المعجزه القرآنية فى حديث القرآن الكريم عن الماضى
ملفات متنوعة
فأما كيف جعل كيدهم فى تضليل فقد بينه الله فى صورة وصفية رائعة حيث قال تعالى " {وأرسل عليهم طيراً أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول } [الفيل 4/5] .
- التصنيفات: الإعجاز العلمي -
من خصائص القرآن الكريم التى تشير إلى ربانيه مصدره ما أشار إليه القرآن بقوله {وَ إِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْخَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد ٍ} [فصلت/ 41-42] .
لقد تكلم القرآن عن الماضى وتكلم عن المستقبل وفى كلامه عن الماضى أو المستقبل تنزيه عن الخطأ ، وهو فى كلا الأمرين يقدم الدليل الكامل على أنه من عند الله تعالي و بمشيئة الله تعالى سوف نضرب أمثله ثلاث لحديث القرآن عن الماضى و نتناولها بالتفصيل و هى
1- قصة غرق فرعون و نجاة بدنه
2- قصة عاد و ثمود
3- قصة أصحاب الفيل
أولا مومياء فرعون و إسلام العالم الفرنسي ( موريس بوكاى )
تحدث القرآن الكريم عن غرق فرعون و جيشه أثناء مطاردته لسيدنا موسي عليه السلام وحيث شاء الله أن يلفظ البحر بدن فرعون أى جسده المجرد من الروح حتى لا يكون هناك شك فى أن هذا الفرعون قد غرق فيصبح عبرة للمجتمع.
وتبقى جثة فرعون من آيات الله حيث حفظهما حتى يراها العالمين وهذه المعجزة باقية للناس ليوم القيامة . فسبحان الله تتوافد الألوف من السياح من جميع أقطار العالم لمشاهدة هذه المومياء ولكن مع الأسف يجهلوا الدرس الذى من أجله حفظ الله تعالى جسد الفرعون وفيه إنذار لكل من يكذب الله تعالى ورسله صلوات الله عليهم أجمعين. وفى ذلك يقول الله تعالى " {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} " ( [يونس 92] ) .
وفى العصر الحديث فى الربع الأخير من القرن الماضى تحديداً فى عام 1981 أرسلت هيئة الأثار الفرنسية إلى هيئة الأثار المصرية فى طلب مومياء ( فرعون مصر ) إلى فرنسا لإجراء اختبارات وفحوصات أثرية لمعرفة الكثير من الحقائق حول جثمان الفرعون وحملت المومياء إلى فرنسا و تم نقلها إلى جناح خاص فى مركز الأثار الفرنسى ليبدأ بعدها أكبر علماء الأثار فى فرنسا و أطباء الجراحة والتشريح دراسة تلك المومياء و أكتشاف أسرارها وقام كل عالم من هؤلاء الجراحين بعملهم كل فى مجاله أما الدكتور "موريس بوكاى" رئيس البعثة فقد شغلته أمور أخرى وهى كيف مات هذا الفرعون ؟؟
وكيف ظلت جثته باقية طوال هذه السنوات وهى أكثر سلامة من غيرها رغم أن البحر لفظها على الشاطئ فور غرقها ؟
وبينما يقوم بالفحوصات والتحاليل والكشف بالأشعة التلفزيونية وقعت المفاجأة كالصاعقة علية. وياترى ما تلك المفاجأه ؟
فقد وجد بقايا ملح عالقة بجثمانه واكتشف مالم يكتشفه أحد و هو أن الفرعون مات غريقاً.
و قد أظهرت النتائج النهائية لأبحاث العالم " موريس بوكاى " صورة عظام الفرعون المكسورة بدون تمذق الجلد والتى أظهرتها أشعة إكس وكان ذلك أكبر الدلائل على أن الفرعون مات غريقاً ! وأنه تكسرت عظامه دون اللحم بسبب أنضغاط المياة !
وأن جثته لفظت من البحر بعد غرقه فوراً ثم أسرعوا بتحنيط جثته لينجوا بدنه. والغريب أنهم أستطاعوا أيضاً تفسير الوضعية الغريبة ليده اليسرى وذلك أنه كان يمسك لجام فرسه أو السيف بيده اليمنى ودرعه باليد اليسرى فى وقت الغرق.
ونتيجة لشدة المفاجأة وبلوغ حالاته العصبية إلى ذروتها ساعة الموت و دفعه الماء بدرعه فقد تشنجت يده اليسرى وتيبست على هذا الوضع فاستحالت عودتها لمكانها مرة أخرى كما هو معروف طبياً. كان موريس بوكاى يعد تقريراً نهائياً عما كان يعتقده أكتشاف جديداً فى أنتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرةً.
حتى همس أحدهم فى أذنيه : لاتتعجل فإن المسلمين فى قرآنهم يتحدثون عن غرق هذه المومياء. ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر و استغربه فمثل هذا الإكتشاف لايمكن معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية بالغة الدقة وأن هؤلاء المسلمين لم تصل إليهم هذه الحاسوبات بعد. فقال له أحدهم إن قرآنهم الذى يؤمنون به يروى قصة عن غرقه وعن سلامة جثته بعد الغرق و ازداد تعجبه وقال كيف يكون هذا وهذه المومياء لم تكتشف أصلاً إلا فى عام 1898 ميلاديه أى قبل مائتى عام تقريباً بينما قرآنهم موجوداً قبل أكثر من ألف وربعمائه عام ؟
وقرر " موريس بوكاى " السفر إلى المملكة السعودية لحضور مؤتمر طبى يتواجد فيه جمع من علماء المسلمين و هناك كان أول حديث معهم عما أكتشفه من نجاه جثة فرعون بعد الغرق فقام أحدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى " {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس 92] }
وظهر النور ونطق " موريس بوكاى " الشهادتين ثم رجع إلى فرنسا بغير الوجه الذى ذهب به وهناك مكث عشر سنوات ليس له شاغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثاً مع القرآن الكريم و البحث عن تناقض علمى واحد عما يتحدث به القرآن ليخرج بعدها نتيجة قوله تعالى : " { لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [ فصلت 42]
ومن ثمرة هذه السنوات أن خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم هز الدول الغربية قاطبه ورج علمائها رجاً.
وكان عنوان الكتاب : " القرآن والتوراة والإنجيل والعلم .. ودراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة " .
ونفذت طبعة الكتاب من كافة المكتبات ثم أعيدت طباعته الاف المرات وترجم إلى معظم لغات العالم وتم تداوله بين الجميع.
ثانيا: قصة عاد و ثمود
يقول سبحانه وتعالى : " { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ. إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَاد. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَاد. وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ . وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} . [الفجر 6/ 14] .
وقد جمع الله فى هذه الآيات القصار مصارع أقوى الجبارين الذين عرفهم التاريخ القديم
مصرع عاد و إرم و هى عاد الأولى و قيل أنها من العرب العاربة أو البادية وكان مسكنهم بالأحقاف وهى كثبان الرمال فى جنوب الجزيرة بين حضر موت واليمن وكانوا بدواً ذو خيام تقوم على عماد وقد وصفوا فى القرآن بالقوة و بالبطش فقد كانت قبيلة عاد هى أقوى قبيلة فى وقتها وأميزها ( {التى لم يخلق مثلها فى البلاد} ) فى ذلك الأوان .
وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وكانت ثمود تسكن بالحجر فى شمال الجزيرة العربية بين المدينة والشام وقد قطعت الصخر وشيدته قصوراً كما نحتت فى الجبال ملاجئ و مغارات.
وفرعون ذى الأوتاد وهى على الأرجح الأهرامات التى تشبه الأوتاد الثابتة فى الأرض المتينة البنيان وفرعون المشار إليه هنا هو فرعون موسى الطاغية الجبار .
هؤلاء هم الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} [الفجر 11/12] .
فلما أكثروا الفساد كان العلاج هو تطهير وجه الأرض من الفساد " {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} " ( [الفجر 13/ 14] ) فربك راصد لهم ومسجل لأعمالهم.
وهناك من أنكر عاد و ثمود و أنكر الكوارث التى أصابتهم بغير حجة فما لبثوا طويلاً حتى تبين لهم أن عاداً و ثموداً مذكورتان فى تاريخ بطليموس .
وأن إسم عاد مقرون بأسم أرم فى كتب اليونان فهم يكتبونها ( إدراميت ) ويؤيدون تسمية القرآن لها بعاد أرم ذات العماد وعثر المنقب موزيل التشيكى صاحب كتاب الحجاز الشمالى على أثار هيكل عند مدين منقوش عليه بكلام بالنبطية واليونانية وفيه إشارة إلى قبائل ثمود
ثالثا: قصة أصحاب الفيل
( قصة أصحاب الفيل وإبرهة ) يقول الله سبحانه وتعالى " {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} [سورة الفيل 1/5] .
فقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل 1] . وهو سؤال للتعجب من الحدث و التنبيه إلى دلالته العظيمة فالحدث كان معروف للعرب و مشهوراً عندهم حتى لقد جعلوه تاريخ فكانوا يقولون حدث كذا عام الفيل وحدث كذا قبل عام الفيل بعامين وحدث كذا بعد عام الفيل بعشر سنوات و المشهور أن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم كان فى عام الفيل ذاته ولعل ذلك من بدائع الموافقات الإلهيه المقدرة.
وإذن فلم تكن الصورة للإخبار بقصة يحصلونها ، إنما كانت تذكيراً بأمر يعرفونه و المقصود به ما وراء هذا التذكير.
ثم أكمل القصة بعد هذا المطلع فى صورة الإستفهام التقريرى كذالك .... " {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } [الفيل 2 ] ). أى ألم يضل مكرهم و كيدهم فلا يبلغ هدفه وغايته شأن من يضل الطريق فلا يصل إلى ما يبتغيه ، فقد حطم الله الأقوياء حيث شاءوا الإعتداء على بيته و حرمه فكذلك سوف يحطم الأقوياء الذين يقفون لرسوله ودعوته.
فأما كيف جعل كيدهم فى تضليل فقد بينه الله فى صورة وصفية رائعة حيث قال تعالى " {وأرسل عليهم طيراً أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول } [الفيل 4/5] .
والأبابيل هى: الجماعات ، وسجيل : كلمة فارسية مركبة من كلمتين بمعنى حجر وطين ، والعصف : الجاف من ورق الشجر.
ووصفه أنه مأكول أى فتيت طحين حين يأكله الحيوان فيمضغه ويطحنه.
وهناك من أنكر أبرهه أو أنكر نكبه جيشه ، و مقصده بهدم الكعبة وبنائه القليس فى صنعاء لصرف الناس و العرب عن الكعبة.
ثم تنكشف النقوش عن اسمه على ضرائب سد مأدب ملقبا الحبش من قبل : ( ملك الحبشة وسبأ و ريدان وحضر موت واليمامة و الوعر والساحل )
ويروى الرحالة " بروس " الذى زار بلاد الحبشة فى القرن الثامن عشر انهم يذكرون فى تواريخهم أن أبرهه قصد إلى مكة ثم أوفد عنها لما أصاب جيشه من المرض الذى يصفونه بالجدرى.
ولا يقل عن هذه الأسانيد جميعاً سند التاريخ بعام الفيل قبل البعثة المحمديه بجيل واحد بل أقل من جيل.
و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
د / جلال عبدالله المنوفى