مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - فاصبر إن وعد الله حق
{ {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ * هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } } [غافر 53 – 55]
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} :
بعدما ذكر المولى سبحانه مآل فرعون وأتباعه و مستقرهم في جهنم بعد غرقهم وهلاكهم في الدنيا , يخبرنا سبحانه أن ميراث موسى و من آمن معه وهديتهم الكبرى تمثلت في الهداية و الكتاب , فالهداية ضمان للجنة إذا ما ثبت عليها ابن آدم و الكتاب دليله إلى الجنة و سبيله لتحقيق الهداية , بفعل أوامر الله المفصلة في الكتاب و ترك محرمات الله المذكورة في الكتاب.
و المطلوب من المؤمن الصبر و الثبات على الهداية و على احترام كلمات الله بتطبيقها واقعاً حيا معاشاً مع دوام التسبيح و المسارعة بالتوبة عند الوقوع في فخ المعصية.
{ {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ * هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } } [غافر 53 – 55]
قال السعدي في تفسيره:
لما ذكر ما جرى لموسى وفرعون، وما آل إليه أمر فرعون وجنوده، ثم ذكر الحكم العام الشامل له ولأهل النار، ذكر أنه أعطى موسى { {الْهُدَى} } أي: الآيات، والعلم الذي يهتدي به المهتدون. { {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} } أي: جعلناه متوارثًا بينهم، من قرن إلى آخر، وهو التوراة، وذلك الكتاب مشتمل على الهدى الذي هو: العلم بالأحكام الشرعية وغيرها، وعلى التذكر للخير بالترغيب فيه، وعن الشر بالترهيب عنه، وليس ذلك لكل أحد، وإنما هو { { لِأُولِي الْأَلْبَابِ} }
{ فَاصْبِرْ } يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين. { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي: ليس مشكوكًا فيه، أو فيه ريب أو كذب، حتى يعسر عليك الصبر، وإنما هو الحق المحض، والهدى الصرف، الذي يصبر عليه الصابرون، ويجتهد في التمسك به أهل البصائر.
فقوله: { {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } } من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله.
{ {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} } المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك، فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا { { بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } } اللذين هما أفضل الأوقات، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: