الذعر الصفوي من الثورة السورية

منذ 2011-06-27

لا يجد المرء وصفاً لكلمة حسن نصر الله الأخيرة، ولا سيما حديثه عن الاحتجاجات الشعبية المندلعة في سوريا منذ عشرة أسابيع، خيراً من القول المأثور: سكت دهراً ثم نطق كفراً!!



لا يجد المرء وصفاً لكلمة حسن نصر الله الأخيرة، ولا سيما حديثه عن الاحتجاجات الشعبية المندلعة في سوريا منذ عشرة أسابيع، خيراً من القول المأثور: سكت دهراً ثم نطق كفراً!!

وشاء الله - عز وجل- أن يتزامن خطاب نصر الله مع واقعتين مهمتين، الأولى: فضيحة تعذيب مخابرات النظام السوري للطفل حمزة علي الخطيب إلى حد القتل ثم التمثيل السادي بجثمانه، والثانية: إلقاء الثوار في إدلب القبض على عميل استخباراتي جنده حزب الله للتآمر على المحتجين في سوريا وقتلهم والترويج لأكذوبة العصابات المسلحة التي اخترعها النظام الوحشي وسانده فيها الإعلام الصفوي وحده!!

وقبل أن نستحضر رد الجماهير السورية على موقف نصر الله المناوئ للشعب السوري، ينبغي لنا التوقف أمام تقيته المستحيلة إذ سعى إلى تأييد لفظي للنظام وللشعب معاً، وما من عاقل يؤيد القاتل والقتيل إلا إذا كان يتوهم أن ذوي الضحية مجانين ينطلي عليهم ادعاؤه الفاجر، بأنه متأثر لمصرع فقيدهم لكنه يحب قاتله المجرم ويراه مثله إنساناً طيباً!! فلو أن شخصاً ذهب للتعزية بفرد لقي حتفه على يد قاتل متعمد لما تجرأ أن يمارس هذا الفحش الوضيع!! لأنه انحياز وقح لعدوهم بصرف النظر عن الألفاظ المنمقة..


فهل أجدى نصر الله كلامه؟

في الحقيقة كان جواب السوريين على دجل نصر الله فورياً وقوياً: بالكلمة الحاسمة والشعارات الحادّة وبتمزيق صور الأمين العام لحزب الله وإحراق رايات الحزب على أيدي جماهير المتظاهرين.. فالسوريون المكتوون بنار نظامهم كانوا قد يقبلون من نصر الله الصمت باعتباره شيطاناً أخرس!! أما أن يستغبيهم؛ ليزعم أنه معهم ومع قتلتهم فذاك ما لا يقدرون على الصفح عن مقترفه، وبخاصة أن إعلام نصر الله وأبواق سادته في قم دأب على اتهام الشعب السوري في ثورة كرامته بأنه أداة في يد الأمريكيين للقضاء على "عاصمة الممانعة والمقاومة" في المنطقة!!!


السوريون يدركون أكثر من الآخرين كافة نصيب هذه الدعوى الفاجرة من "الصدق"!!

ونصر الله الذي يتوهم أنه يحتكر توزيع براءات الشرف والوطنية وصكوك الخيانة، يعلم علم اليقين أن نظام دمشق لم يطلق طلقة واحدة ضد العدو في الجولان المحتل منذ 38عاماً!!

لكن أسلحته الثقيلة التي نهشها الصدأ غادرت ثكناتها فقط لتفتك بالشعب السوري الأعزل المسالم!!

ولا ينسى الشعب السوري عربدة العدو فوق قصر بشار الأسد ولا تدمير موقع الكُبَر بالقرب من دير الزور ولا قصف معسكر عين الصاحب بجوار عاصمة بلادهم ولا تصفية رموز حماس عندهم بأيدي عملاء الموساد، وكان رد النظام "الممانع" المثير للسخرية في كل مرة: سوف نرد في الوقت المناسب!!


ونصر الله يدرك أكثر من سواه أن نظام البطش الطائفي في سوريا ليس مقاوماً حتى في لبنان، لأن هذا النظام هو الذي أنجز في لبنان ما فشل الصهاينة في تحقيقه وهو إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان بالتعاون مع عصابات أمل الرافضية!!

ثم مَنَعَ الأسد الأب بقوة جيشه وتآمر استخباراته كلَّ بندقية لبنانية ظلت تقاوم الاحتلال اليهودي لجنوب لبنان يومئذ ليتم احتكار السلاح في طائفة واحدة تأتمر بأوامر الولي السفيه في طهران!!

ونصر الله يعرف كل المعرفة أن النظام الذي يدافع عنه هو العميل منذ بيع الجولان ومنع المقاومة لتحريره ثم الآن عندما يأذن له العدو الصهيوني بإدخال الدبابات إلى المناطق المحظورة في الجبهة مثل مدينة نوى! فهل لدى نصر الله جواب!!!


إن ما يؤرق المجوس الجدد من ثورة السوريين هو ما كانوا يظنونه ووكيلهم في الشام نقطة ضعف هذه الثورة، ونعني تواطؤ العالم كله ضدها وصمت العرب كلهم عن مجازر النظام إلى ما يشبه التأييد الضمني!!

فهذا الشعب الأعزل إلا من إيمانه تحدى وما زال يتحدى دموية النظام وانعدام النصير من البشر وهنا سقط الرهان الصفوي القائم على أن البطش الهمجي سوف يخيف السوريين من جديد!!

فأنهار الدماء والإسراف في الوحشية إلى حدود اللامعقول لم تقنع الثوار بالعودة إلى أقفاص الذل والمهانة بل إن مفعولها كان عكسياً مثلما تتحدث الصور المسربة من وراء الستار الفولاذي بالرغم من قطع سائر سبل الاتصال وتقطيع أوصال المدينة الواحدة وحصار المدرعات لمواطنيها!!

والتسويف الغربي المفضوح لمصلحة نظام "الممانعة" المزعومة حتى الآن لم يؤتِ ثماره!!

وأخفق غسيل الدماغ المتواصل من آلة إعلامية ضخمة مردت على الكذب حتى صار بصمة لها!!

والصمت العربي والإسلامي لم يؤازر مخطط إعادة إقفال أفواه السوريين، وإنما كانت حصيلته اليتيمة إقناع كل الذين مَنَعَهُم عنادُهم من التصديق بوفاة النظام العربي الرسمي!!


إن القوم يدركون الأهمية الإستراتيجية الكبرى لمصير أداتهم في بلاد الشام، ذلك أن قصم ظهره يعني كسر العمود الفقري لمشروع التمدد المجوسي في المنطقة العربية كلها!! والمؤلم أن القادة العرب لا يدركون هذه الحقيقة المتعلقة بالأمن القومي والذاتي لهم، أو أنهم يدركون ولا يحركون ساكناً!!!



 

المصدر: موقع المسلم
  • 0
  • 13
  • 4,658

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً