ابن وهف السعيد في ضوءالكتاب والسنة
ملفات متنوعة
وبحق فالعلماء منار الارض بنور السماء فلا يعرف قدرهم عند بعض من جهله الا بعد موتهم
- التصنيفات: تراجم العلماء -
د.محمد بن سرّار اليامي
ذلكم هو شيخنا البحاثة النبيل،العالم الزاهد الجليل الدكتور سعيد بن علي بن وهف ...
زرته وأنا طالب في أوائل المرحلة الجامعية،وتحدثت معه،وعرضت عليه بحثاعلميا،كنت قد كتبته،فيه إشارات وتوجيهات تهم كل مسلم ومسلمة،فطالعه وأكرمني بالدخول إلى مكتبته الخاصة،ثم طال الحديث حول مسائل البحث ،وهو يبينها بشفقةولطف لهذا الشاب المتحمس لنشر ماعنده للناس،ثم قال لي :
يامحمد عليك بقاعدة ؛أكتب وأرفع ،قلت وماهي شيخنا،قال :أكتب بحثك ،ثم أرفعه على الرف مدة طويلة،ثم طالعه بعد ذلك؛قلت وما المقصودشيخنا،قال : ستجد ماكتبته عليك جديدا،فترى فيه بعض الفتوحات وتتعجب منها،وترى فيه بعض الغرائب والعجائب والهفوات،فتجتنبها ،وتحمد الله أنك ما أخرجته مباشرة،وهذا دأبي في جل كتبي،فجعلتها لي قاعدةعلميةأضبط بها البحوث ،وبعض المقالات العلميةخاصة،ورأيت عجبا،فكان كأنما علمني التأليف يومئذ،في مجلس لم يجاوز الساعة،ثم إن مجالس شيخنا الفقيه مفتي القوات المسلحةالدكتور عايض بن فدغوش الحارثي رحمه الله رحمةواسعة؛ جمعتني بشيخنا السعيد الموفق مرات ومرات ،حتى زادت معرفتي به ،وبسعةاطلاعه،وجودة بحثه،رحمه الله رحمة واسعة،وقال لي ذات مرة :
يامحمد عليك بالدليل ،إذا استبان لك به الحق ،فلايضرك الخلق ،وأجعلهالك منهجا؛فكانت لي كالدستور للحياة،وزارنا في مجلس شيخنا ابن فدغوش بعض المشتغلين بالدعوة إلى الله آن ذاك ،فأبهرنا حديثه،وأطربنا مقاله،وهز أرومتناهزا،بنثره وشعره،حتى بلغنا النشوة ؛وحل بنا الطرب ؛سوغه صغر السن،وروائح الشباب،وقلةالحصيل من العلم والتجارب،فخرجنا بخروج ذلك الرجل بعد ذلك المجلس،وكأن مشايخنا ابن وهف ،وابن فدغوش قد رأواذلك فينا،فالتفت نحوي شيخنا ابن فدغوش رحمهم الله جميعاوقال :
من شاء أن ينفع الله به،ويستعمله الله في الدلالة عليه،والدعوة إليه،فلايتعلق بالرجال ،ولكن يتعلق بالكتاب والسنة،ويبني علمه على الكتاب والسنةبفهم سلف الأمة،ويرد من حيث وردوا، فقمن أن يصدر كما صدروا ...فالحق لايعرف بالرجال،فالفتن تكتنفهم مالم يعصمهم عاصم الموت ...وشيخنا السعيد يلتفت إلينا ويصدقه بابتسامةفي تواضع كأني أنظر إليها الآن ... رحمهما الله جميعا ...
وبحق فالعلماء منار الارض بنور السماء فلا يعرف قدرهم عند بعض من جهله الا بعد موتهم ،لكمال تواضعهم،ولزومهم جادة الإخلاص،والبعد عن الشهرةوالتشهرباسم المصلحةالدعوية،فهم يعلمون منزلةالأعمال القلبيةوأثرها على الأعمال،رحمهم الله،وزادناعلماوعملا ...
و والله إن أعظم الملك في هذه الدنيا هو أن تملك القلوب وكان هذا جليا في تأثر الناس بوفاة شيخنا السعيد،وكثرةالشهادةله بالخير،وقبول حصنه،وانتفاع الدنيابه أمارةذلك ...
ومما شرفني الله بحضور بعض مجالسه العلميةفي أول حياتي ورأيته قد أوقف نفسه للعلم وبذل جهده في التعليم ،و بذل نفسه للعلم في حياته بذلا يغبطه عليه أقرانه،ويسبقهم برتوةفي زمانه أحسبه والله حسيبه،وإنك لترى وجوه الناس عند فقدها لهؤلاء الأجلاء،شاحبةلأن العلماء هم القدوات للامة وهم ضمير الأمه الحي ولسانها الناطق بآلامها وآمالها ..
وأما ثمارالجهود العلمية
والتربوية التي قدمهاشيخنا السعيد في حياته رحمه الله رحمةواسعة،فأكثر من أن يحصيها قلم مكلوم،وبال بفقده مهموم،وهي في مواقعه العلميةموجودة،وفي طيات كتبه ممهودة ..
ووالله ما حضرت جنازه عالم من علمائنا رحمهم الله إلا وأستشعرت خطوره فقد العلماء وخطر التعجل من الطلاب للتصدر قبل التأهل،ولو أن الثقةبالله أنه جل وعز حافظ دينه،ومعلي كلمته ..
وفي هذا ملفت هام ،ومأخذ لطيف،فموت أمثال شيخنا السعيد يتأكد به وجوب العناية بالعلم الشرعي،والتأهل
العلمي لطلاب العلم ليكونوا خير بديل لخير جيل
،الورود على ماورد عليه الرعيل الاول (الكتاب والسنة ) بفهم القرون المفضلة ...
و لن تكتمل معادلة العلم لطالبة حتى يوافق القول والعمل، وهذا من أعظم مفاتيح رسوخ العالم في علمه، وكونه ربانيا ..
بقي أن أقول :
السعيد رحمه الله؛ لم يرتبط بتيارات ولابأحزاب ولاجماعات تقوم على مخالفة الكتاب والسنة وفهم سلف الأمةالصالح ،فعاش مستقلا متفردا ...وماضره ذلك شيئا ...بل والله رفعه ونفعه ،وكان شعاره الذي رشمته يمينه على كل كتبه بلا استثناء *في ضوء الكتاب والسنة* وفي هذا درس منهجي علمي عملي يصدق ماكان يأمرنا به، ...
رحمة الله تغشاه ، علمنا حيا،وتعلمنا منه ميتا ...
رحمه الله رحمة واسعة ...
وكتبه محبه الداعي له بالغفران ،والعتق من النيران ...
د. محمد بن سرار بن علي اليامي ...