آثار التجسس الممنوع
ملفات متنوعة
يكفي التجسس سوءًا أن صاحبه يعرض نفسه لغضب الله، واستحقاق العذاب الأليم، هذا في الآخرة، أما في الدنيا فيبقى مكروهًا مبغوضًا من الناس
- التصنيفات: مساوئ الأخلاق -
1- أن التجسس مظهر من مظاهر سوء الظنِّ، وأثر من آثاره، فهو متولِّد عن صفة مذمومة سيئة نهى عنها الدين الحنيف.
وذلك (لأنَّ الظنَّ يبعث عليه حين تدعو الظانَّ نفسه إلى تحقيق ما ظنَّه سرًّا، فيسلك طريق التجسس) [ ابن عاشور] .
2- والتجسس صورة من صور ضعف الإيمان، وضعف التدين، وقلة المراقبة، هذا على الجانب الديني؛ أما الأخلاقي والسلوكي، فهو يدلُّ على دناءة النفس وخسَّتها، وضعف همَّتها، وانشغالها بالتافه من الأمور عن معاليها وغاياتها.
3- وهو سبيل إلى قطع الصلات، وتقويض العلاقات، وظهور العداء بين الأحبة، وبثِّ الفرقة بين الإخوان، (فقد يرى المتجسس مِن المتجسس عليه ما يسوءه، فتنشأ عنه العداوة والحقد. ويدخل صدره الحرج والتخوف؛ بعد أن كانت ضمائره خالصة طيبة، وذلك من نكد العيش) [ ابن عاشور].
4- وبالتجسس تنهار القدوات، وتصغر في الأعين القامات، وعندها تهون الذنوب وتحقَّر السيئات، وتفسير ذلك أنَّ المتجسس عليه إذا كان في منزل القدوة؛ واطلع منه على أمر سيئ، أو ذنب، أو معصية فإنَّه لا شكَّ سيقلُّ قدره، وستتلاشى مكانته، ولن يقبل منه نصحًا ولا توجيهًا، بل ربما تهون المعصية التي عملها على المتجسس فيعملها؛ بحجة أن ليس أحسن حالًا من فلان القدوة الذي تلبس بها.
5- والتجسس يؤدي إلى فساد الحياة؛ فتصبح مليئة بالشكوك والتخوفات، فلا يأمن الإنسان على خصوصياته من أن تنكشف أو تظهر للناس، بل يعيش المرء في حالة من الشك الذي لا ينتهي، وهذا تصديق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه قال: ((إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم)) .
6- والتجسس يؤدي إلى الكراهية، ويدفع إلى الانتقام، فإذا علم شخص ما أن فلان يتجسس عليه، ويريد أن يهتك ستره، ويفضح أمره سعى هو من جانبه إلى التجسس عليه، وفضحه وهكذا.
يقول ابن عاشور: فـ (إن اطلع المتجسس عليه على تجسس الآخر ساءه؛ فنشأ في نفسه كره له، وانثلمت الأخوة...، ثم يبعث ذلك على انتقام كليهما من أخيه) .
7- كما أنَّه سبيل إلى إشاعة الفاحشة بين المسلمين، وانتشار السوء بينهم، وذلك بما يحصل من نشر لما استتر من الفضائح، وإظهار لما خفي من السوءات.
8- وهو دليل بين واضح على سوء الطوية، وعن نفاق يعشش في القلب، وأنَّ صاحبه بعيد عن الإيمان وإن ادعاه، مجانب للتقوى وإن تزيا بلباسها، لذا كان نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هذه صفته بقوله: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه...)).
9- أن صاحبه متوعَّد بالفضيحة وكشف العورة حتى ولو كان في قعر داره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنَّه من اتبع عوراتهم يتَبَّع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)).
10- ويكفي التجسس سوءًا أن صاحبه يعرض نفسه لغضب الله، واستحقاق العذاب الأليم، هذا في الآخرة، أما في الدنيا فيبقى مكروهًا مبغوضًا من الناس؛ فهو دائمًا في محل ريبة، لا يأنسون به، ولا يرتاحون بحضوره.