أدلة القائلين بأن الخضر حي

منذ 2019-05-22

إذا كان أقوى ما عندهم ضعيفاً فما بالك بالذي بعده، لاشك أنه شر منه. ثم لو فرضنا أنه صحيح، فما وجه الدلالة فيه على القضية المتنازع فيها

إن أقوى ما تعلقوا به في هذا المجال ما رواه الطبراني وغيره بسند ضعيف فيه مجاهيل كما قال ابن كثير رحمه الله، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه:

«ألا أنبئكم بالخضر؟ كان رجل من بني إسرائيل مر على الخضر فسأله شيئاً لوجه الله، فقال له الخضر: إن الله قادر أن يعطيك كذا وكذا ما عندي شيء، فقال: سألتك بالله أن تعطيني شيئاً، فقال: ما عندي من شيء أعطيكه ولكني أستحي أن تسألني بالله شيئاً وأردك، خذني فبعني في السوق واقبض ثمني وأنفقه، قال: وكيف آخذك يا عبد الله وأنت كذا وكذا، قال: إنك سألتني بمن لا يرد، خذني فبعني، فأخذه فباعه بأربعمائة درهم، فاشتراه هذا الرجل ورآه شيخاً كبيراً فانياً لا يصلح للعمل. فقال له الخضر يوماً: كلفني بشيء، قال: إني أشفق عليك وقد رأيتك شيخاً كبيراً فانياً أن أكلفك بما لا تطيق، قال: بل كلفني -وهو لا يدري أنه الخضر- قال: فانقل هذه الحجارة -وكانت حجارة عظيمة- ريثما أذهب إلى السوق، وهذه الحجارة ما كان يحملها أقل من ستة نفر. وذهب الرجل إلى السوق ورجع فلم يجد حجراً واحداً فتعجب! وقال: شققنا عليك أيها الشيخ، قال: لم تكلف كثيراً، قال: فإني على سفر اخلفني في أهلي حسناً، قال: ألا كلفتني بشيء، قال: إنك شيخ كبير وأخشى أن أشق عليك، قال: لا بل كلفني، قال: اضرب لي اللَّبِن -الطوب- حتى أبني داري. وذهب الرجل ورجع فوجده ضرب الطوب وبنى البيت وهيأه، فأول ما رآه تعجب وقال: سألتك بالله من أنت؟ قال: بهذا دخلت العبودية -أي: أنه صار عبداً بمثل هذا السؤال لأنه سئل بالله فلم يقدر أن يرد هذا الرجل فباعه- قال: وأنت تسألني بالله أيضاً. قال: سألتك بالله من تكون؟ قال: أنا الخضر. قال: نبي الله؟ قال: نعم. قال له: أخيرك بين أن تكون حراً وبين أن تكون في ضيافتي، قال: بل دعني، فأعتقه».


فهذا من أكبر ما يحتجون به، وكما قدمت أنه ضعيف، فإذا كان أقوى ما عندهم ضعيفاً فما بالك بالذي بعده، لاشك أنه شر منه.
ثم لو فرضنا أنه صحيح، فما وجه الدلالة فيه على القضية المتنازع فيها؟ نحن الآن بصدد إثبات هل الخضر حي أيام بعثة النبي عليه الصلاة والسلام أم لا؟ فأين في هذه القصة على طولها من الدلالة ما يثبت هذا البحث؟ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «كان رجل من بني إسرائيل»، ونحن نعلم أن الخضر صاحب موسى عليهما السلام كلاهما كان في بني إسرائيل.


إذاً: لو صحت هذه القصة لم يكن فيها متعلق على الأمر المتنازع عليه، إذاً: فما هي بقية حججهم؟ حكايات ورؤى أن أحد الصالحين قال: رأيت الخضر، وكلمني الخضر، وحدثني الخضر، وأفتاني الخضر، ليس عندهم أكثر من هذا.


أما الأحاديث التي يحتجون بها فأجمع علماء الحديث وهم أهل الفصل في هذا الباب أن كلها أحاديث مكذوبة موضوعة مفتراة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأوردها ابن الجوزي في كتاب الموضوعات، وشدد النكير على واضعيها، فليس في أيديهم شيء، فالقول الصحيح في المسألة أنه مات.

أبو إسحاق الحويني

أحد الدعاة المتميزين ومن علماء الحديث وقد طلب العلم على الشيخ الألباني رحمه الله

  • 11
  • 2
  • 16,431

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً