انتشار فساد الأخلاق والقيم:المقال الثاني
ملفات متنوعة
لقد انصب اهتمام أعداء الإسلام، أعداء الأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن على نشر فساد الأخلاق وضياع القيم، فلماذا؟ ! ! !
- التصنيفات: الآداب والأخلاق -
إن من المؤسف والداعي للرثاء حال الذين يتهجمون على النظام الإسلامي في الأخلاق والسلوك العام والخاص، إننا نرثي لحال أولئك الذين لا يعرفون عن الإسلام شيئا وهم يناصبونه العداء، نرثي لجهلهم ونرحم حالهم وشقاءهم.
ونكون أشد حزنا لحال من يدعي الإسلام وهو يحاربه ويتهجم على نظامه الاجتماعي عن جهل أو عن معرفة، فحينما نسمع من يدعي الإسلام ثم يقول عن قتل القاتل إنه وحشية، وعن قطع يد السارق إنه همجية، وعن عقوبة الزنا بقسميها أنه تدخل في الحرية الشخصية، وعن الحجاب أنه ظلم للمرأة وطمس لها، وعن الحشمة والعفة والوقار أنه من مخلفات الماضي البغيض المتخلف، وعن أشياء أخرى كثيرة حث الإسلام على التمسك بها أو الانتهاء عنها يقول عنها أنها غير صالحة في زماننا، أو أنها كانت لقوم مضوا وانتهوا وانتهت معهم تلك المفاهيم.
إن حال هذا المتحذلق يدعو للرثاء ولا حزن عليه، لأنه يعيش في دوامة مطبقة من الجهل، إنه بحق كما يقول المناطقة " حيوان ناطق " إنه يقلد ما يقوله أعداء الإسلام حرفيا كما تقلد الببغاء الأصوات التي تسمعها، وفوق ذلك يرى نفسه أنه متحضر ومتطور، وأنه بلغ السماء طولا والجبال ارتفاعا، ولا يدري أنه قزم حقير ضئيل على حد قول الشاعر:
مثل المعجب في إعجابــــــه ...مثل الواقف في رأس الجبل
ينظر الناس صغارا وهوفي ... أعينهم صغيرا لم يـــــــزل
وحينما ينبري بعض الكتاب السفهاء أو بعض الكاتبات السفيهات ليتباكوا على النظام الأخلاقي الذي أرشد إليه الإسلام بأنه غير حضاري، إنما هم أدوات في أيدي أعدائهم وأعداء دينهم، باعوا ضمائرهم بل ودينهم بثمن بخس وليس لهم عند الله – إن لم يتوبوا – من خلاق.
والذين يجتهدون في نشر الخلاعة والمجون في وسائط الإعلام المختلفة إنما هم عبيد لليهود وخدم لهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وحينما يدعون إلى تأخر الزواج بين الشباب والشابات إلى ما بعد فتور فوران الشهوة فيهم، وبالتالي يقدمون لهم كل وسائل الإغراء لاقتحام الشهوات الجنسية، إنما هم يطبقون جزءا من المخطط المرسوم لمحو الفضائل وإشاعة الفواحش، لأن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، لأن فطرهم انعكست وصار العالي سافلا والسافل عاليا في نظرهم.
والذين يدعون إلى تحديد النسل لئلا يحصل الانفجار السكاني بزعمهم، وبالتالي فلا يجدون لقمة العيش أو يدعون إلى الحد من الإنجاب محافظة على رشاقة المرأة وتألقها إنما هم مخادعون كاذبون ينفذون جزءا من المخطط اليهودي، إذ أن اليهود والنصارى يشجعون تكاثر النسل بينهم، وقد سمعت من إذاعة إسرائيل أنهم احتفوا واحتفلوا بامرأة أنجبت ثمانية أولاد وكرموها وأعطوها عدة جوائز.
ومثلهم دعاة منع الحمل بدون ضرورة أو الإجهاض بلا سبب أو الدعوة إلى خروج المرأة للعمل سافرة متبرجة مبدية زينتها لكل من هب ودب وتضحك مع هذا وتميل إلى هذا، وهذا يمدحها وهذا يضرب على كتفيها استحسانا لها أو لعملها وهي تمشي العنجهية مشية العسكري في طابور التدريب عارية أو شبه عارية.
وكذلك احتقار الحياة الأسرية والعيش مع الأولاد وتهوين الخيانات الزوجية، وما إلى ذلك من الرزايا التي وصل إليها دعاة الأفكار المنحطة التي غزت كل بيت في ديار المسلمين إن أخطأته واحدة أصابته الأخرى ولابد.
ومن الظلم الصارخ والغش المبين تشويههم لصورة الإسلام الناصعة، فقد ربطوا كل صورة من صور التأخر والتخلف الحضاري والمدني بالتمسك بالإسلام أو ترك مذاهبهم التي هي حبل النجاة بزعمهم، فربطوا كل صورة من صور التقدم والنهوض والعيش الرغيد بالتمسك بمذاهبهم وأفكارهم، وقد رأيت في بعض الاحتفالات ببعض الذكريات الخرافية أنهم يأتون بكلام عن الحضارة الغربية وتفوقها، وثم تأتي طائرات تهز الأرض ثم يخلفها رجل عربي يركب حمارا، وأحيانا يركب جملا وعليه أغراضه، ثم تتكرر مناظر كثيرة كأنها تقول انظروا إلى ما عندنا أيها المسلمون وانظروا إلى ما عندكم، وإذا جاز لنا أن نعذرهم لأنهم لم يقرأوا قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال:60] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :(( «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» )) ، وغير ذلك من النصوص التي يجهلونها، إذا جاز لنا أن نعذرهم، فبأي وجه نعذر من يدعي الإسلام ويقرأ تلك النصوص ثم يرجع باللائمة على الإسلام وتعاليمه وكأنه يقول لم يمنعنا من صناعة هذه الطائرات إلا أن نتخلى عن ديننا لنصبح أمة صناعية؟ ! !، أو نتخلى عن عاداتنا الشرقية – كما يسميها الغرب – أي نتخلى عن ديننا ونظامه في السلوك لنصبح في قمة التطور.. إنها أماني بلا برهان، وحجة العاجز الذليل، فهل الإسلام منعهم وأقام السدود والحواجز بينهم وبين أي مصدر فيه قوة المسلم أيا كان، أليس الإسلام قد دعا إلى القوة واعتزاز المسلم بدينه ويعمل يده واستغنائه عن غيره من المسلمين فضلا عن أعداء الإسلام ؟
لقد انصب اهتمام أعداء الإسلام، أعداء الأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن على نشر فساد الأخلاق وضياع القيم، فلماذا؟ ! ! !
يأتي الجواب تلقائيا لأنهم يعرفون أن في فساد الأخلاق وضياع القيم تفتيت للروابط الاجتماعية كلها فتنتشر الرذائل التي تعجل بهدم كيان ذلك المجتمع الذي تنتشر فيه، حيث ينتشر الكذب والغش وقطع صلة الأرحام والعداوة والبغضاء والتهاجر وعدم الثقة بين الناس واختفاء الأمانة وانتشار الدعارة والفجور.. ومساوئ كثيرة هي أشبه ما تكون بالمسامير في النعش.
وتنتشر الرشوة بكل مظاهرها سرا وجهرا بين أصحاب النفوس الضعيفة فتضيع الحقوق وتختل موازين العدل بين الناس، ولهذا فسدت ضمائر كثير من الموظفين، فتجد المظلوم يصبح ظالما وصاحب الحق يصبح معتديا وباذل الرشوة يصبح صادقا محقا ناهيك عن اختلاس الأموال العامة بمجرد الحصول عليها بأي سبيل إذ لا رادع يردعه عن ذلك.
كما ينشأ عن فساد الأخلاق الاحتكارات المحرمة شرعا والإثراء عن طريقها وكذا تهريب المخدرات للحصول على المال من جهة، ولإفساد حياة المسلمين من جهة أخرى، لأن فساد الأخلاق هو فساد الفضائل، قال شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا