المعركة الكبرى

منذ 2019-02-24

ويحمل رايات الحق في هذه المعركة، أولئك الرسل والأنبياء، الذين يقودون زمام البشرية، مع استعصائها عليهم، ويحمل رايات الباطل كذلك، رموز الظلم والطمع والطغيان، في كل زمان ومكان!

معركة يحتدم أوارها منذ الأزل حتى فناء البشر، فيسلو أحد طرفيها، وهو ضحية عدوه الذي لا يغفل عنه طرفة عين، بل يتربص به كل حين، ويستشرفه في كل آن!

وطريق المعركة مرسومة، ومعالمها واضحة، وقد خُطت لها نقطة البداية، وحُددت لها كذلك نقطة النهاية. وساحة المعركة مكشوفة، وأسلحتها كذلك! تبدأ منذ اللحظة الأولى لولادة الإنسان، ونخسة الشيطان، ولا تنتهي إلا بموته! وميادينها كذلك شاملة؛ تشمل كل الأصعدة! قلب الإنسان، وفكره، ومشاعره، وأحاسيسه، وأعماله، وجوارحه!

تدور رحى المعركة بين شيطان جاهر بعداوته وغائلته، وبارز بخصومته وإحنته، منذ اللحظة الأولى، دون خجل، أو ندم، أو مواربة؛ وبين إنسان أبرز سماته: الضعف أمام ذلك العدو الذي يتلبس به، وأمام نفسه التي تسول له، وتستغويه، وتفتنه، إلا أن يكون له شعاع نور يستضيء به في دهمته.

ومن عجب، أن نزالات هذه المعركة، وفصول هذه القصة، مكرورة بتكرار الأزمنة والأمكنة. فالإغواء، والإلهاء، والتخييل، والتزيين، والكذب، والتدليس، قصص وأسلحة معروفة؛ غير خافية. ومع تحذير القرآن المتتابع والمتوالي من هذه المعركة، وتقريره بأنها معركة حياة الإنسان، ومعركة الخلق، والبشرية كلها، يقع الإنسان ضحية لها، بين صريع وجريح!

وكما هي معركة بين الشيطان والإنسان، فهي معركة كذلك بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والعدل والظلم، والهداية والغواية، والإيمان والكفر، والتوبة والخطيئة، والسعادة والشقاوة!

ويحمل رايات الحق في هذه المعركة، أولئك الرسل والأنبياء، الذين يقودون زمام البشرية، مع استعصائها عليهم، ويحمل رايات الباطل كذلك، رموز الظلم والطمع والطغيان، في كل زمان ومكان!

وغفلة الإنسان عن بداهة هذه المعركة، ووضوحها، وأزليتها، وشمولها، وعمقها، وخطرها، قد تكلفه أبعد مما قد يقترب من الإحاطة به، أو الانتباه له؛ وقد تكلفه علاقته بأقرب المقربين إليه، وأخلص الناصحين له، كما قد تكلفه نفسه ومصيره!

ووضوح هذه المعركة، ومعالمها، وجنودها، وأدواتها، وأسلحتها، جدير بأن يضع أموراً في نصابها، وأن يظهر لنا حقيقة الخلافات والشجارات التي تفسد علينا علاقاتنا وأعمالنا. ووضوح هذه المعركة، يظهر لنا دوافع الشرّ التي يحرّكها الشيطان، ويُزْكي شعلتها في النفوس، فتثور دون حق، أو تتوهم بباطل. وهذا الوضوح يسم كذلك عقل الإنسان وفكره، بما وراء الأسباب الظاهرة، والمواقف البادية، فيتروى في حكمه، وينظر بثاقب فكره، ويستلهم رشد رأيه.

هاني مراد

  • 6
  • 0
  • 3,861

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً