عالِم تزوج وداعية اغتنى!!

منذ 2018-12-19

من المؤسف أن (ميادين تويتر والفيس المعرفية) باتت منطلقا للشائعات والأكاذيب، فيكذب أحدهم الكذبة تبلغ الآفاق.

 

ليس لبعض الناس من شغل سوى رصد حركات المشايخ ومناشطهم وعلاقاتهم! (قل مَن حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) سورة الأعراف.

شائعات! وتضخيمات! وتهم! وأوهام! وليس الغرض منها إلا التشويه والسخرية (إن بعض الظن إثم) سورة الحجرات.

أبرز تهمتين للشرعيين في مواقع التواصل: الزواج، والمال!

كأنيَ بالمحرم صار دأبي

ولم آتِ من الطرق الصحاحِ.

كأن هذا العالم يجب عليه أن يلزم حالة الصمت الرهباني!

أو يختبئ في مخبأ الزهد الأعمى! وفي حديث الثلاثة العباد (أنا خير منكم ومن رغب عن سنتي فليس مني).

فلا يسوغ يحرم نفسه اللذائذ، ويمنعها المال والغنى والتبسط، مما أباحه الله. إن تزوج فالشرع أباح أربعا، ومن حر ماله.

لم يسرق مشاريع كبرى، ولا باع أسهم البنوك، ولا اختلس أموال الجمعيات.

وإن اغتنى فالله واهبه، ولديه عقارات سابقة، وأرصدة بنكية معروفة، لم تُجمع في سنة ولا حازها في أشهر.

الأصل إحسان الظن بعموم المسلمين، لا سيما صفوتهم، وان لا تنتقد بلا برهان. ( {لولا يأتون عليهم بسلطان بين} ) [سورة الكهف] .

أضحى العالم التويتري، محطات للرصد والتهمة وصناعة الظنون عبر هشتاقات غير دقيقة، وهدفها النيل من العلماء والدعاة . والتثبت مطلوب والرزانة حصافة. ( {فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة} ) [سورة الحجرات] .

الممنوع التقاتل الدنيوي والعيش المطلق لها ونسيان الواجبات (فتنافَسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم) كما ورد في المرفوع.

العالم من مِسلاخ الناس في أحوالهم وعاداتهم وليس نبيا منزّها ولا ملَكا مقربا.

قد يُرى العالم أو الداعية ضاحكا، ولاهيا بحدود، ولا ضير في ذلك لحديث ( «لتعلمَ يهودُ أن في ديننا فُسحة» ).

قد يزل بعضهم زللا ليس مستساغا، ولكنه في النطاق البشري، فيُصفح عنه، ويُتجاوز بكل هدوء.

بشريتهم لا تعصمهم من الخطا، أو تحرمهم المباحات وولوج الأسواق والمحاورة في ذلك، ( {وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق} ) [سورة الفرقا] ن.

بحثُنا عن داعية متكامل لا يأكل ولا يتسوق ولا يضحك ويمازح، مخالفا للشرع ومقتضى البشرية، والمهم تعظيم الشرع، وعدم الانسلاخ من الآيات.

ربما يستفاد من ذاك تواضعه واحتكاكه بالناس وتعرفه على أحوالهم مما ينفعه كداعية او مصلح .

الغريب المشين هنا هو الزواجات المتلاعب بها، والتجارات المجموعة من طرق ملتوية، أو ولدت فجاة وبلا متاعب ومقدمات! وهو ما ينزه عنه الدعاة الصادقون ( {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ) سورة فاطر.

(ولا يجني جان إلا على نفسه).

ثمة دعاة معدّدون وهم من أعظم الناس أثرا في المجتمع، وكلماتهم تشق الوجدان سطوعا وابتهاجا ومصداقية، لأن حبل الكذب قصير وممرض.

لو أنشأ الداعية تجارات وعقارات، وتسبّب بصدق وسماحة فلا ضير، والمهم أن لا يتلوث، وألا تطغى على رسالته الدعوية.

ليس حسنا أن نصبح حكاما على العلماء في شؤونهم الدنيوية، (وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس)، كما قال العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله.

وكلّفني لسانيَ من ثقال

وجرّعني المعيشَ على وبالِ

من المؤسف أن (ميادين تويتر والفيس المعرفية) باتت منطلقا للشائعات والأكاذيب، فيكذب أحدهم الكذبة تبلغ الآفاق.

وقليل الدعاة للتثبت والتأمل والفحص.

قالوا تزوجتَ قلت النتُ زوجني

وأنزلوني بذي الأنهار والمدنِ

مسموعاتك أو مقروءاتك الالكترونية ليست دليل الصدق وفي الحديث: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع).

اخطاء بعض الأخيار تُنتقد في سياقها، ولايجوزتعميمها (اعدلوا هو أقرب للتقوى) سورة المائدة.

ومضة/ ليس عيبا أن يتزوج الداعية ولكن العيب مناهج الافتراء والتلفيق وتلوين المشهد!

 

حمزة بن فايع الفتحي

رئيس قسم الشريعة بجامعة الملك خالد فرع تهامة، وخطيب جامع الفهد بمحايل عسير

  • -8
  • 3
  • 2,770

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً