كوكب الأرض (الحلقة الخامسة)
أحمد السعيد
خلق الله الأرض بحجم مثالي؛ فلو كانت صغيرة مثل القمر مثلَا لقلت الجاذبية؛ مما سيترتب عليه عدم الاحتفاظ بالغلاف الهوائي والمائي
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
أحمد السعيد
بعد أن أبحرنا في رحلة سريعة بداخل جسم الإنسان وإبداعه عز وجل في خلق هذا الكائن البشري، وبعد أن رأينا بديع صنعه سبحانه في بقية الكائنات الحية؛ نأتي على ذكر كوكب الأرض ولطفه وحكمته ورحمته عز وجل في تهيئة ظروف هذا الكوكب للإنسان لكي يعيش على سطحه في أروع صورة وأمثل كيفية !!!.
الدقة في تحديد حجم الأرض:
خلق الله الأرض بحجم مثالي؛ فلو كانت صغيرة مثل القمر مثلَا لقلت الجاذبية؛ مما سيترتب عليه عدم الاحتفاظ بالغلاف الهوائي والمائي؛ ومن ثم ارتفاع درجة الحرارة لتصل إلى حد الموت !!، بالإضافة إلى عدم تمكن الإنسان من المشي عليها؛ فلو كان حجم الأرض كحجم القمر لما استطاع الإنسان المشي عليها؛ ولأصبح كل البشر يمشون على الأرض كما مشى "نيل أرمسترونج" على سطح القمر عام 1969 !!!.
أما إذا كان حجم الأرض كبيرا مثل كوكب المشتري؛ لزادت الجاذبية؛ مما كان سيؤدي إلى تثاقل الكائنات على سطحها فلا تستطيع حراكًا !!!.
الدقة في تحديد المسافة بين الأرض والشمس:
تبعد الأرض عن الشمس بمعدل 93 مليون ميل، وهي مسافة ثابتة عبر ملايين السنين، ومقدرة من لدن حكيم لطيف، لكي تستقبل الأرض من أشعة الشمس ما يكفي لاستمرار الحياة على سطحها؛ فالأرض متواجدة في المنطقة المعتدلة من النظام الشمسي.
ولكن دعنا نتسأل ماذا لو تضاعفت المسافة بين الأرض والشمس إلى الضعف؟؟
الإجابة: ستقل كمية الحرارة التي تتلقاها الأرض من الشمس إلى ربع كميتها الحالية؛ فتبرد وتتجمد وتتلاشى من على سطحها مختلف أشكال الحياة.
وماذا لو حدث العكس؛ أي تناقصت المسافة بين الأرض والشمس إلى نصف ما هي عليه الآن؟؟
الإجابة: ستزيد كمية الحرارة الواصلة إلى سطح الأرض إلى أربعة أمثال، فتسخن ليحترق كل ما عليها ومن عليها؛ ولأختفت كل أشكال الحياة على سطحها.
فسبحان من قدر بحكمته بعد الأرض عن الشمس؛ وسبحان من لطف بعباده فاختار لهم أن تستمر حياتهم بعيدًا عن البرودة الشديدة و الحرارة العالية !!!.
الحكمة من ميل محور الأرض:
الأرض في دورانها حول نفسها وحول الشمس تلف حول محور مائل عن الاتجاه العمودي بزاوية تبلغ 23,5 درجة، ولهذا الميل حكمة عظيمة؛ فبسببه تتعاقب الفصول الأربعة، فعندما يقابل محور الأرض الشمس، فإنه يسبب حدوث فصل الصيف في نصف الكرة الأرضية المقابل الشمس، وعندما يتّجه محور الأرض بعيداً عن الشمس، فإن ذلك يسفرعن حدوث فصل الشتاء.
الدقة في تحديد سرعة دوران الأرض:
تدور الأرض حول الشمس في سرعة مقدراها 18,5 ميل/ ثانية؛ وهي سرعة مقدرة من لدن حكيم رحيم؛ فلو ابطأت السرعة قليلة لأبتلعت الشمس الأرض نتيجة لتغلب قوة الجذب المركزية على قوة الطرد المركزية؛ فتحترق الأرض بما عليها ومن عليها.
ولو زادت سرعة الأرض قليلًا لأنفلتت الأرض من مدارها حول الشمس؛ ولتعرضت لحالة من أثنتين: الأولى: أن تهيم في الفضاء السحيق البارد فتتجمد وتتجمد عليها كل أشكال الحياة، أما الحالة الثانية فإنها تقع في أسر نجم عملاق يحرقها ويحرق كل أشكال الحياة عليها!!.
فسبحانك يا حكيم يا لطيف يا من دبرت كل ذلك لبنو آدم!!.
أسرار الحكمة الإلهية في الغلاف الجوي:
خلق الله الغلاف الجوي للأرض وجعله كالسوار للمعصم!، فهو يلف كوكب الأرض بأكمله، وللغلاف الجوي هذا أسرار مذهلة إذا ما كشفناها لتأكدنا من وجود حكيم لطيف !!، فالغلاف الجوي يتكون من عدة غازات وأهمهما غازين وهما (النيتروجين والأكسجين) حيث يشكل هذان الغازان 99 % من حجم الغلاف الجوي !!، حيث يحتل النيتروجين (78%) من حجم الغلاف الجوي؛ في حين يشكل الأكسجين (21 %) من حجم الغلاف الجوي.
ولمعرفة الحكمة الإلهية من هذه القسمة وجب علينا معرفة خواص هذين الغازين؛ فالنيتروجين غاز غير نشط فهو لا يشتعل ولا يساعد على الاشتعال؛ أما الأكسجين فهو على العكس من ذلك؛ فهو غاز نشط يساعد على الاشتعال، ولما كانت هذه النسبة (78% للنيتروجين و 21 % للأكسجين) فوجب علينا التساؤل عن الحكمة من تقرير تلك النسبة ؟؟
الإجابة تكمن في حماية الأرض من التجمد أو الاحتراق؛ فلو ارتفعت نسبة الأكسجين لـ1% أي صارت 22% فإن 70% من غابات الأرض ستشتعل!!، أما إذا انخفضت نسبة النيترجين 3% فقط أي صارت 75 % فإن الأرض ستدخل في عصر جليدي جديد !!.
ولما كان نسبة الأكسجين 21 % وهو غاز مهم لحياتنا نحن بني البشر فكان من البديهي أن ينفذ من الغلاف الجوي جراء الاستهلاك المتتالي له من قبل ملايين البشر التي تتنفسه !!!، ولكن ما سر بقاء النسبة ثابتة حتى اليوم؟؟!!، السر يكمن في عملية المقايضة التي تتم بين الإنسان والنبات!!؛ نعم ..، إنها عملية مقايضة ذكية جدا!!، فثاني أكسيد الكربون الذي نطرده من أجسادنا في عملية الزفير يأخذه النبات ليشكل منه غذائه وثماره بمساعدة ضوء الشمس ؛ فهو سم لنا وغذاء للنبات في آن واحد!!، ثم يُخرج لنا النبات غاز الأكسجين الذي نتنفسه نحن وننعم بالحياة بسببه!!!
هكذا كانت تلك المقايضة عملية ذكية جدا للمحافظة على نسبة الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي حتى تستمر الحياة بكافة أشكالها!!!.
الماء .. السائل العجيب !!:
لما كان الماء يشكل ما نسبته 71% من مساحة سطح الأرض؛ فقد وجب علينا معرفة أسرار هذا السائل العجيب الذي يغطي معظم أجزاء الأرض؛ والسر الأروع لذلك السائل هو أنه يتصرف بشكل مختلف عن كل السوائل والمواد الكيميائية على وجه الأرض!!!، إذ أن أي عنصر كيميائي يتواجد في صورة صلبة سيغوص في مصهوره (بمعنى أنه لو جئنا بقطعة حديد صلبة ثم وضعناها في إناء يحتوي على حديد سائل فإن قطعة الحديد ستغوص إلى أسفل؛ وهكذا في كل العناصر الكيميائية باستثناء الماء) أما الماء فيتصرف عكس ذلك فلو آتينا بقطعة من الماء الصلب (الثلج) ووضعناها في كوب من الماء فستطفو تلك القطعة من الثلج !!!، والحكمة من ذلك حكمة بليغة رائعة فما هي الحكمة يا ترى ؟؟؟
الحكمة هي الحفاظ على حياة الكائنات الحية داخل أعماق البحار والمحيطات؛ ففي فصل الشتاء يتجمد الماء عند درجة محددة وهي 4 درجة مئوية_ وهي درجة تسمح للمخلوقات البحرية بالاستمرار في العيش_ ويتحول إلى جليد يطفو على أسطح البحار والمحيطات في حين تعيش الكائنات البحرية في سلام أسفل تلك القشرة من الجليد !!، ولو تصرف الماء كتصرف باقي المواد على وجه الأرض لحدثت الكارثة!!!؛ فسينزل الجليد إلى الأعماق مدمراً بذلك الحياة البحرية بالكامل قاتلًا لكل الكائنات الحية بالأسفل !!، ولكنها حكمة إلهية عظيمة هدفها حماية الكائنات البحرية من الهلاك!!!!.
هكذا كان تدبير العناية الإلهية في تهيئة ظروف هذا الكوكب للإنسان لكي يعيش في أروع صورة وأمثل كيفية؛ فسبحانك أيها الخالق العظيم؛ سبحانك أيها الحكيم اللطيف.
المراجع:
- كتاب "للكون إله- قراءة في كتابي الله المسطور والمنظور" – د. صبري الدمرداش.
- مقال على موقع موضوع بعنوان "أول من هبط على سطح القمر"
- مقال على موقع موضوع بعنوان "كيف تتكون الفصول الأربعة"
- مقال على موقع موضوع بعنوان "كم نسبة الماء في الأرض"