حث المؤمنات على بذل الصدقات
حسين أحمد عبد القادر
إن الصدقة باب عظيم من أبواب الخير، وملازمة النساء للصدقة سبيل للنجاة من النار ومنهجية نبوية لمحو الخطايا.
- التصنيفات: الدار الآخرة - التقوى وحب الله - الحث على الطاعات - أحكام النساء -
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:18] ،قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: "يخبر الله تعالى عما يثيب به المصدقين والمصدقات بأموالهم على أهل الحاجة والفقر والمسكنة ، {وأقرضوا الله قرضا حسنا} أي : دفعوه بنية خالصة ابتغاء وجه الله ، لا يريدون جزاء ممن أعطوه ولا شكورا، ولهذا قال الله تعالى : {يضاعف لهم} ) أي : يقابل لهم الحسنة بعشر أمثالها ، ويزداد على ذلك إلى سبعمائة ضعف وفوق ذلك ( {ولهم أجر كريم} أي : ثواب جزيل حسن ، ومرجع صالح ومآب كريم " انتهى من (تفسير ابن كثير).
عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: " خرج رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أضحى أو فطر إلى المصلَّى، ثم انصرف، فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة، فقال : «أيها الناس، تصدقوا . فمر على النساء فقال : يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار . فقُلْن : وبم ذلك يا رسولَ اللهِ ؟ قال تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقُلْ ودين، أذهب للب الرجلُ الحازم، من إحداكن، يا معشر النساء . ثم انصرف، فلما صار إلى منزله، جاءت زينب، امرأة ابن مسعود، تستأذن عليه، فقيل : يا رسولَ اللهِ، هذه زينب، فقال : أي الزيانب . فقيل : امرأة ابن مسعود، قال : نعم، ائذنوا لها . فإذن لها، قالتْ : يا نبي الله، إنك أمرت اليومَ بالصدقة، وكان عِندَي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود : أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم» أخرجه البخاري (1462) واللفظ له، ومسلم (80). إن الصدقة باب عظيم من أبواب الخير، وملازمة النساء للصدقة سبيل للنجاة من النار ومنهجية نبوية لمحو الخطايا. والتحذير الشديد للنساء لتجنب دخول النار من منابع رحمة الله تعالى بالنساء، ومن منابع رفق الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالنساء، وذلك حتى يتمتعن بدخول الجنة بعمل من أحب الأعمال إلى الله تعالى وهو الصدقة. والحديث الشريف موعظة لمن كانت فيها هذه الصفات المذمومة من إكثار اللعن وكفران العشير أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تحسن صحبة زوجها بالرفق معه، والامتثال لأوامره في طاعة الله سبحانه، والصبر على المكروه طمعا في مرضاة الله الكريم.
ومن الدروس المستفادة في هذه الأحاديث النبوية تعظيم الصدقة على الأهل فهم أحق الناس بالمعروف وبذل الخير ، وورد في السنة النبوية أن تمرة أدخلت صاحبتها الجنة لتصدقها بتمرة على ابنتيها، فعن صعصعة بن معاوية عم الأحنف قال: "دخَلت على أم المؤمنين عائشَةَ رضي الله تعالى عنها- امرأةٌ معَها ابنتانِ لَها ، فأعطَتها ثلاثَ تمراتٍ ، فأعطَت كلَّ واحدةٍ منهما تمرةً ، ثمَّ صَدعتِ الباقيةَ بينَهُما ، قالت : فأتى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فحدَّثتُهُ ، فقالَ : «ما عجبُكِ ، لقد دخلَت بِهِ الجنَّةَ» (ابن ماجه:2973). وهذه الأحاديث الشريفة تؤكد وتبين أن عمل المرأة في بيتها والسعي لرعاية أهلها وأولادها وتجهيز الطعام لهم من منابع الأجور ومن سبل الصدقات العظيمة للوصول للجنة.
وعلى المؤمنات العلم واليقين بأن الصدقة باب للرزق والبركة، فهذا وعد الله تعالى ملك الملوك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : «قال الله أنفق يا ابن آدم أنفق عليك» .رواه البخاري ( 5073 ) ومسلم ( 993 ) . وبإمكان المرأة المؤمنة السعي الحثيث لتعليم الأبناء وتشجيعهم على بذل الصدقات، حتى يكونوا في زمرة المتصدقين، فتسعى الأم لبيان فضل الصدقة لأولادها وتحفزهم على الصدقة بشكل يومي، حتى تكون الصدقة منهج حياة لهم، وبهذه الأعمال تنال الأم فضل تربية أولادها وأجر الدلالة على الخير في حياتها وبعد مماتها. وعلى المرأة المؤمنة التواصي بعمل الصدقات مع غيرها، فالتعاون مع المسلمات على البر والتقوى وتفريج الكرب، وبذل الصدقات من أبواب الصلاح والفلاح والسعادة الوافرة.
نسأل الله الكريم أن يرزق المسلمين والمسلمات من فضله وأن يمتعنا بمعرفة الصدقة وفضلها وأن يوفقنا لملازمة الصدقة والحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم على سيدنا محمد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.