أفق يا متبع السراب
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الوزر والعار
الحقيقة عزيزي الشاب أن الكثير من الشباب لا يعرف مضار الانغماس في الشهوة وسيطرة فكر الشهوة عليه ولذلك كان من اللازم أن نتكلم عن مخاطر وتداعيات الانغماس في الشهوة؛ حتى نزيل غشاوة اللذة اللحظية التي يشعر بها كل متبع لشهوته طائع لها، قبل أن يكتشف في النهاية أن هذه اللذة كانت كسراب بقيعة حسبه ماءًا:
1- انتشار الزنى والزواج العرفي:
إليك عزيزي الشاب بعض الإحصاءات التي أجريت في بعض الدول الإسلامية عن انتشار الزنا والزواج العرفي فيها:
• بينت الإحصاءات وجود (400 ألف) حالة زواج سري، وأن أغلب الحالات بين الشباب والفتيات الذين تَراوح أعمارهم ما بين (18ـ30) سنة وأن نسبة الزواج السري بين طالبات الجامعة تشكل 6% من مجموع الطالبات المصريات.
• وفي دراسة قدمت للمركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر، جاء فيها أن هناك ما يقرب من (30 ألف) حالة زواج عرفي بين أصحاب الشركات وسكرتيراتهم.
أما عن الغرب فحدث ولا حرج، وإليك بعض الأرقام والإحصاءات التي أخذت من بعض بلدانهم، نسأل الله أن يعافينا:
• في تصريح قالته مديرة صندوق الأمم المتحدة للسكان ونشرته مجلة النور العدد 230 في جمادى الأولى 1425هـ، جاء فيه: أن عدد الفتيات المراهقات اللاتي تنجبن يوميًا يصل إلى أربعين ألفًا!!
• بعد فتح المجال أمام المرأة السويدية في كل المجالات: من قيادة الشاحنات على الطرق السريعة إلى الانضمام لوحدات القوات الخاصة في الجيوش؛ فرارًا من تهمة التمييز ضد المرأة؛ فقد أفاد آخر إحصاء نشرته مجلة الأسرة العدد 131 في صفر 1425هـ، أن (60%) من المواليد الجدد في السويد أبناء زنى لا يرتبط آباؤهم وأمهاتهم بعلاقة زواج!!
• نشرت بعض وسائل الإعلام عددًا من الإحصاءات المتعلقة بواقع المرأة الغربية، وفيما يلي ننشر ما ورد من حقائق وأرقام نشرتها مجلة المستقبل العدد 154 في صفر 1425هـ الموافق إبريل 2004م، جاء فيها:
♦ يُغتصب يوميًا في أمريكا: (1900) فتاة، (20%) منهن يُغتصبن من قِبَل آبائهن.
♦ يُقتل سنويًا في أمريكا مليون طفل بين إجهاض متعمَّد، أو قتل فور الولادة.
♦ (170) شابة في بريطانيا تحمل سفاحًا كل أسبوع.
♦ سجلت الشرطة في أسبانيا أكثر من (500 ألف) بلاغ اعتداء جسدي على المرأة في عام واحد.
♦ ألف جريمة اغتصاب منها (80%) وقعت في محيط الأسرة والأصدقاء.
وهكذا أخي الحبيب، انتشر الزنى المُقَنَّع والذي يسمونه الزواج العرفي في الدول العربية والإسلامية، أما فاحشة الزنى فقد قال الله - تعالى -عنها في كتابه الكريم: ﴿ {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} ﴾ [الإسراء: 32].
قال سيد قطب - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: (إن في الزنى قتلًا من نواحي شتى، إنه قتل ابتداء لأنه إراقة لمادة الحياة في غير موضعها، يتبعه غالبًا الرغبة في التخلص من آثاره بقتل الجنين قبل أن يتخلق أو بعد أن يتخلق، قبل مولده أو بعد مولده.
فإذا ترك الجنين للحياة ترك في الغالب لحياة شريرة، أو حياة مهينة، فهي حياة مضيعة في المجتمع على نحو من الأنحاء...وهو قتل في صورة أخرى؛ قتل للجماعة التي يفشو فيها، فتضيع الأنساب وتختلط الدماء، وتذهب الثقة في العرض والولد، وتتحلل الجماعة وتتفكك روابطها؛ فتنتهي إلى ما يشبه الموت بين الجماعات.
وهو قتل للجماعة من جانب آخر، إذ إن سهولة قضاء الشهوة عن طريقه يجعل الحياة الزوجية نافلة لا ضرورة لها، ويجعل الأسرة تبعة لا داعي إليها، والأسرة هي المحضن الصالح للفراخ الناشئة، لا تصح فطرتها ولا تسلم تربيتها إلا فيه.
وما من أمة فشت فيها الفاحشة إلا صارت إلى انحلال، منذ التاريخ القديم إلى العصر الحديث، وقد يغر بعضهم أن أوروبا وأمريكا تملكان زمام القوة المادية اليوم مع فشو هذه الفاحشة فيهما، ولكن آثار هذا الانحلال في الأمم القديمة منها كفرنسا ظاهرة لا شك فيها.
أما في الأمم الفتية كالولايات المتحدة، فإن فعلها لم تظهر بعد آثاره بسبب حداثة هذا الشعب واتساع موارده كالشاب الذي يصرف في شهواته فلا يظهر أثر الإسراف في بنيته وهو شاب، ولكنه سرعان ما يتحطم عندما يدلف إلى الكهولة فلا يقوى على احتمال آثار السن، كما يقوى عليها المعتدلون من أنداده! ).
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في فصل جامع لمضار الزنى: (والزنى يجمع الشر كله؛ من قلة الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة.
فلا تكاد تجد زانيًا معه ورع، ولا وفاء بعهد، ولا صدق في حديث، ولا محافظة على صديق، ولا غيرة على الأهل، فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرام، وذهاب الغيرة من القلب من شُعَبِه وموجباته، ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله، ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بهذا لقابله أسوأ مقابلة، ومنها: سواد الوجه وظلمته، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين.
ومنها: ظلمة القلب وطمس نوره، فتذهب حرمة الفاعل، ويسلب أحسن الأسماء من أسماء العفة، والبر، والعدالة، ويتصف بعكسها كاسم الفاجر، والفاسق، والزاني، والخائن، ويُسلب اسم المؤمن.
( «(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» )).
فإذا زنى العبد خرج من الإيمان ولم يخرج خروجًا كليًا إلا بالكفر، ويعرض نفسه لسكنى التنور، يفارق الوصف الطيب...
﴿ {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} ﴾ [النور: 26].
ويلزمه الوصف الخبيث... ﴿ { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} ﴾ [النور: 26]. وقد حرم الله على الجنة كل خبيث، وجعلها مأوى الطيبين، فقال: ﴿ {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ﴾ [النحل: 32].
وقال – تعالى-: ﴿ {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } ﴾ [الزمر: 73].
ومن عقوبات الزاني والزانية: الوحشة التي يجعلها الله في هذه القلوب الموحشة، فتعلو الوجه، ويزول الأنس، هذه الوحشة التي يراها حتى أقرب الناس إليه، تفوح رائحة الزنا منه.
ومن عقوبات الزاني والزانية: ضيق الصدر، وما يحصل له من الغم والهم بسبب هذه المعصية يقول: في أحشائها ولد مني، ما واجبي؟ ماذا عليَّ؟ هل عليَّ نفقته؟ هل عليَّ تربيته؟ هل عليَّ أن أضيفه لاسمي؟ ماذا أفعل؟ لقد تورطت.
ويعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن، وإذا كان الله يعاقب لابس الحرير في الدنيا بأن يحرمه منه في الآخرة، وشارب الخمر في الدنيا بأن يحرمه منه في الآخرة إلا إذا تاب، وكذلك الزاني معرض للحرمان من الحور العين).
ويحدثنا - صلى الله عليه وسلم - عن شيء مما يُعذب به هؤلاء في قبورهم: (( «قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور، قال-أي راوي الحديث سمرة بن جندب-: فأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم» ، [من مكان الجريمة وهو الأعضاء التناسلية]، «فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا » [أي: صاحوا]... «قال: قلت لهما: فإني رأيت منذ الليلة عجبًا، فما هذا الذي رأيت؟ قال: قالا لي: أما إنا سنخبرك... وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني» ... )).
هذا بعض ما يتعرض له الزناة من العقوبة، فمن يطيق ذلك؟!
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها
من الحرام ويبقى الوزر والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها
لا خير في لذة من بعدها النار
- التصنيف:
- المصدر: