مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان
{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} . [غافر 35]
{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } :
وصف الله المسرفين الذين بارزوه بالعداء و كرهوا أولياء الله وحاربوا دينه بلا حجة ولا برهان , بأنهم يجادلون في آيات الله البينات ليبطلوها و يشوهوها بلا أي دليل أو برهان من نقل أو عقل و إنما هو اتباع الهوى و الشهوات و كره الدين وبغض كلمات الله التي تشمئز لها قلوبهم.
يردون الحق الواضح وضوح الشمس و الخير البين و ليس لديهم إي سلاح أو برهان عقلي أو نقلي سوى سلاح الكبر و التجبر و العناد .
اللهم عافنا مما اتليت به هؤلاء و ثبتنا على الحق حتى نلقاك.
قال تعالى:
{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} . [غافر 35]
قال السعدي في تفسيره:
ذكر سبحانه وصف المسرف الكذاب فقال: { {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ} } التي بينت الحق من الباطل، وصارت -من ظهورها- بمنزلة الشمس للبصر، فهم يجادلون فيها على وضوحها، ليدفعوها ويبطلوها { {بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} } أي: بغير حجة وبرهان، وهذا وصف لازم لكل من جادل في آيات الله، فإنه من المحال أن يجادل بسلطان، لأن الحق لا يعارضه معارض، فلا يمكن أن يعارض بدليل شرعي أو عقلي أصلا، { {كَبُرَ} } ذلك القول المتضمن لرد الحق بالباطل { مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا } فالله أشد بغضًا لصاحبه، لأنه تضمن التكذيب بالحق والتصديق بالباطل ونسبته إليه، وهذه أمور يشتد بغض الله لها ولمن اتصف بها، وكذلك عباده المؤمنون يمقتون على ذلك أشد المقت موافقة لربهم، وهؤلاء خواص خلق الله تعالى، فمقتهم دليل على شناعة من مقتوه، { {كَذَلِكَ} } أي: كما طبع على قلوب آل فرعون{ {يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } } متكبر في نفسه على الحق برده وعلى الخلق باحتقارهم، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: