكامل الحليم، عما يصفه به المشركون من كل وصف أوجبه كفرهم وشركهم.
{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} فإنه لم ينزه نفسه عما وصفوه به، لأنهم لم يصفوه إلا بما يليق بجلاله، وبذلك كانوا مخلصين.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: