اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله
أبو الهيثم محمد درويش
{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) } [المنافقون]
- التصنيفات: التفسير -
{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ} :
المنافقون يصدون الكثير من جماهير المسلمين بادعائهم الإيمان وحلفهم على ذلك ثم يصدون عن سبيل الله ويعرقلون مسيرة الرسالة ويشوهون معالمها ويحاربون حامليها بشتى الطرق في ظل ادعائهم الإيمان والدفاع عنه والحرص على إقامته وهم أحرص الناس على هدمه , لينخدع بهم ضعاف الإيمان والأفهام عافانا الله.
ومرجع ذلك كله إلى كفرهم الباطن الذي تسبب في طبع القلوب وانتكاسها فأصبحوا يرون الباطل حقا ويناصرونه ويوالون أهله ويرون الحق باطلاً فيبغضونه وأهله ويحاولون هدمه , خاصة وهو يهذب شهواتهم ويقمع أهواءهم.
قال تعالى :
{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) } [المنافقون]
قال ابن كثير في تفسيره:
وقوله : ( {اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله} ) أي : اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة ، والحلفات الآثمة ، ليصدقوا فيما يقولون ، فاغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم ، فاعتقدوا أنهم مسلمون فربما اقتدى بهم فيما يفعلون وصدقهم فيما يقولون ، وهم من شأنهم أنهم كانوا في الباطن لا يألون الإسلام وأهله خبلا فحصل بهذا القدر ضرر كبير على كثير من الناس ولهذا قال تعالى : ( { فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون} ) ولهذا كان الضحاك بن مزاحم يقرؤها : " اتخذوا إيمانهم جنة " أي : تصديقهم الظاهر جنة ، أي : تقية يتقون به القتل . والجمهور يقرؤها : ( أيمانهم ) جمع يمين .
وقوله ( {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} ) أي : إنما قدر عليهم النفاق لرجوعهم عن الإيمان إلى الكفران ، واستبدالهم الضلالة بالهدى ( {فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون } ) أي : فلا يصل إلى قلوبهم هدى ، ولا يخلص إليها خير ، فلا تعي ولا تهتدي .
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن