الشتاء ورقة قلب المؤمن

منذ 2019-01-30

وفي فصل الشتاء أيضاً - تشتد حاجة بعض الأسر التي قد ضعف عائلها عن التكسب ، وقلة حيلته في تأمين قوت أهله ، فيأتي أصحاب القلوب الرقيقة لسد حاجة المعوزين والمحتاجين

 

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
 
الحمد لله الرحيم الرحمن ، والصلاة والسلام على أرحم الخلق بالخلق سيد ولد عندنا  ، وبعد..

فمن رحمة الله بعبده أن يجعل قلبه رقيقاً رحيماً بالعباد ، يُؤلمه ما يُؤلمهم ، ويشعر بضعفهم وحاجتهم للمعونة ، وصاحب القلب الرحيم من أهل الجنّة ، ففي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام :
"
« أهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ - وذكر منهم - وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ» .." رواه مسلم .

🌱يأتي الشتاءُ ببرده وزمهريره ليتذكر الموسِر حاجة الفقير لغطاء وكساء ودفء ومؤنة .
فلئن كان فئام من النّاس يعيشون رغد العيش من أكسية تكسو أجسادهم ، وأغطية تدفيء صقيع أبدانهم ، ففي النّاس من يئن تحت برده ، وصقيع منزله الذي لا يواري عنه برودة الجو والمكان .
لقد ذكر الله عباده المؤمنين بأنّهم :
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}  )
فتأمّل - إنفاقهم المال على حبه - فهم مع حاجتهم لهذا الطعام يؤثرون غيرهم عليهم ، فكيف بمن عنده من أغطية البرد ، ومؤنة الشتاء ماتكفي العشرات من عباد الله !

 إخوتي...
إنّما يحمل المتصدقون والباذلون لإخوانهم في الشتاء - الرحمةُ التي سكنت قلوبهم - فأصبحوا لا يقرّ لهم قرارٌ إلا بكفاية إخوانهم ، فهم رحماء ويرغبون في نيل الرحمة من الرحيم الرحمن .
وفي الحديث :
«إنّما يرحم اللهُ من عباده الرحماء » "
و" 
«الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْض يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ » " .

 وفي فصل الشتاء أيضاً - تشتد حاجة بعض الأسر التي قد ضعف عائلها عن التكسب ، وقلة حيلته في تأمين قوت أهله ، فيأتي أصحاب القلوب الرقيقة لسد حاجة المعوزين والمحتاجين يحملهم على ذلك إرادة الأجر والثواب ، ففي نصوص الكتاب والسنة مايدعو النفوس لتسارع في هذا الباب .

المتصدقون والمحسنون هم أصحاب الميمنة ، الفائزون بالجنّة والدرجات العلى ، فقد رقت قلوبُهم في أيام المسغبة والشدة والحاجة ، قال تعالى :
{
{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ؛ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ؛ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ؛ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ؛ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}
فهم يريدون هذه الجنّة التي وعدهم الله دخولها بسلام .
فمن ( أطعم الطعام ، دخل جنّة ربه بسلام ) كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ويحملهم الخوف من النار ، ويوقنون أنّ في الإطعام حجاب منها ومن لظاها ، ففي الحديث :
«اتّقُوا النّارَ ولَو بشِقّ تَمرَة»  "  [رواه البخارى ومسلم]  .
ونفوسهم تتوق لئن يصيروا من خير النّاس ، ففي الحديث :
يقول صلى الله عليه وسلم :
«خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ » [رواه أحمد]  .
ويخاف أحدُهم أن يكون ببخله قد بلغ مبلغاً عظيماً من الذم فهرب من هذا ، ففي الحديث :
يقول صلى الله عليه وسلم :
" مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِه " رواه الطبراني .
لقد أحب هؤلاء المتصدقون المنفقون الأجرَ من الله ، وانتظروا العوِض منه ، فسارعوا لكل عمل يرضى به اللهُ عنهم ، ولم يتأخروا عن سد حاجة إخوانهم المعوزين ( تجارةً مع ربهم )

فاللهم أخلف عليهم خيراً ، وبارك لهم في أموالهم وصحتهم وذرياتهم .

كتبه / 
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي

  • 1
  • 3
  • 6,404

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً