مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون
{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [الزمر 45 – 46]
{وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} :
تهتز قلوبهم طرباً و انشراحاً إذا ذكر أمامهم كل ما دون الله من معبودات أو أهواء أو شهوات , أما إذا ذكر الله و ذكر أمر الله و حكم الله و قيل لهم هذا حلال و هذا حرام , أو قيل لهم هذا موافق للتوحيد وهذا شرك محض , رأيت منهم اشمئزازاً و نفوراً ظاهراً يدل بوضوح على باطن أكثر اشمئزازاً.
هؤلاء من اسودت قلوبهم و كفروا بلقاء ربهم واشتروا دنياهم و عبدوا شهواتهم و أهواءهم , و قدموا معبوداتهم الباطلة على رب البرية سبحانه.
و الموعد الله يوم يحكم بين العباد ليجازي المؤمن و يعاقب الكافر و يرى كل من الفريقين مكانه و مكانته.
قال تعالى:
{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [الزمر 45 – 46]
قال السعدي في تفسيره:
يذكر تعالى حالة المشركين، وما الذي اقتضاه شركهم أنهم { {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ } } توحيدا له، وأمر بإخلاص الدين له، وترك ما يعبد من دونه، أنهم يشمئزون وينفرون، ويكرهون ذلك أشد الكراهة.
{ {وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ } } من الأصنام والأنداد، ودعا الداعي إلى عبادتها ومدحها، { {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} } بذلك، فرحا بذكر معبوداتهم، ولكون الشرك موافقا لأهوائهم، وهذه الحال أشر الحالات وأشنعها، ولكن موعدهم يوم الجزاء. فهناك يؤخذ الحق منهم، وينظر: هل تنفعهم آلهتهم التي كانوا يدعون من دون اللّه شيئا؟.
ولهذا قال { {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } } أي: خالقهما ومدبرهما. { { عَالِمَ الْغَيْبِ} } الذي غاب عن أبصارنا وعلمنا { {وَالشَّهَادَةِ } } الذي نشاهده.
{ {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } } وإن من أعظم الاختلاف اختلاف الموحدين المخلصين القائلين: إن ما هم عليه هو الحق، وإن لهم الحسنى في الآخرة دون غيرهم، والمشركين الذين اتخذوا من دونك الأنداد والأوثان، وسووا فيك من لا يسوى شيئا، وتنقصوك غاية التنقص، واستبشروا عند ذكر آلهتهم، واشمأزوا عند ذكرك، وزعموا مع هذا أنهم على الحق وغيرهم على الباطل، وأن لهم الحسنى.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: