حديثٌ خاص للمتهاون في صلاته
ملفات متنوعة
يقول الإمام أحمد - وهو إمام أهل السنة والجماعة - مبيّناً أهمية الصلاة وخطورة تركها :
" فكل مستخّفٍ بالصلاة مستهين بها فهو مستخّف بالإسلام مستهين به ، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة "
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
حديثٌ خاص للمتهاون في صلاته
- اقرأه فلعل فيه الخير لك -
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي.
{بسم الله الرحمن الرحيم }
الحمد لله المُحبّ لمن أطاعه ، المحذِّر لمن عصاه ، والصلاة والسلام على شفيعنا المختار ، وبعد :
فأكتب لك هذه الأسطر وقد امتلأ القلبُ حباً ورغبةً أن يجعلني وإياك من عباده الصالحين .
أكتب لك طمعاً في أن نفوز بجنة عالية قطوفها دانية ، وننجو من نارٍ حرها شديد وقعرها بعيد .
وسأتحدث - هنا - بلسان المحب للخير لمن يقرأ ، والراغب في الدلالة لما ينفع ، والمحذّر من الخطر الكبير الذي ربما أنت واقع فيه .
وسأوجه هذا المقال لفئة خاصة - لا يتعداها - ولا يتجاوز إلى غيرهم إنه :
لفئة ( المفرّطين في الصلاة ) والذين لا يرفعون بها رأساً ، ولا يُعظّمون أمرها ، ولا يكترثون بتركها ، ولا يأبهون بمن ينصحهم عن تركها والتفريط فيها .
ربماسيترك بعضهم متابعة القراءة خوفاً من بعض التبعات ولكن أقول له :
- اقرأ فربما كان هذا المقال سبباً للتغيير إلى الأحسن في أعظم وأخطر قضية للإنسان المسلم - وهي قضية الصلاة - القضية الفاصلة بين الكفر والإسلام والإيمان والنفاق .
- اقرأ فلعله بداية التصحيح لهذا الخلل المؤلم .
- اقرأ فليس هناك ثَمّ عذر في ترك القراءة ، وليس هناك ثَمّ عذر في الجهل بهذا الخطر لأنّه لا تعديل للخطأ إلا في دار الدنيا فقط .
- اقرأ وأنت ترى الموت يتخطف الناس في عز شبابهم ، وفي كمال قوتهم ، وفي أجمل لحظاتهم .
- اقرأ حتى لا تنتظر المجهول والمخيف لتاركي الصلاة والمتهاونين فيها .
• سأبدأ مقالتي بهذا النقل المهم للإمام ابن القيم رحمه الله حيث قال :
" ولا يختلف المسلمون أنّ ترك الصلاة المفروضة عمداً من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة " انتهى كلامه .
تأمّل - بالله عليك - هذا الكلام السابق وأعد قراءته مراراً فإنّه كلامُ عالمٍ نحرير قد أمضى عمره كله في العلم ومعرفة النصوص وتفسيرها .
أعد قراءتها حيث قال :
" تاركُ الصلاة أعظم إثماً من قتل النفس ومن أخذ الأموال ومن الزنا والسرقة وشرب الخمر..."
فهل تصورت عِظم الجرم الذي يقع فيه من ترك الصلاة أو تساهل في أدائها !؟
• في يوم القيامة سيُدعى المفرّطون بالصلاة للسجود بين يدي ربهم ، فهل ياتُرى سيتمكنون من السجود ؟
إليك الجواب :
قال تعالى :
" {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ(42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} "[ الآية43,42 من سورة القلم]
عش بقلبك - بالله عليك - هذه اللحظات الرهيبة ( وهي أول مايكون يوم القيامة ) كما قال ابن عباس ؛ فيُدعى النّاس للسجود بين يدي ربهم فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجدون لربهم طوْعاً في الدنيا ، ويريد التاركون للصلاة والمفرّطون فيها وغير المعظمين لها أن يسجدوا فتتحوّل ظهورهم طبقاً كلما أرادوا السجود خرّوا لقفاهم عكس السجود ذلك لأنهم تركوا السجود لربهم في الدنيا فعوقبوا بالحرمان في الآخرة .
فأي خزيٌ يعتري هؤلاء في ذلك الموقف العظيم !
• وفي بيان خطورة التساهل في الصلاة - أيضاً -يقول الله تعالى :
" فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا "
فهؤلاء الذين تركوا الصلاة اتباعاً لشهوة النوم أو شهوة الجلَسَات أو شهوة الملهيات بجميع صورها قد توعدهم الله ب " غياً "
قال المفسرون في تفسير " غي " :
هو نهر في جهنم بعيدٌ قعره خبيثٌ طعمه .
وقال ابن عباس : غيٌ ؛ واد في جهنم وإن أودية جهنم لتستعيذ من حَرِّه .
وقال عطاء : الغي واد في جهنم يسيل قيحا ودما .
• في بيان أهمية الصلاة وخطورة تركها يأمر الله بها ويحذّر عباده بعدها من أن يكونوا مشركين فيقول سبحانه:
"..وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين "
فأي دلالة يدل عليه هذا العطف !؟
إنّه التحذير الكبير من التفريط فيها لأنّ المشرك لا يصلي فتارك الصلاة شبيهاً به والعياذ بالله .
قال ابن حجر عند هذه الآية :
" وهي من أعظم ما ورد في القرآن في فضل الصلاة "
• يقول الإمام أحمد - وهو إمام أهل السنة والجماعة - مبيّناً أهمية الصلاة وخطورة تركها :
" فكل مستخّفٍ بالصلاة مستهين بها فهو مستخّف بالإسلام مستهين به ، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة "
فاعرف يا عبدالله هذا القدر العظيم للصلاة والخطر الكبير في تركها ، واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك .
• ليتأمّل من فرّط وتساهل في أداء الصلاة جواب أهل النار - أجارنا الله منها -
قال تعالى :
" {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ في جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 40-43 ]
فأهلُ الجنة يسألون أهلَ النار ماالذي أوجب عليكم دخول النار ؟
فيأتي أول سبب : " {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} "
وتأمّل كيف سمّاهم الله : " الْمُجْرِمِينَ "
لتوقن أنّ تركهم للصلاة غاية في الإجرام .
ثم تأمّل ماتوّعد الله به المجرمين من شدة العذاب لتعلم أنّ الأمر ليس بالهيّن قال تعالى :
" { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ } " [ القمر: 47, 48]
• تارك الصلاة لم يقدرها حق قدرها ولم يستحضر عظمتها ولم يتدبر نصوصها .
• ماظنك - ياعبدالله - بعبادة يفرضها الله على نبيه عليه الصلاة والسلام مباشرة وبدون واسطة بعد رحلة ليس لها مثيل في تاريخ البشرية تغيّرت فيها نواميس الكون كله .
• ماظنك بعبادة كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا غزا قوم تحيّن وقت الأذان فإذا سمعه لم يقاتل أهل تلك القرية وإن لم يسمع قاتلهم وماذاك إلا لعظم الصلاة في الشريعة .
• ماظنك بعبادة هي :
" أول مايُسأل عنه العبد يوم القيامة فإن قبلت منه تقبل منه سائر عمله وإن ردت عليه رد عليه سائر عمله " .
• إنّ تارك الصلاة والمتهاون فيها قد حرم نفسه أعظم العبوديات وتكبّر من الإفتقار إلى الله وأنِف أن يكون من عباد الله المخلصين ، اتّبع هواه وأغواه شيطانيه فصار لا يعظّمها ولا يُنزلها المنزلة اللائقة بها .
• إنّ تارك الصلاة والمقصِّر فيها قد حرم نفسه مافيها من خيراتها فهي :
السبب الأعظم لمغفرة الذنوب ، وسبب الرزق الحقيقي ، وهي التي تنهى صاحبها عن الفحشاء وسائر المنكرات ، وهي التي بها ينشرح الصدر ويُرزق صاحبها سعادة الدنيا ، وهي سبب تكميل كل تقصير حاصل من الذنب..
كل هذا وغيره الكثير قد خسره المفرِّط والمقصِّر في الصلاة .
• إنّ تارك الصلاة والمقصِّر فيها قد حرم نفسه شرف الوقوف بين يدي ربه ولذيذ مناجاته فنفوس المؤمنين المصلين تتجدد بلقاء ربهم كل يوم خمس مرات ويتعبدون بعبادة الوقوف بين يديه والتلاوة والذكر والدعاء والإستغفار وهو غارق في بحر شهواته محروم من هذه الفضائل بسبب إهماله لصلاته .
• المصلون يُكتب لهم أجر قيام الليل كله بصلاة الفجر ويفوزون بضمان الله لهم وعهده أن يُدخلهم الجنّة بمحافظتهم على صلاتهم - تأمّل فقط - في أجر سنّة الفجر والتي هي خير من الدنيا ومافيها وغيرها من الفضائل ولكنّ تارك الصلاة والمقصِّر فيها قد حرم نفسه هذا الخير وخسر هذه الفضائل .
• همسة أخيرة
لمن قصّر في هذه العبادة العظيمة :
اعلم أنّ باب التوبة مفتوح وأنّ الله رحمته سبقت غضبه وأنّه مهما ابتعد العبد عن ربه فإنّ الله لا يُيأسه من رحمته ولا يُقنّطه من فضله فلتتسدرك أمرك قبل حلول الأجل خصوصاً ونحن نرى تخطّف الموت للشاب في عنفوان شبابه وللمفرّط وهو في عز تفريطه ، ولا ييأسك الشيطان من الصلاح والإستقامة على الصلاة فكم من خلائق كانوا هاجرين بيوت الله فأصبحوا من روّادها وكانوا لا يدخلونها إلا يوم جمعة أو عند الصلاة على قريب لهم فصاروا من أوتاد المساجد .
لا تقل سأكون مثلهم مستقبلاً فهل تضمن بلوغ ذلك المستقبل ؟
فكم من أناسٍ ماتوا من غير توبة ولم يدخلوا المسجد إلا جثثاً هامدة فالله الله في المبادرة لإصلاح النفس في هذه العبادة التي ستصلح بعدها كل الأمور .
وفقني الله وإياك لهداه وجعلنا من أهل الصلاة الذين يرضي عنهم ربهم وخالقهم .
كتبه محب الخير لك /
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي