الالتفاف على إرادة الشعب بالصوت العالي
ملفات متنوعة
إن دعوة هذه الفئات لمجلس رئاسي وتأجيل الانتخابات يعني أنها تفضل
الوضع الحالي رغم كل سلبياته التي تشكو منها على الاستقرار الذي يأتي
"بعدوها اللدود" كما أنها لن تستطيع أن تحصل على ما تريده من خلال
الاستقرار لأنها لا تمثل إلا نفسها وتعرف موقعها الحقيقي..
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
معتصمون في التحرير ما يجري الآن في مصر من دعوات للتظاهر والاعتصام
في ميدان التحرير بالقاهرة أو في ميادين أخرى بباقي المحافظات دون
توافق عام هي محاولة علمانية لاختطاف الثورة وستشكل أكبر عامل هدم لها
وستضعف من زخمها, كما أن رفع شعارات أو دعوات داخل هذه الاعتصامات
والمظاهرات تنادي بتشكيل مجلس رئاسي أو بالدستور أولا هو التفاف صريح
على إرادة الشعب الذي قرر في أول انتخابات نزيهة تشهدها البلاد وبنسبة
كبيرة أنه مع الانتخابات السريعة وقصر الفترة الانتقالية سعيا وراء
الاستقرار..
وفي الحقيقة لا غبار على أغلب مطالب المعتصمين من ضرورة تطهير
الحكومة خصوصا وزارة الداخلية وسرعة محاكمة رجال النظام السابق وعلى
راسهم الرئيس المخلوع وعائلته, وسرعة صرف التعويضات لعائلات شهداء
الثورة ومحاكمة القتلى بشكل علني, لكن مجريات الامور تشير إلى أن هذه
المطالب ليست هي أساس الدعوة للاعتصام والتظاهر لأن هذه المطالب متفق
عليها بين كافة القوى الوطنية التي نزلت إلى الشارع الجمعة الماضية
بأعداد وفيرة ولكن المقصود كما هو واضح من المشهد السياسي هو الظهور
من قبل بعض القوى العلمانية على أنها هي التي قامت بالثورة وهي التي
تتحدث باسمها ومحاولة لي ذراع الشارع والمجلس العسكري للإنصات لها
ولمطالبها مستعينة في ذلك بدعم عدد من القنوات الفضائية والصحف
المستقلة التي يملكها رجال أعمال ينتمون لهذا التيار وللأسف نجح الصوت
العالي في تغيير دفة المجلس العسكري الذي أعلن عن وثيقة حاكمة للدستور
يشرف عليها أحد رجالات هذا التيار العلماني المعادية للتيار الإسلامي,
كما أعلن عن تأجيل للانتخابات البرلمانية بما يعني امتداد الفترة
الانتقالية رغم أنه كان دوما يعلن إصراره على إقامة الانتخابات في
موعدها احتراما لإرادة الشعب الذي عبر عن ذلك صراحة في
الاستفتاء..
التأجيل في رايي لن يكون الاول بل ستتبعه العديد من التاجيلات
والدليل على ذلك أن المجلس العسكري لم يعين موعدا محددا واكتفى بالقول
أن الانتخابات لن تكون قبل نوفمبر القادم, وهو نفس ما حدث في تونس
لنفس الاسباب تقريبا وهو الخوف من سيطرة الإسلاميين على البرلمان حتى
ولو كانت هذه إرادة الشعب..إن إعداد وثيقة حاكمة للدستور بهذا الشكل
معناه مصادرة لحق الشعب الذي ينبغي أن يختار ممثليه والذين يقومون بعد
ذلك باختيار من يقوم بإعداد الدستور دون أي ضغوط أو محددات أما يجري
الآن فهو علمانية متطرفة فعلها الجيش التركي من قبل لكي يضمن تدخله في
الحياة السياسية ويفعلها العلمانيون المصريون "الديمقراطيون" الآن
ليستبعدوا الإسلام كشريعة ويضمنوا وجودهم على مقاعد السلطة بالزور
والبهتان, وإذا كان هؤلاء المعتصمون في التحرير حاليا يمثلون أغلبية
حقيقية فلينزلوا إلى انتخابات نزيهة, أما الاختباء وراء الاعتصام مع
مطالب ثورية حقيقية لتمرير أفكار لا تتفق مع رأي الاغلبية فهو التسلط
بعينه..
إن دعوة هذه الفئات لمجلس رئاسي وتأجيل الانتخابات يعني أنها تفضل
الوضع الحالي رغم كل سلبياته التي تشكو منها على الاستقرار الذي يأتي
"بعدوها اللدود" كما أنها لن تستطيع أن تحصل على ما تريده من خلال
الاستقرار لأنها لا تمثل إلا نفسها وتعرف موقعها الحقيقي في الشارع
الذي ينبذ الكثير من أفكارها المستوردة والتي تريد فرضها الآن بالصوت
العالي والتخويف والتهييج ..حذر بعض المحسوبين على هذا التيار من حالة
الانقسام التي حدثت في صفوف الثوار واتهمت المجلس العسكري بأنه
المسؤول عنها, والآن كل شواهد تؤكد أن هذا التيار هو المستفيد الأول
من حالة عدم الاستقرار وامتداد الفترة الانتقالية وأنه يسعى للانقسام
بفرض رأيه على الأغلبية واتهامها بالسطحية والرعونة في الوقت نفسه
يرفض التحركة على الارضية المشتركة مع باقي القوى الوطنية للوصول
بالبلاد لبر الأمان ..إن أنانية هذا التيار وشعوره بأنه سيصبح بلا
تأثير على القرار السياسي قد تكون أخطر على الثورة من فلول النظام
السابق وقد تصب في النهاية لانقلاب عسكري بشكل مباشر أو غير
مباشر.
15/8/1432 هـ