كن حنيفا ولو كنت وحدك
إشارة توحي أن كل الناس معوجين، وأن الإعوجاج هو السائد، هو المعروف، أصبح كأنه هو الأصل! .. فعليك أن تخالفهم وتستقيم ولو كنت وحدك
{ {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} } [النساء: 125] يقول الشيخ الشعراوي في تفسير الآية : 《 والحَنَف أصله ميل في الساق، وتجد البعض من الناس حين يسيرون تظهر سيقانهم متباعدة، وأقدامهم مُلْتفَّة، هذا اعوجاج في التكوين. أما المقصود هنا بكلمة(حنيفاً) أي: معوج عن الطريق المعوج، أي: أنه يسير باستقامة. ولكن: لماذا يأتي مثل هذا التعبير؟ لأن الدين لا يجيء برسول جديد ومعجزة جديدة، إلا إذا كان الفساد قد عَمَّ؛ فيأتي الدين؛ ليدعو الناس إلى الميل عن هذا الفساد وفي هذا اعتدال لسلوك الأفراد والمجتمع 》 انتهى كلام الشعراوي. إذا فالحَنَفُ: هو الاعوجاجُ في الساق ... ويتساءل الشيخ الشعراوي رحمه الله لماذا قال الله سبحانه وتعالى اقم وجهك للدين حنيفا ولم يقل اقم وجهك للدين مستقيما ؟؟ فقال لأن "حنيفا" معناها أنه عندما تعوج عن المعوج السائد هكذا تكون استقمت .... ما معنى هذا الكلام ؟ يعني أن في كلمة "حنيفا" إشارة توحي أن كل الناس معوجين، وأن الإعوجاج هو السائد، هو المعروف، أصبح كأنه هو الأصل! .. فعليك أن تخالفهم وتستقيم ولو كنت وحدك .. وأنه لو اجتمع كل الناس على فعل ما، فهذا لا يكسب هذا الفعل شرعية ! وهذا لا يعني أن هذا الفعل "صح" ! سيدنا إبراهيم لما قَدِم أرض جبارٍ ومعه سارة ، وكانت أحسن النساء، فقال لها إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلماً غيري وغيرك .. هذا جزء من حديث صحيح تخيل أن الأرض كلها مشركون! كلهم مشركون ماعدا سيدنا إبراهيم فقط هو وزوجته مسلميْن! هل هناك غربة أشد من هذا !! وفي حديث لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول عن رب العزة : 《 .... «وإنَّ اللهَ نظر إلى أهلِ الأرضِ فمقتَهم ، عربِهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهلِ الكتابِ . وقال : إنما بعثتك لأبتليكَ وأبتلي بك ....» 》 من حديث عياض في صحيح مسلم تخيل أن الأرض رجعت بعد سيدنا إبراهيم وموسى وعيسى رجعت تكتسي بالشرك والفساد والفجور (العِوَج) إلا من رحم ربي وهم بقايا من أهل الكتاب ممن كانوا على "الحنيفية" . فبعث الله سيدنا محمد لإصلاح هذا الإعوجاج العام .. فعندما تعوج عن هذا الإعوجاج العام تهتدي للإستقامة .. ومن استقام وصل .. لأن أقرب طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم . ونجد أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : 《 خالفوا المشركين ..... 《 خالفوا اليهود والنصارى ...... 《 خالفوا المجوس ....... وفي القرآن آيات كثيرة تصف "الأكثرية" بالجهل والجحود والكفران : 《 {أكثر الناس لا يعلمون} ... {أكثر الناس لا يؤمنون} .... {أكثر الناس لا يشكرون} ... {فأبى أكثر الناس إلا كفورا} ... {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} .... 》 وسيدنا محمد بشرنا بغربة تعود ... 《 «بدأَ الإسلامُ غريبًا، وسيعودُ كما بدأَ غريبًا، فطوبى للغرباءِ» 》 [صحيح مسلم] ولعل القارئ يتساءل؛ ما الهدف من هذا الطرح ؟! .. الهدف منه أن تعرف: 1-هدفك 2-الطريق 3-المصير؛ فلا تلتفت! .. أن تكون عينك على هدفك وتثبِّت قدمَك على الطريق فلا يؤخرك الإلتفات لمن حولك، من منهم حاد ومن سقط؟! .. فلا تتأثر بقلة السالكين ولا خيانة الخائنين و نفاق المنافقين و سقوط الساقطين و ردة المرتدين ... ما الذي حدث؟؟ ما الذي أصابك بالصدمة؟ هل خذلك شيخُك ؟ .... هل صُدمت في داعية؟ .. صُدمت في أهل سمت الإلتزام؛ صاحب لحية/صاحبة حجاب ؟؟ .. صُدمت في رمز وقامة ؟؟ ... صُدمتِ في زوج يأخذ من الدين ما له من حقوق ويترك ما عليه من واجبات؟؟ .. صُدمت في مقام اعتقدت أنه لولي من أولياء الله الصالحين واكتشفت أن المدفون تحته حمار ؟؟ .... صُدمتم في أخوة طالما قالوا قال الله وقال الرسول و عند المعاملة فضحتهم آيات النفاق من كذب وخيانة وفجر في الخصومة ؟!! ... صدمتم وصدمنا جميعا؟ .. لا حاجة لنا أن نزيل "غطاء البالوعة" فالجميع يعرفون أن جميع الشوارع فيها بالوعات للصرف الصحي منها ما هو مغلق بغطاء محكم، ومنها ماهو بغير غطاء كالفخ، ومنها ماهو مغطى بورق الشجر اليابس والقش ليكون الفخ محكماً ! كل المطلوب من السائر في الطريق أن يتفاداها و يتجاهلها ويكمل السير ولا يلتفت! " من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " وعلى نفس السياق؛ من كان يعبد الناس فإن الناس تتغير ومن كان يعبد الله فإن الله حق لا يتغير ! وكان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم منافقين لم يغير نفاقهم في الصحابة شئ .. هل تقول لأن رسول الله كان بينهم ؟ .. حسنا فرسول الله بيننا بسنته .. فلا تلتفت. { {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} } [التوبة ١١١] هذا هو الهدف والهدف له طريق والطريق موحش و فيه صوارف ومكاره .. ولكن الجنة حفت بالمكاره .. " ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة " { {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون} } ا [لمائدة : 105] { {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} } [مريم 95]
- التصنيف:
اسماعيل ابو تيلخ
منذاسماعيل ابو تيلخ
منذ