نصيحتي إلى إخواني الفرَّارين من حبس إبليس
لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة, إذ هذا من العبث الذي لا ينبغي لعقلاء آمنوا بالله وشرَّفهم بهذا الدين العظيم , بل كونوا حازمين عازمين على ما عاهدتم الله عليه من الالتزام في دين الله الحق أو نذرتم به لله, فإن عهد الله مسؤول ونقضه مشؤوم ووفاءه مطلوب وجزاءه موفور بالأجور ثم المصير إلى جنة فيها سرور وحبور.
الحمد لله
نصيحتي
إلى أولئك الذين كانوا مكبَّلين بقيودٍ لا فكَّاك لهم فأحسَّوا بقليلٍ من الحريات....
إلى أولئك الذين كانوا لا حراك لهم إلا بقيادة أسيادهم من الأبالسة إلى ما يريدون ولكنهم شعروا قليلاً من الحركات
إلى أولئك الذين كانوا أتباع يساقون سوق النعجان إلى أودية الهلاك فقالوا: لا لا لا ولكن إنما كانت منهم بمجرد لاءات ضعيفة غير قوية !
وأقوال لهم أولا: هل أحسستم بنعيم الصيام بريق من الحرية في شهر رمضان المبارك؟!
بالله هل أحسستم بشيءٍ من لذة المناجاة مع القراءات العذبة وراء الإمام أو راحة نفسية على أقل التقدير إن شاركتم مع جماعة المصلين في بيوت الله؟
بالله هل أحسستم بشيءٍ من القشعريرة أو الارتعاش وأنتم في هذا الجو الإيماني مُتَّقِين بوجوهكم سوء العذاب يوم القيامة؟! كما قال تعالى { { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } } [ الزمر: 23 ]
بالله هل فكّرَتم وأنتم تعيشون في هذا العالم الجديد الإيماني بالنسبة لكم بالتوبة والرجوع إلى الله؟! أم إنكم كنتم تنوون أن تعودوا إلى حبسكم الأول المظلم حبس المعصية والفساد ليسوقكم عدوكم مرة أخرى وأنت مكبَّلون بقيود عظيمة ثقيلة لتتثاقلوا عن الخيرات والطاعات والعبادات؟!!
إذاً نصائحي الموجزة الغالية لك يا أعزائي الغوالي الذين عادوا بين إخوانهم كالتالي:-
أولا: استمروا في فراراكم من ذاك الحبس المظلم بل أبعدوا فراراكم منه حتى لا يصلكم أعداءكم
ثانيا: فليكن فراركم إلى الله كما قال تعالى { {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } } [ الذاريات: 50 ]
ولكن انتبهوا أنتم تفرون إلى ربِّكم وهو يحذِّركم من نفسه بمعنى ذلك أن تكونوا بين الرجاء والخوف وهو لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه , كما سيكون جزاءكم في الدنيا أن يكون معكم بالتأييد والنصر مع إجابة دعاءكم إذا تورَّطتم يوماً ما في محنة لا سمح الله .
أما جزاءكم في الآخرة فهو السلامة والنجاة من كل الشرور التي أعظمها نار تلظَّى والدخول إلى الجنان.
ثالثا: اكتسبوا أصحاباً جدداً يأخذون على أيديكم إلى بر الأمان -وإنما الأمن بيد الله لأهل التوحيد - ويساعدونكم بالتخلص من أعداءكم الأولين من الإنس والجن , ويعلِّمونكم ما كنتم تحتاجون إليه من العلوم الدينية التي ستغدي أرواحكم الجوعى.
رابعا: فليكن شعاركم كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور»»
[رواه ابن ماجة في سننه رحمه الله]
قال الإمام السندي في حاشيته على النسائي: "والكور لف العمامة وجمعها والحور نقضها، والمعنى الاستعاذة بالله من فساد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس"
فلا تحاولوا أبداً أن ترجعوا إلى الوراء قهقرياً بِعد تنازلي بل ارتقوا في سلَّم إيمانكم إلى المراتب العلا حتى تكونوا علماء عاملين دعاة إلى الله , وامضوا قدماً منطلقين بمعنويات عالية , لا يعوجنَّكم عن طريقكم السَّوي المستقيم أبداً أي إغراء أو ترهيب مهما كان
خامسا: لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة, إذ هذا من العبث الذي لا ينبغي لعقلاء آمنوا بالله وشرَّفهم بهذا الدين العظيم , بل كونوا حازمين عازمين على ما عاهدتم الله عليه من الالتزام في دين الله الحق أو نذرتم به لله, فإن عهد الله مسؤول ونقضه مشؤوم ووفاءه مطلوب وجزاءه موفور بالأجور ثم المصير إلى جنة فيها سرور وحبور.
أسأل الله أن نلتقى بها غداً على سرر متقابلين وعليها نتساءل ما كنا نتناصح ونتعاون ونتشاور في هذه الدنيا لأجل رفع هذا الدين الحق لنتغير به ولنُغيِّر به غيرنا إلى الأفضل وإلى ما هو مأمول وإنما الآمال الصحيحة في الباقيات الصالحات لا الفانيات الخاويات. كما قال تعالى { {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا } }[ الكهف: 46 ]
راجياً من الله لكم وأنت في أعيادكم هذه في فرحتكم ستكونوا إن شاء الله أعظم من فرحة العائدين العاديين بما وفَّقكم الله من التوبة النصوح وإخلاص الأعمال لله كما أرجوا لكم - أيها التائبون - أن تكونوا مشعل هداية لا في قطركم الذي تعيشون فيه الآن فحسب بل في المعمورة كلها وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وأعاده الله علينا مرات وتارت باليُمن والإيمان والبركة والسلامة والمسلمون حالهم أفضل من هذه الحال الذي هم فيه إنه هو المولى والقادر على ذلك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الفقير إلى عفو ربه
عبد الفتاح آدم المقدشي
- التصنيف: