ليس رمضان لهذا ...

ليس رمضان كي نقضي نهاره كله في تحضير الإفطار، فالإفطار ليس غاية الصيام، بل الإفطار هو مجرد نهاية الصيام! 
ليس أهم ما في رمضان هو التراويح، وليس أهم ما في التراويح ختم جزء يوميا وراء قارئ حلو الصوت وسط زحام كلما ازداد كلما شعرنا بالإنجاز! 
ليس أهم ما في رمضان ختم المصحف عن طريق تلقف حروف القرآن من المصحف إلى اللسان مباشرة دون عبوره على أي من القلب ولا العقل! 
ليس أهم ما في رمضان التفاخر بالولائم مع العائلة ورد وليمة كل أسرة دعتنا إلى وليمتها بوليمة أفضل منها! 
ليس رمضان للتكاسل في العمل والتقليل فيه، بل باغتنام وقت الوجبات اليومية في الاجتهاد في العمل بكفاءة أكبر. 
ليس رمضان هو الشهر الذي نخرج منه أكثر وزنا مما دخلنا به، بل رمضان شهر تخفيف الطعام، وتكثير الفكر والذكر والتدبر والعمل وإتقان الفرائض والخشوع فيها والقيام الخاشع المتدبر، بل والخشوع أثناء الصيام كله بغض النظر عما نعمل، فالصيام عبادة تتميز بأنها لا تشغلنا عن العمل بل إنه يتخلله فيفعمه بخشوع عبادة الله، فهدف رمضان إذًا هو شحن بطارية التقوى، بحيث نخرج من رمضان أكثر تقوى مما دخلناه، وليس أكثر وزنًا مما دخلنا به.
بل رمضان هو دورة تدريبية مكثفة على ممارسة التقوى
﴿ {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ} ﴾
[البقرة: ١٨٣]

وذلك لأننا أثناء الصيام نكون في عبادة مستمرة هي الصيام تتخلل كل أعمالنا سواء كانت شعائر تعبدية أم أعمال يومية، فالصيام عبادة تدربنا على الحياة بعد انقضاء رمضان في عبادة مستمرة قوامها التقوى... 
تدربنا على كون العبادة متخللة حياتنا كتخلل الهواء رئتينا وكتخلل الدماء عروقنا وشراييننا. 
﴿ {قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ۝لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ} ﴾
[الأنعام: ١٦٢-١٦٣]
---------
أحمد كمال قاسم