العلمانيون بين الفتنة واليأس
منذ 2019-01-07
لازال وسيبقى العلمانيون ضعيفين فكرياً وسياسياً، فهم أولاً قليلو العدد، وثانياً متناقضون فكرياً وسياسياً، وفيهم الرأسمالي والاشتراكي والشيوعي وغير ذلك، وأحياناً يسمون القوى المتحالفة غير الدينية
قد يدري العلمانيون أو من تأثر بالعلمانية والأغلب أنهم لا يدرون أنهم أحد أكبر أعداء شعوبنا وأمتنا لأنهم أشعلوا كثيرا من الفتن العقائدية والسياسية والاجتماعية مما أدى إلى تفرق أمتنا وشعوبنا إلى أفراد وجماعات وحكومات وتجمعات متناقضة ومتنافرة والتفرق هو العمود الفقري للضعف والهزيمة والتخلف. قال تعالى: {وأطيعوا الله ورسولــه ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال:46]وإليكم الأدلة:-
1- مطالبات العلمانيين بحرية التهجم على الدين، وفصل الدين عن الدولة، ورفض تطبيق الشريعة، وحماية الروايات الجنسية (بحجة الإبداع الأدبي)، وتقليد الغرب في بعض عقائده وعاداته واحتفالاته.. إلخ أدت إلى فتن عقائدية واجتماعية والى إشغال الشعوب بقضايا محسومة، ومن المعروف أن الاختلاف العقائدي هو أكثر الأنواع تدميراً للوحدة الشعبية، وأكثرها زرعاً للكراهية والتنافر، وتم استغلال هذه الاختلافات من بعض من فسدت ضمائرهم وأخلاقهم، فزادوا في انحرافاتهم واعتداءاتهم على مصالح الوطن والأمة، وأحب أن أذكر أن العلمانيين العرب الحقيقيين قلة قليلة وضعيفة جداً، ولكنهم نجحوا في الهدم وإثارة الشبهات والتشويش على أبصار وعقول فئات أخرى نتيجة جهل الشعوب، وضعف وعيهم واتصالاتهم، فإذا كنا كمسلمين عرفنا بفضل الله سبحانه وتعالى الحق من الباطل، والهداية من الضلال في القضايا العقائدية والتشريعية، فإن العلمانيين يريدون أن نقف ونفكر ونتساءل أين الحق وأين الباطل؟ وما هي الحرية؟ وما هو العدل؟ وهذا بحد ذاته فتنة ناهيك عن إضاعة الجهد والوقت.
2- لازال وسيبقى العلمانيون ضعيفين فكرياً وسياسياً، فهم أولاً قليلو العدد، وثانياً متناقضون فكرياً وسياسياً، وفيهم الرأسمالي والاشتراكي والشيوعي وغير ذلك، وأحياناً يسمون القوى المتحالفة غير الدينية، وهذا الضعف انعكس في قدراتهم على تحقيق إنجازات طيبة سواء على مستوى الحكومات، أو الأحزاب، أو حتى النقابات والاتحادات الطلابية. ومن وصل منهم إلى الحكم فشل فـــي تحقيق الإنجازات الطيبـــة مــــع ضخامة الموارد التي كانت تحت سيطرتهم سواء كانت بشرية أو مادية. ولا شك أن الضعف الفكري والسياسي سيحد كثيراً من القدرة على وضع رؤية للإصلاح، ووضع الخطط الاستراتيجية والشاملة للتنمية. ومعرفتهم بضعفهم جعلتهم يبحثون عن أي "قوة" ليستفيدوا منها في إعطاء وزن لهم، ولهذا وجدناهم يتحالفون مع حكومات اشتراكية ويسارية، ثم مع حكومات يمينية، وكانوا ضد أمريكا، واليوم أغلبيتهم معها فكرياً وسياسياً، ولم يمانعوا أن تستند قوتهم على أعراق معينة، أو تكتلات سياسية، أو حتى شعارات فكرية، فالمهم أن يبقوا ويعيشوا حتى ولو تنكروا لبديهيات مبادئهم المحدودة، وهذا التقلب أفقد الناس الثقة بهم، كما أدى إلى فتن وضبابية إلى درجـــة أننا لــم نعد نعرف من يحارب من؟! وماذا يريد هذا أو ذاك؟! ومـــن هو عدو الأمة ومن هو صديقها ؟!
3- قدرة العلمانيين الكبيرة لأنهم أبناء الفلاسفة في توجيه الاتهامات، وإثارة الشكوك مما جعلهم يتهمون الحكومات والجماعات والأحزاب والأفراد بتهم متنوعة، فهذا متطرف، وهذا عميل، وهذا ضعيف، وهذا حرامي، وهذا كذاب، وهذا أحمق، وهذا إرهابي، وهكذا.. فحتى الأعمال الخيرية لم تسلم من تشويه أهدافها مع أن أعمالها ظاهرة جداً في كفالة الأيتام، ومساعدة الفقراء، وبناء المدارس والمستوصفات والمساجد، ولم يقتصر التشكيك على الواقع ومن فيه بل امتد حتى تاريخنا، وأخذوا يكذبون كل ما فيه من إيجابيات، ويصدقون كل ما كتب عنه من سلبيات، بل يضيفون لها سلبيات جديدة، ولو صدقنا هذه الاتهامات لفقدنا ثقتنا في كثير مما في واقعنا من حكومات وتجمعات وأفراد ومؤسسات، ولتركنا العمل، وتقاعسنا عن المشاركة في البناء، ومن جهل العلمانيين ظنهم أن هذه الاتهامات لن يكون لها نتائج مريرة تفسد الود والوحدة والاحترام والتفاؤل، ومن طبيعة البشر أن يكرهوا من يتهمهم حتى ولو كان صادقاً، فكيف لو كان كاذباً أو جاهلاً يتبع الظنون؟ وكثيرا ما يكون الكلام أشد فتكاً في النفوس والشعوب من الرصاص، ويشعل من الكراهية والعنف الشيء الكثير، ويؤدي إلى التفرق والضعف، ونحن لسنا ضد الحوار العلمي الهادئ الباحث عن الحق والموضوعية والاعتدال ولكننا ضد اتهامات كاذبة وباطلة لعقائدنا وقيمنا وتاريخنا.
4- قال الدكتور فؤاد زكريا "أما التجارب التاريخية، فلم تكن إلا سلسلة طويلة من الفشل إذ كان الاستبداد هو القاعدة والظلم هو أساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم والعدل والإحسان والشورى وغيرها من مبادئ الشريعة لا تعدو أن تكون كلاماً يقال لتبرير أفعال حاكم يتجاهل كل ماله صلة بهذه المبادئ السامية"
أي قارئ لهذا الكلام سيصاب باليأس والتشاؤم إذا صدقه، ولكن الحقيقة غير ذلك فقد حققنا سلاسل من النجاح فأنشأنا دولا عظمى، وحققنا الوحدة السياسية لعالمنا العربي عدة مرات، وحققنا كثيرا من العدل والرحمة والشورى..الخ وحققنا انتصارات عسكرية وتطوراً اقتصاديا وعلميا وثقافيا، فالخلافة العثمانية كانت دولة عظمى لعدة قرون، وغير ذلك كثير، فهل حققنا هذا من خلال الاستبداد والظلم!! ولا شك أن الشورى طبقت مرات كثيرة، وكذلك العدل، وأغلب دولنا كانت العلاقة فيها طيبة بين الحكومات والشعوب وكان هناك مبادئ وأعراف تفرض العدل والاحتكام إلى الشريعة، وكلنا يعرف أن التكافل الاجتماعي قوي في المجتمع المسلم، ومن المعروف أن الإنجازات الطيبة التي تم تحقيقها كثيرة في عصرنا الحالي، ولكن العلمانيين يشككون فيها، أو في أصحابها، فهم يحطمون الأمة باليأس، ولاشك أن الهزيمة النفسية هي من أخطر أعداء الأوطان والأمم، فهي أخطر من الهزائم العسكرية والتخلف التكنولوجي والفقر، ويريد منا أعداؤنا أن نيأس وأن يشك بعضنا في بعض وهذا ما يفعله العلمانيون، بل وما يصرون عليه حتى لا تكاد تجدهم يمدحون أحدا في الأمة، وأمة لا تثق في حكوماتها وعلماء الإسلام وقيادتها لا شك أنها أمة ستبقى ضعيفة، فلابد أن نحذر من البيئة الملوثة التي صنعها العلمانيون فقتلت الحماس والبناء، والعلمانيون هم طابور خامس من حيث يدرون أو لا يدرون.!!
- التصنيف:
- المصدر: