وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً
أبو الهيثم محمد درويش
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)} [غافر]
- التصنيفات: التفسير -
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} :
عندما يتملك ابن آدم الغرور, وتعلو الأنا , ويتضخم العجب بالذات حتى يهلك صاحبه , هنا تنتكس الفطر و لا يرى المغرور صواباً إلا ما يمليه عليه هواه , حتى لو صادم الفطرة و العقل الصريح.
و هذا ما حدث مع فرعون إذ تملكه الغرور , و غره الشيطان , فنسي نفسه , وصدق أنه الإله , وطلب من وزيره هامان أن يبني له صرحاً عالياً ليطلع إلى إله موسى فيراه أو يصارعه فيهزمه و يصبح فرعون وحده الإله , و نسي الغبي حجمه الحقيقي و قواه الخائرة .
قال تعالى:
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)} [غافر]
قال السعدي في تفسيره:
{ {وَقَالَ فِرْعَوْنُ} } معارضًا لموسى ومكذبًا له في دعوته إلى الإقرار برب العالمين، الذي على العرش استوى، وعلى الخلق اعتلى: { {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا } } أي: بناء عظيمًا مرتفعًا، والقصد منه لعلي أطلع { { إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبًا} } في دعواه أن لنا ربًا، وأنه فوق السماوات.
ولكنه يريد أن يحتاط فرعون، ويختبر الأمر بنفسه، قال الله تعالى في بيان الذي حمله على هذا القول: { {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ } } فزين له العمل السيئ، فلم يزل الشيطان يزينه، وهو يدعو إليه ويحسنه، حتى رآه حسنًا ودعا إليه وناظر مناظرة المحقين، وهو من أعظم المفسدين، { {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ } } الحق، بسبب الباطل الذي زين له. { {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ} } الذي أراد أن يكيد به الحق، ويوهم به الناس أنه محق، وأن موسى مبطل { {إِلَّا فِي تَبَابٍ} } أي: خسار وبوار، لا يفيده إلا الشقاء في الدنيا والآخرة.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن