إتحاف القاري بشرح حديث أبي ذر الغفاري(1-2)
«يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا. يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم.
إتحاف القاري بشرح حديث أبي ذر الغفاري
(تحريم الظلم)
الحمد لله العلي الأعلى، الذي أطعم وسقى، وكفى وآوى، وأغنى وأقنى، وأضل وهدى، وأهلك عاداً الأولى، والصلاة والسلام على خير من وطأ الثرى، فضله الله على مخلوقات الأرض والسماء، وعلى آله وصحبه ما غسق ليل ودجى، وطلع نهار وضحى، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عن ربه – عز وجل – أنه قال: " «يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا. يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي! كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفرلكم. يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ؛كانوا على أتقى قلب رجل واحدٍ منكم، ما زاد على ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي! لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم ؛كانوا على أفجر قلب رجل واحدٍ منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم؛ قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما نقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومنّ إلا نفسه» "1.
هذا حديث قدسي من أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم -، والحديث القدسي هو: ما يحكيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الله - عز وجل-.
والقدسي: نسبة إلى القدس، وهو الطهارة والتنزيه، فهي نسبة تكريم وإجلال.
ويطلق على مثل هذه الأحاديث الأحاديث الإلهية، والأحاديث الربانية.
و هذه الأحاديث القدسية تتعلق بالحق - سبحانه وتعالى- فهي:
- تبين عظمته -عز وجل- ، والإعلان عن كبريائه، وعزته وجبروته؛ كما في الحديث الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه أنه قال: " «إن العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني فيهما عذبته» "2. وكما جاء في حديث أبي ذر السابق.
- فيها بيان سعة رحمة الله، وكمال فضله، وكرمه، وجوده، وسخائه، وأحسن مثال لذلك حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (( «قال الله - تبارك وتعالى-: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر» )). وكما جاء كذلك في حديث أبي ذر السابق.
- فيها إيضاح لسعة ملكه وعظمة قدرته، وكثرة عطائه، واستغنائه عن الخلق، واحتياجهم إليه؛ كما جاء في حديث أبي ذر السابق كذلك (3).
وفي هذه اللحظات نقف مع جمل هذا الحديث العظيم علَّ الله أن ينفع به:
في قوله: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" يعني أن الله حرم الظلم على نفسه، ونفاه عن نفسه؛ بقوله: { {وما ظلمناهم} } وذلك في ثلاثة مواضع من القرآن في سورة هود (101)، وسورة النحل (118)، وسورة الزخرف (76). وقوله: { {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} } [سورة الكهف(49)] . وقوله: { {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} } [سورة فصلت(46)] .وقوله: { {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} } سورة آل عمران(182) وفي سورة الأنفال(51). وقوله:{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} سورة ق(29).وقوله:{ {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} } [سورة النساء(40)] . وقوله:{ [وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً] }سورة النساء (77). وقوله:{ {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ} } [سورة غافر(31)] .، وقوله:{ {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} } [سورة طـه(112)] .
ومثل هذا في القرآن كثير.
وليس المقصود هنا الحديث عن الظلم وأقسامه وصوره، ومظاهره، وأسبابه، ولكن المقصود الإشارة إلى التعليق على ما جاء في الحديث من مفردات.
قوله: " وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا". قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الحديث قد تضمن من قواعد الدين العظيمة، في العلوم والأعمال والأصول والفروع، فإن تلك الجملة الأولى، وهي قوله: " حرمت الظلم على نفسي" يتضمن جل مسائل الصفات والقدر، إذا أعطيت حقها من التفسير.. وأما هذه الجملة الثانية: "وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" فإنها تجمع الدين كله، فإن ما نهى عنه راجع إلى الظلم، وكل ما أمر به راجع إلى العدل4.
قوله: " «يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم» " لما ذكر في أول الحديث ما أوجبه من العدل، وحرمه من الظلم على نفسه، وعلى عباده ذكر بعد ذلك إحسانه إلى عباده مع غناه عنهم، وفقرهم إليه، وأنهم لا يقدرون على جلب منفعة لأنفسهم، ولا دفع مضرة إلا أن يكون هو الميسر لذلك، وأمر عباده أن يسألوه ذلك، وأخبر أنهم لا يقدرون على نفعه، ولا ضره مع عظم ما يوصل إليهم من النعماء، ويدفع عنهم من البلاء ... وفتح الأمر بالهداية، فإنها وإن كانت الهداية النافعة هي المتعلقة بالدين؛ فكل أعمال الناس تابعة لهدى الله إياهم5. قال -سبحانه-: { {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} }سورة الأعلى (1-3). وقوله: { {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} } سورة طـه(50).
وقوله:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} سورة البلد(10). وقوله: { {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} }سورة الإنسان (3).
وقال ابن رجب - رحمه الله-: وفي الحديث دليل على أن الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم، ودنياهم، من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك؛ كما يسألونه الهداية والمغفرة، وفي الحديث: " ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها؛ حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع" 6.
وفي هذا الحديث رد على من إذا قيل له: اتق الله وحافظ على الصلوات والتزم بتعاليم الإسلام؛ فيقول: الله لم يهدني.. فنقول لهذا وأمثاله: اطلب الهداية وتعرف على أماكنها وأسبابها؛ بإذن الله لن تحرمها.
إذن يجب على الإنسان البحث عن الهداية والاستقامة؛ كما يبحث عن العيش والمأكل والمشرب في الدنيا، ولقد كان من دعائه – عليه الصلاة والسلام-:" « اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى» " 7.
ويقول في آخر دعائه عند قيام الليل :" ... «اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» " 8.
وإليك - أخي- مثالاً دنيوياً: لو أن أحد الناس قعد في بيته ولم يَسْعَ لطلب لقمة العيش فهل ستأتي إليه؟ وإذا جاع هو وأسرته فبماذا سيصفه الناس؟!.
لاشك ولا ريب أنها لن تأتي إليه بدون فعل الأسباب ، وسيوصف من قبل الناس بشتى الأوصاف المذمومة، وكذلك الاستقامة والهداية لابد من السعي في طلبها، وسؤال معطيها ومانحها إياها؛ كما كان المعصوم يسأل ربه إياها.
قال ابن رجب: وأما سؤال المؤمن من الله الهداية، فإن الهداية نوعان: هداية مجملة، وهي الهداية للإسلام والإيمان، وهي حاصلة للمؤمن، وهداية مفصلة، وهي هدايته إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام، وإعانته على فعل ذلك، وهذا يحتاج إليه كل مؤمن ليلاً ونهاراً، ولهذا أمر الله عباده أن يقرؤوا في كل ركعة من صلاتهم قوله: { {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} } [سورة الفاتحة(6)] .
وقال شيخ الإسلام - رحمه الله-: فأمر العباد بأن يسألوه الهداية؛ كما أمرهم بذلك في أم الكتاب.
وقال ابن القيم- رحمه الله- في قوله: { {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} } - [سورة الفاتحة(6)] - : يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له؛ كما لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته.
ويقول: فأول السورة – الفاتحة - رحمة، وأوسطها هداية، وآخرها نعمة.. وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية ، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة..9
وهناك هداية خاصة، وهي الهداية إلى الالتزام بكتاب الله وسنة رسول الله قولاً وعملاً، على وفق منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهذه الهداية لا يوفق لها إلا من اختاره الله واصطفاه وأحبه؛ لأن الاهتداء إليها به النجاة من النار والفوز والقرب من الرحمن؛ كما جاء في حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار" قيل: يا رسول الله من هم. قال:" الجماعة 10.
و قد قسم شيخ الإسلام الهداية إلى أربعة أقسام:
أحدها: الهداية إلى مصالح الدنيا، فهذا مشترك بين الحيوان الناطق والأعاجم، وبين المؤمن والكافر. والثاني: الهدى بمعنى دعاء الخلق إلى ما ينفعهم وأمرهم بذلك، وهو نصب الأدلة وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، فهذا أيضاً يشترك فيه جميع المكلفين سواء آمنوا أو كفروا؛ كما قال -تعالى-: { {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } } [سورة فصلت(17)] . وقوله: { {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } } [سورة الرعد(7)] . وقوله: { {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} } [سورة الشورى(52)] .
الثالث: الهدى الذي هو جعل الهدى في القلوب، وهو الذي يسميه بعضهم بالإلهام والإرشاد.
الرابعة: الهدى في الآخرة؛ كما قال الله-تعالى-: { {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } } [سورة الحـج(23)(24)] .
قوله: " «يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، وكلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم» ". قال شيخ الإسلام – رحمه الله-: يقتضي أصلين عظيمين، أحدهما: وجوب التوكل على الله في الرزق المتضمن جلب المنفعة كالطعام، ودفع المضرة كاللباس، وأنه لا يقدر غير الله على الإطعام والكسوة قدرة مطلقة" 11.
وقال ابن رجب –رحمه الله-: وهذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله - تعالى- في جلب مصالحهم، ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم، وأن العباد لا يملكون لأنفهسم شيئاً من ذلك كله، وأن من لم يتفضل الله عليه بالهدى والرزق، فإنّه يحرمهما في الدنيا، ومن لم يتفضل الله عليه بمغفرة ذنوبه، أوبقته خطاياه في الآخرة 12.
قوله: " «يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً". وفي رواية: " وأنا أغفر الذنوب ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم» " 13.
قال ابن رجب: وأما الاستغفار من الذنوب، فهو طلب المغفرة، والعبد أحوج شيء إليه؛ لأنه يخطئ بالليل والنهار، وقد تكرر في القرآن ذكر التوبة والاستغفار، والأمر بهما، والحث عليهما.14
قال الله – تعالى-: { {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} } [سورة الزمر(53-54)] .
ففي هذه الآيات مع سبب نزولها بيان أن لا ييأس مذنب من مغفرة الله، بلغت ذنوبه عنان السماء؛ فإنّ الله لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لعبده التائب، ويدخل في هذا العموم الشرك وغيره من الذنوب، فإن الله يغفر ذلك لمن تاب منه، قال الله: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} سورة التوبة(5). وقال -تعالى-: { {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} } [سورة التوبة(11)] . وقال –سبحانه-: { {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} } [سورة المائدة(74) (73)] . وهذا هو القول الجامع بالمغفرة لكل ذنب للتائب منه؛ كما دل عله القرآن والحديث.
وقال الله – تعالى- عمت رحمته: { {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} } [سورة البروج (10)] .
قال الحسن البصري-رحمه الله-: انظروا إلى هذا الكرم!! عذبوا أولياءه، وفتنوهم، ثم هو يدعوهم إلى التوبة!.
1 - رواه مسلم وأحمد والترمذي.
2 - رواه ابن ماجه عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" يقول الله سبحانه: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في النار" وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (3366).
3 - مقدمة إنعام الباري في شرح حديث أبي ذر الغفاري 14-20 بتصرف.
4 - إنعام الباري في شرح حديث أبي ذر الغفاري57
5 - انظر إنعام الباري.
6 - ضعفه الألباني في الضعيفة رقم(1362).
7 - رواه مسلم.
8 - رواه مسلم.
9 - الفوائد 39-04
10 - رواه ابن ماجه وصححه الألباني في الصحيحة رقم (1492).
11 - إنعام الباري في شرح حديث أبي ذر الغفاري87
12 - جامع العلوم والحكم2/37-38
13 - صححه الألباني في الصحيحة برقم 127.
14 -جامع العلوم والحكم 2/41
- المصدر: