التضمين النحوي: دراسة نظرية وتطبيقية
ملفات متنوعة
استعرضت الدّراسة موضوع التضمين، وفق منهج وصفيّ تحليليّ، تناولت فيه الظّاهرة بصورة نظريّة تطبيقيَة من خلال شرحها وتوضيحها بإيجاز مذيلة ببعض الشّواهد
- التصنيفات: اللغة العربية -
للباحثة: إسراء عادل جناحيّ.
الحمد لله الدّاعي لطاعته والموفّق لهدايته، والمعين على ذكره وشكره وحسن عبادته، وطلب العلم النافع والعمل الصّالح، والصّلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، كما نحمد لله الذي شرّف اللّغة العربيّة، وفضّلها على سائر اللّغات بأن جعلها لغة للقرآن الكريم، وأنزلها بلسان عربي مبين عجز العرب عن أن يأتوا بمثله أجمعين، والحمد لله الذي أكرمنا وتفضّل علينا بدراسة هذه اللغة، والتبحر في علومها وفنونها؛ لندرك مدى عمق اللغة العربية، وجمالها وإعجاز القرآن الذي نزل بها، ولنزداد حبًا وتفقّهًا في الدين، وليعصمنا الله من زلّات الفكر والقلم، فإن لعلم النّحو شأنًا كبيرًا في اللغة العربية وفضلًا عظيمًا في تقويم اللسان، والسّلامة من الوقوع في اللّحن والأخطاء. ولهذا فقد تناولنا في هذه الدّراسة موضوعًا هامًا من مواضيع النّحو العربيّ وهو موضوع التّضمين، فلا يكادُ يخلو كتابٌ نحويُّ في اللّغة العربيّة إلّا وقد تضمّن حديثًا عن التضمين، وقد تقدمت بهذه الرسالة من أجل استكمال متطلبات الحصول على درجة البكالوريوس في اللّغة العربيّة وآدابها من جامعة البحرين، وودت أن تكون في تخصص النّحو والصّرف، وهذا ملخص لما جاء فيها.
استعرضت الدّراسة موضوع التضمين، وفق منهج وصفيّ تحليليّ، تناولت فيه الظّاهرة بصورة نظريّة تطبيقيَة من خلال شرحها وتوضيحها بإيجاز مذيلة ببعض الشّواهد، ولذلك فقد جاء الدّراسة في تمهيد فصلنا فيه الحديث عن أهم الدراسات السابقة التي تطرقت إلى التضمين النحوي، منها: دراسة الدكتور هادي أحمد فرحان الشجيري (التضمين النحوي وأثره في المعنى)، ودراسة أ.د. أحمد حسن حامد، (التضمين في العربية بحث في النحو والبلاغة)، ودراسة الدكتور سليمان بوراس (التضمين النحوي، أشكاله ودلالاته)، ومقدمة وثلاثة مباحث، تناولنا في المبحث الأوّل (مفهوم التّضمين حدوده وعلاقته بالمفاهيم الأخرى) في ثلاثة مطالب، عرضنا في المطلب الأوّل (مفهوم التّضمين في اللّغة والاصطلاح) عند عدد من اللّغويين والنّحويين والصّرفيين والمفسّرين، كما تطرّقنا في المطلب الثّاني إلى (تحديد حدود التضمين بين السماع والقياس)، وأمّا في المطلب الثالث فقد اشتمل على بيان (العلاقة بين التّضمين ومصطلحي العدل والتّقدير)، كما جاء المبحث الثّاني بعنوان (أنواع التّضمين النحويّ وفوائده في الدرس العربي)، وتضمّن مطلبين، اشتمل المطلب الأوّل على (أنواع التّضمين النحوي) في الأفعال والأسماء والحروف، وأمّا المطلب الثاني فقد عرضنا فيه (فوائد التّضمين في الدّرس العربيّ)، كما تطرّقنا في المبحث الثالث إلى عرض بعض (الشواهد التطبيقية على التضمين النحوي) في مطلبين، وقد اشتمل المطلب الأول على (شواهد التضمين في القرآن الكريم)، وأما المطلب الثاني فقد اشتمل على (شواهد التضمين في الأشعار العربية)، كما أتبعت المباحث الثلاث بخاتمة، وقائمة للمراجع المعتمدة في دراستنا.
ولقد توصّلت الدّراسة إلى نتائج عدّة تمثلت في:
- بيان العلاقة الرّابطة بين مفهوم التضمين عند اللغويين، وعدد من النحاة، والصرفيين، والمفسرين، الذين اعتبروا التضمين نوعًا من الأنواع، التي تتداخل فيها المعاني وتنسجم، فهو بحث نحوي، قائم على فهم المعنى؛ لإدراك التداخل بين المعنى الظاهر، والمعنى المتضمّن.
- توضيح الخلاف في تقنين حدود التضمين النحوي، وتوصلت الدراسة إلى أن التضمين موضوع قد اختلف في تحديد حدوده فمنهم من عدّه موضوعًا سماعيًا، والبعض الآخر عدّوه قياسيًا، وتوسط قرار المجمع بينهما، فأقر قياسية التضمين وفقًا لشروط ثلاثة محددة، وهذا ما رجحته الدراسة.
- تقارب مفهوم التضمين بمفهوميّ التقدير والعدل، فلم يفرّق ابن الدهان بينهم، بينما فرّق ابن الحاجب بين التضمين والتقدير، وبعض النحاة بين التضمين والعدل.
- شمولية التضمين لأنواع ثلاثة، في الأفعال والأسماء والحروف، فدخول التضمين في الأفعال، مكّن من تحويل الفعل اللازم إلى متعد، ومن التأثير على الفعل المتعدي في أربعة حالات، وقد عدّ التضمين في الأفعال من باب التوسع في اللغة العربية.
- اعتبار التضمين في الأسماء، علة وسببًا في تفسير بنائها، كأسماء الاستفهام، والشرط، والإشارة، وغيرها، متأثرين بنظرية الأصل والفرع.
- انقسام التضمين في الحروف قسمين، قسم تنوب فيه الحروف عن جمل، وقسم آخر تنوب فيه عن حروف أخرى اقتضاها الاستعمال، وهي حروف الجر، واختلاف النحاة في مسألة التناوب بين الحروف بين علماء البصرة، الذين منعوا الإنابة قياسًا، وحملوا ما وجدوه من شواهد على الشذوذ، وهذا ما رجحناه؛ لأن العدول عن التصريح بالحرف قياسًا فيه من التكلف في الاستعمال، وفهم المخاطب لمقصود الكلام، وأمّا رأي الكوفيين فكان في إطلاق التناوب بين حروف الجر قياسًا.
- تعدد فوائد التضمين في الدرس العربي، وتمثّلت في الدعوة إلى الأنس بالعربية ومعرفة أسرارها ودقائقها، وتفسير المعاني، والتوسع فيها، وإضفاء قوة للمعنى المراد، إضافة إلى توضيح المعاني للعصمة من الوقوع في الأخطاء، والبلاغة الأسلوبية التي يفيدها التضمين، عن طريق التوسع في الإيجاز الذي يلحقه باللفظ، والاختصار في الأساليب لدلالة بلاغية.
- دور التضمين في تفسير العديد من الظواهر النحوية في القرآن الكريم، وأهميته في توجيه المعنى القرآني، عبر تطويع اللغة العربية، وجعلها تتماشى مع كلام الله المعجز الفصيح.
ورود العديد من الأبيات الشعرية، التي كان للتضمين دور بارز في فهمها، وبيان مقاصدها، والتأكيد على مدى اهتمام الشعراء بالتضمين بشكل عام، وبالتضمين في الحروف بشكل خاص، فبرزت مسألة التناوب بين حروف الجر في عدد من أبيات قصائدهم.
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصّالحات.