نظرات وتأملات في فاتحة الكتاب
إن أهم مجالات الإستعانة هي الاستعانة به تعالى على رؤية الحق حقا واتباعه وعلى رؤية الباطل باطلا واجتنابه .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ....
نبدأ كل أمر باسم الله الرحمن الرحيم، والذي يستحق الحمد الدائم لرعايته الدائمة لنا في الدنيا والآخرة ولرحمته الدائمة لنا في الدنيا والآخرة، الحمد الذي - وإن قضى العبد فيه حياته - لا يبلغ أبدا رحمته بعباده ولا رعايته لهم.
الرحمن الرحيم مالك يوم الدين .... نعم إنه تذكير ثان بأن العلاقة الأهم بين الرب والعبد هي الرحمة وبأن هذه الرحمة ملاصقة للعبد دائما في الدنيا والآخرة، وحتى إن ظهرت أكثر في الآخرة لأن كل ما يحدث في الآخرة هو ليس فقط بإذن الله - كالدنيا - ولكن الآخرة - بخلاف الدنيا - كل ما يحدث فيها يرضى الله عنه فلا ظلم في الآخرة ولا عدوان.
والرحمة في الآخرة تشمل من دخل الجنة ومن دخل النار! فمن دخل الجنة فإنما أثيب أضعاف أضعاف ما قدم من عمل صالح ومن دخل النار فإنما لا يُعذّب إلا بقدر ما أساء، وهذ هو عين الرحمة التي لا تنفك عن العدل.
فما بال الرحمة في الدنيا؟ .
إياك نعبد وإياك نستعين --- إن الرحمة في الدنيا هي في تعريفك بكيفية عبادته، لأن عبادة الله هي جنة الدنيا، والرحمة في الدنيا هي بإعلامك أنه تعالى ليس بملقيك في اليم دون مساعدة، بل أرشدك لتعبده حق عبادته فتجده خير المعين.
وكيف هي الإستعانة؟ .
اهدنا الصراط المستقيم --- إن أهم مجالات الإستعانة هي الاستعانة به تعالى على رؤية الحق حقا واتباعه وعلى رؤية الباطل باطلا واجتنابه .
وما هو هذا الصراط المستقيم؟ .
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين --- إنه صراط الذين أنعم الله عليهم بحسن عبادتهم له، أي بأداء الخلافة في الأرض وتعميرها على الوجه الذي يحبه الله، وحسن استعانتهم به، أي باستهدائهم الدائم به وعدم الأمن لسواه في الاستدلال على الحق واتباعه.
أما الذين لم يحسنوا العبادة والاستهداء فهم إما يكونوا مضلين - بعد كونهم ضالين - مغضوباً عليهم لأنهم لم يكتفوا بكونهم على ضلالة بل دعوا الناس لهذه الضلالة فكانوا حقا هم شياطين الإنس، وإما أن يكونوا ضالين غير داعين إلى ضلالتهم لكنهم غير عابدين لله وغير مستهدين به، غير مكترثين للحق، غير عابئين به.
--- ونعوذ بالله من أن نكون من هؤلاء المغضوب عليهم ولا هؤلاء الضالين اللهم آمين .... أحمد كمال قاسم
- التصنيف: