دعونا نغرس بذور الوحدة
محمد نصر
عاشت الأمة الإسلامية دائما كجسد واحد تتنقل فيها الشعوب من دولة إلى
دولة ويتنقل فيها الحكام من دولة إلى دولة بدون المبالغة في حساسيات
القومية التي حاول أعداء الإسلام بثها بين شعوبه وأقاليمه لتمزيق ذلك
الجسد الكبير..
- التصنيفات: الفرق والجماعات الإسلامية -
عاشت الأمة الإسلامية دائما كجسد واحد تتنقل فيها الشعوب من دولة إلى دولة ويتنقل فيها الحكام من دولة إلى دولة بدون المبالغة في حساسيات القومية التي حاول أعداء الإسلام بثها بين شعوبه وأقاليمه لتمزيق ذلك الجسد الكبير.
كان الحكام على سبيل المثال ينتقلون من مصر إلى الشام و بالعكس، أو يضمون قطرا إليهم دون أي حساسيات إقليمية حادة. فالمماليك مثلا حين حكموا مصر لم يجعلوها تابعة لمصدرهم الأصلي في وسط وغرب آسيا، بل أصبحت مصر في وقت ما تحت حكمهم أكبر دولة إسلامية اعترفت بزعامتها كل دول العالم الإسلامي.
وقد كانت مصر على سبيل المثال تستقبل أبناء الأمة الإسلامية و تتعامل معهم كأبناءها، وقد كانت في ذلك بمثابة "أم الدنيا" حقيقة لا مجازا. حتى أنك تجد بعض العائلات تحتفظ بأسمائها التي ترمز إلى أصولها البعيدة مكانا مثل الإسلامبولي "من إسلام بول - إسطنبول"، و الشيشيني "شعب شيشنيا"، وأباظة من "أبخازيا"، و الشوباشي وهم من "شعب الشوباش" على نهر الفولجا، و الجريتلي من "كريت"، بل حتى الرافد الأندلسي تجده متمثلا في "الشاطبي" من شاطبه بالأندلس.
هكذا كان الوعي الإسلامي في أعلى قمته، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ولا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى.
و هدف المسلم الأسمى في هذه الأرض هو عبادة رب العالمين "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". والعبادة مفهوم شامل لا يشمل فقط الصلاة والصيام، ولكنه يشمل طاعة رب العالمين في كل أمر ونهي، ويشمل الدعوة إلى دينه لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ويشمل الجهاد للدفاع عن مكتسبات الأمة الإسلامية، و الجهاد من أجل إزاحة كل عائق أمام هذه الدعوة الربانية.
وليس هدف المسلم أن يعلو قومه على غيرهم أو يعلو إقليمه فوق إقليم آخر. من أجل هذا كانت تذوب الفوارق من أجل أمة إسلامية كبرى تتوحد على أهداف ربانية واحدة و تحكمها شريعة واحدة دستورها القرآن و قائدها محمد صلى الله عليه وسلم.
و هذا أحد أسباب محاربة أعداء هذه الأمة لشريعتها الربانية، وكلي ثقة أن كل ذلك سيزول و ستقوم دولة الإسلام تجمعنا جميعا، وستملأ الأرض عدلا بعد أن امتلأت جورا، و ستملأ الأرض نورا بعد أن كاد الظلام أن يغطي أغلب أجزائها.
حتى لأولئك الذين لا يعيشون ذلك الحلم الجميل بسبب قصر نظرهم، أردت فقط أن أسألهم: كيف تقفون أمام سوق اقتصادي يبلغ تعداده أكثر من مليار شخص ويعتبر ضمانا لنهضة اقتصادية كبيرة تنعم بها دول الإسلام جميعا؟؟؟
ثم، ألا تدركون أنه في وقتنا الحاضر قد أدركت تركيا الجديدة تلك الحقيقة وأهمية بعدها الإسلامي فانطلقت تؤكد على اهتمامها بقضايا أمتها، وفتحت الباب أمام بعض الجماعات الدينية للإنطلاق بالدعوة إلى أفاق بعيدة خارج البلاد.
لذلك فالاهتمام بهوية مصر الإسلامية و تعاملها مع قضايا أمتها هو مفتاح عودة الروح لهذا الجسد الواحد. تماما كما أن الدعوة للعودة إلى شريعة رب العالمين لا تنازل عنها فهي كانت ولازالت دستورا تجتمع حوله الأمة بكاملها.
و يكفيني أن أغرس بذور في الوقت الحالي وكلي ثقة أنها ستنبت ولو بعد حين بإذن رب العالمين.
الفقير إلى عفو ربه،
محمد نصر
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام