النازحون السوريون.. أزمة إنسانية وكوة في جدار التعتيم
أكثر من 10 آلاف سوري اضطروا للنزوح من منازلهم تاركين أرضهم ووطنهم هربا من قمع بشار الأسد الذي يمارس أبشع الجرائم ضدهم منذ أكثر من 3 أشهر هي عمر الانتفاضة الشعبية .. هؤلاء السوريون أصبحوا الآن نازحين أو لاجئين على الحدود التركية...
أكثر من 10 آلاف سوري اضطروا للنزوح من منازلهم تاركين أرضهم ووطنهم
هربا من قمع بشار الأسد الذي يمارس أبشع الجرائم ضدهم منذ أكثر من 3
أشهر هي عمر الانتفاضة الشعبية .. هؤلاء السوريون أصبحوا الآن نازحين
أو لاجئين على الحدود التركية وقد رأوا أن الإقامة في مخيمات أو
افتراش الغابات غدا أكثر أمانا من بيوتهم التي لم تسلم من بطش بشار
وشبيحته.
ويعيش هؤلاء اللاجئون الذين فروا من مدن شملها القمع على غرار جسر
الشغور وخربة الجوز وإدلب وبانياس واقع معيشي بئيس من فقر وحاجة كما
يخيم شبح الجوع والعطش والمرض عليهم، فضلا عن الحزن والأسى الذي تملك
منهم لتركهم منازلهم بأقل الأحمال.
ورغم فتح الجار التركي حدوده لاستقبال آلاف السوريين عبر نصب "مدينة
مخيمات" للغرض وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لأكثر من 11500 لاجئ، إلا
أن السلطات التركية لم تخف قلقها من ارتفاع أعداد اللاجئين وعدم
القدرة على استيعابهم وهو ما ينبئ بكارثة إنسانية حقيقية لاسيما مع
تقدم الجيش السوري لمناطق حدودية مع تركيا.
ومع تقدم الجيش السوري، اتجه لاجئون أولاً إلى قرب الحدود مع تركيا
دون أن يعبروها، حيث بقوا في العراء وفي أماكن إيواء بدائية، مع
الافتقار للغذاء والماء.
وتركيا، وإن كانت تؤوي على أراضيها آلاف اللاجئين وتقدم المساعدة
الإنسانية أيضاً للنازحين من الجانب السوري للحدود، فإن مصادر محلية
تفيد بأن سكان القرى السورية ما بعد الشريط الحدودي يعانون انقطاعاً
في المواد الغذائية.
وفي غياب المنظمات الإنسانية ، تصل يومياً شاحنات صغيرة من محسنين في
إنطاكيا ومدن تركية أخرى حيث يزدحم العشرات في صفوف طويلة للحصول على
أكياس الخبز وأغطية وحصائر وحليب أطفال وعصائر ومعلبات وملابس.
ومعظم الوافدين الجدد على الأراضي التركية هم لاجئون أقاموا في باديء
الأمر خياما مؤقتة داخل الأراضي السورية على الحدود ثم فروا إلى
الجانب التركي من الحدود لدى ظهور الجيش.
ومن بين أفواه اللاجئين السوريين الذين أقسم الكثير منهم على عدم
العودة إلى ديارهم قبل أن يتنحى الأسد وتبدأ محاكمته، تخرج قصص القمع
وشهادات البطش الذي مارسه جنود بشار ضد المحتجين السوريين خاصة
الفارين من القرى الحدودية والذين أكدوا أن الجيش انتهج سياسة الأرض
المحروقة حتى بعد خروج الأهالي، حيث لم يسلم الحرث والحيوان من رصاص
الشبيحة ونيرانهم، كما كان الجيش يحرقون المحاصيل الزراعية والأراضي
الخضراء انتقاماً من الأهالي الذين تظاهروا في وجه الأسد.
كما يؤكد عدد من الجرحى السوريين الذين لجأوا إلى تركيا لتلقي العلاج
أنهم تعرضوا لنيران جنود إيرانيين من الحرس الثوري يشاركون في قمع
الاحتجاجات مشيرين إلى أنهم لا يتكلمون العربية ويحملون أسلحة من طراز
غير معروف وملتحون في حين أن إطلاق اللحى ممنوع في الجيش السوري،
ويرتدون بزات سوداء غير معروفة في سوريا.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" نقلت في نهاية مايو عن مسؤولين أمريكيين
لم تكشف هويتهم أن إيران ترسل مدربين ومستشارين إلى سوريا لمساعدة
السلطات على قمع المظاهرات، مشيرة إلى أن إرسال المدربين والمستشارين
الإيرانيين يضاف إلى المساعدة النظامية التي تقدمها طهران إلى دمشق،
ولا تقتصر على معدات مكافحة الشغب بل أجهزة متطورة للمراقبة تسمح
لنظام بشار الأسد بملاحقة مستخدمي شبكتي «فيس بوك» و«تويتر».
كما سمحت مراقبة أجهزة الكمبيوتر بفضل المساعدة الإيرانية على ما
يبدو بتوقيف مئات المعارضين في منازلهم في الأسابيع الأخيرة.
وكشف الكثير من النازحين الفارين من أعمال القتل والعنف فى مناطق
حدودية عن أن المخابرات السورية تحاول اختراقهم وإغرائهم بالعودة إلى
ديارهم حتى يقعوا فى أيدى أجهزة الأمن مرة أخرى.
وبينما لا ينفك النظام السوري يكرر دعواته لهؤلاء اللاجئين بالعودة
الى منازلهم بعد أن "أضحت آمنة من عبث ما يسميه ب"أفراد التنظيمات
الإرهابية المسلحة" التي يزعم وجودها، تفيد تقارير بأن قوات الجيش
السوري تعمد من وراء عملياتها العسكرية وحصارها المتواصل للقرى
والبلدات الحدودية منع المواطنين من النزوح إلى تركيا.
سوريا لا تحاول إعادة لاجئيها حرصاً عليهم كما يرى البعض، وإنما
لأنها ترى أن كوة قد فتحت في جدار التعتيم الإعلامي الفولاذي، وتخشى
أن يبقى اللاجئون في بلد منفتح كتركيا مادة خصبة للإعلاميين إذا ما
أرادت أنقرة ممارسة ضغط على دمشق بصورة أكبر، وأيضاً توفير مادة
مناسبة للحقوقيين لملاحقة نظام بشار قضائياً من خلال شهود حقيقيين
يمكن جلبهم إلى محكمة لاهاي نفسها.
وأمام ذلك تدرس أنقرة السيناريوهات المحتملة إذا ما حاول الجيش
السوري منع اللاجئين السوريين من العبور إلى الأراضي التركية باستخدام
القوة.
وصارت تركيا تأوي أكثر من 11740 لاجئاً سورياً، وهذا العدد يشمل فقط
اللاجئين المسجلين في المخيمات المؤقتة، وعددها أربعة، أنشأتها
السلطات التركية في المناطق الحدودية في محافظة هاتاي، فيما يجري وضع
اللمسات الأخيرة على المخيم الخامس في منطقة آب آيدن (الت.لي
بالعربية)، الذي ومن مساحته وعدد الخيام التي تم نصبها فيه حتى الآن،
يمكن القول إنه يستوعب عشرة آلاف لاجئ.
ووفق المراقبين والجهات المعنية، هناك ثلث العدد يمكثون بين السكان
الأتراك أنفسهم، أي أن منزلاً من بين كل 5 منازل في القرى والبلدات
التركية الحدودية يستضيف أكثر من عائلة سورية، إما بحكم القربى أو
المصاهرة أو باسم العمل الإنساني البحت.
والسؤال هنا إلى متى تستطيع تركيا استيعاب النازحين القادمين من
سوريا وهل سيكون بمقدور أنقرة الضغط من خلال ملف اللاجئين على بشار
الأسد؟ وفي هذا الصدد يشير مراقبون إلى أن تزايد عدد اللاجئين
واستيعاب تركيا لها سيؤدي إلى تعرية نظام الأسد أكثر فأكثر حيث يفقد
شرعيته بالكامل ، في الداخل السوري لأن شعبه يتركه، وفي المجتمع
العربي والدولي لأنه يشرد شعبه.
26/7/1432 هـ
- التصنيف: