مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - نداء من مؤمن آل فرعون إلى كل معاند لله
قد أهلك الله من هم أشد قوة و أكثر جمعاً و حضارة , عاندوا وبارزوا خالقهم بالعداء فكانت النهاية الحتمية بالهلاك بعدما أمهلهم الله و أمهلهم .
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} :
رسالة و نداء من مؤمن آل فرعون إلى كل معاند لله و لدينه عبر تاريخ الإنسان , احذر أن تقع فيما وقع فيه من سبقك من المعادين المعاندين لله و دينه .
قد أهلك الله من هم أشد قوة و أكثر جمعاً و حضارة , عاندوا وبارزوا خالقهم بالعداء فكانت النهاية الحتمية بالهلاك بعدما أمهلهم الله و أمهلهم .
ثم حذرهم من عذاب يوم القيامة و ما أعده الله للمستكبرين عن دينه , يوم ينادون لمالك خازن النار أن يفيض عليهم بعض الماء , فلا يجيب إلا بعد سنوات بالرفض .
يوم يساق كل كافر إلى نار جهنم مستقره و مصيره المحتوم , فيالها من حسرات و ندامة .
قال تعالى:
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)} [غافر]
قال السعدي في تفسيره:
{ {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ} } مكررًا دعوة قومه غير آيس من هدايتهم، كما هي حالة الدعاة إلى الله تعالى، لا يزالون يدعون إلى ربهم، ولا يردهم عن ذلك راد، ولا يثنيهم عتو من دعوه عن تكرار الدعوة فقال لهم: { {يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} } يعني الأمم المكذبين، الذين تحزبوا على أنبيائهم، واجتمعوا على معارضتهم، ثم بينهم فقال: { {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ } } أي: مثل عادتهم في الكفر والتكذيب وعادة الله فيهم بالعقوبة العاجلة في الدنيا قبل الآخرة، { {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} } فيعذبهم بغير ذنب أذنبوه، ولا جرم أسلفوه.
ولما خوفهم العقوبات الدنيوية، خوفهم العقوبات الأخروية، فقال: { {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمِ التَّنَادِ} } أي: يوم القيامة، حين ينادي أهل الجنة أهل النار: { {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} } إلى آخر الآيات.
{ {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} }
وحين ينادي أهل النار مالكًا { { ليقض علينا ربك} } فيقول: { { إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} } وحين ينادون ربهم: { {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } } فيجيبهم: { { اخْسؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } } وحين يقال للمشركين: { {ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} }
فخوفهم رضي الله عنه هذا اليوم المهول، وتوجع لهم أن أقاموا على شركهم بذلك، ولهذا قال: { { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِين} } أي: قد ذهب بكم إلى النار { مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } لا من أنفسكم قوة تدفعون بها عذاب الله، ولا ينصركم من دونه من أحد { {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} }
{ {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} } لأن الهدى بيد الله تعالى، فإذا منع عبده الهدى لعلمه أنه غير لائق به، لخبثه، فلا سبيل إلى هدايته.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: