فتاة راسلتني

منذ 2004-05-03
خرجت من منزلي لقضاء بعض الأغراض في يوم من الأيام الحياتية التي اعتدنا عليها ، السرور يخالج قلبي بعدما قبلت جبين طفلي وودعت زوجتي..........

لم يكن يدور في خلدي شيء سوى السرور بهذه الأسرة الصغيرة التي أفرح بها وتفرح بي ,فتحت باب المنزل وخرجت مسرعا فأنا بشوق للرجوع إلى منزلي الجميل وعشي الهاديء قبل أن أخرج منه.انطلقت إلى سيارتي وأخرجت مفاتحا هاما بالركوب وقبل أن أضع يدي على الباب سمعت صوتا أقرب إلى الهمس منه إلى النطق ..

التفت فإذا بامرأة يزينها منظر الحجاب المحتشم قالت بصوت منخفض : ممكن خدمة؟؟؟
تلعثمت في الجواب لأنني لم اعتد أن أكلم امرأة أخرى من غير محارمي والموقف محرج لي فنحن في الشارع ولكنني تجلدت وقلت لها: نعم ماذا تريدين يا أخية ؟
قالت:خذ.
ومدّت إليّ مظروفا كانت تحمله.
قلت :ماهذا؟
قالت : ألست أنت إمام هذا الجامع؟
قلت:نعم .
قالت: خذ هذه الرسالة واقرأها ولا تنسنا في خطبتك فإن وراء جدران هذه البيوت المحيطة بمسجدك ألوان المآسي التي يشيب لها رأس الوليد قالتها والعبرة تخنقها ثم انصرفت وتسمرت أنا أمام سيارتي دقائق معدودة قبل أن أعود أدراجي إلى منزلي لأقرأ تلك الرسالة الصدمة التي هزت وجداني ووجدان عائلتي الصغير, فماذا في هذه الرسالة وما هو نصها؟

أخذت الرسالة من تلك الفتاة التي ذهبت من أمامي بخطوات متثاقلة ملؤها الهم والحزن والأسى وكأني بها خطوات من يحمل الدنيا على كتفيه وعدت أنا وهذا المظروف إلى منزلي , صعدت سريعا إلى مكتبتي وجلست برهة أتنفس الصعداء,فتحت الرسالة ولأول وهلة سقطت عيناي على لون الحبر الذي كتبت به فتاتنا رسالتها ,لقد كان اللون الأحمر هو سيد الموقف,رسالة من ثلاث صفحات جعلت عنوانها البارز الكلمة التالية (ضحية أب تخلى وأم مشغولة) .. وجعلت تخاطبني في رسالتها وتخاطب كل صاحب رسالة نبيلة وهدف نبيل وضمير حي في هذه الحياة إنها تقول لجميع هؤلاء:أنا فتاة أبلغ العشرين من عمري أدرس في السنة الثانية في إحدى الكليات,من عائلة مترفة قد من الله عليها بكثرة المال والمكانة الاجتماعية المرموقة حيث أن أبي من كبار رجال الأعمال الذين يشار إليهم بالبنان, قد يظن البعض أنني سعيدة وهذا الشعور هو شعور الكثيرات من زميلاتي اللاتي يعاشرنني ومصدر ظنهم ذاك هو ما يتوفر لي من المال والجاه والمنصب وهم قد يكونون على حق في نظرتهم إلي فصحيح أن جميع طلباتي أوامر ولا أشتهي شيء إلا ويتحقق لي لكن النظرة للسعادة من هذا الجانب تظل نظرة قاصرة وفيها الكثير من الخلل.

إنني بكل بساطة أتعس مخلوقة على وجه الأرض ,نعم أنا أملك المال ,أركب أفخم السيارات ,أجوب أفخم الأسواق ,أشتري أفخم الملابس وألبس أحدث الموديلات لكنني أعيش في داخلي الرعب الدائم والهم والقلق المتلازم ,أعيش الألم وأتجرعه مع كل يوم تغيب شمسه ويحل ظلامه,أفتقد إلى الإحساس بالأمان ومحرومة من شيء اسمه الحنان,هل تصدق ياشيخ أنني أعيش أسوأ وضع أمني داخل منزلي,نعم والله أعيش القلق داخل منزل والدي واضطر أحيانا للهرب إلى خارج المنزل هربا بنفسي وشرفي ومابقي لي من خلق والسبب في ذلك يعود ببساطة إلى أن منزلنا قد أصبح مستنقعا للفجور ألوان الآثام.

نعم هو كذلك مستنقع للفجور بدءا من الدجتل الذي يبث يا شيخ ما تتخيل وكل مالا تتخيل ,ومرورا بأخي مدمن المخدرات الذي حاول التهجم علي في أكثر من مرة نتيجة ما يرى وما يتعاطاه ولا تسل عن والدي الذي لا يصحو من شرب الخمرة وإذا احمرت عيناه وغاب وعيه ونظر إلي فوالله لاتسل عن أودية الرعب السحيقة التي أهيم فيها وإذا بحثت عن أمي صدر الحنان وموطن الأمان والشاطيء الذي أغسل بمائه كل الأحزان وجدت رجع الصدى وأثر الغبار فهي أيضا لها عالمها ومغامراتها في ظل انتكاسة الوالد والأخ وغياب العقل الراشد في منزل الهم والغم.الأجواء كلها يا شيخ من حولي مسمومة كلها تدفعني إلى الخطأ وأنا مازلت بقية إنسان يبحث عن قارب النجاة,قد تتسائل أنت ومالذي استطيع أن أعمله لك؟

وأقول أنا تستطيع الكثير فإن منزلي جوار جامعكم وأسمع خطبتك فتحدث عن مأساتنا ياشيخ تحدث عن المظلومين خلف أسوار البيوت المغلقة ,تحدث عن جريمة إهمال الأبناء تحدث عن جريمة انحراف الوالدين وماتجره على الأبنااااااء من ويلات تحدث عن المخدرات تحدث عن الفضائيات تحدث عن المسكرات تحدث عن القلق عن الهم عن التفكك الأسري تحدث وتحدث وتحدث تكلم ولا تصمت تكلم ياشيخ عسى أن يصحو والدي يوما من غفوته فيسمعك وإن لم يسمعك فإنني اسمعك ودموعي تسابقني وكلماتك تثبتني وتشد من عزمي لا أريدك أن تصمت بعد اليوم ياشيخ عن قضايانا فنحن والله فرائس الألم الذي يطوي كبودنا ويكوي قلوبنا ليلا ونهارا ولا نشكوه إلا إلى الله عزوجل ثم إلى من نثق فيه من أمثالكم).
التوقيع ( فتاة مفجوعة )

هذه الرسالة سقتها إليكم بتصرف , قرأتها مرة واثنتين وثلاث وعشر قرأتها متسائلا : كيف ينتقل البيت من واحة أمان إلى غابة خوف وحرمان وإدمان ,لقد حزنت لحال هذه المسكينة ولسان حلي يقول : " أين تهرب من انحراف والدها ووالدتها وأخيها ؟
سؤال لا جواب له إلا أن نقول : لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
  • 19
  • 4
  • 16,218
  • سارة

      منذ
    [[أعجبني:]] شجاعة و قوة صبر البنت فهي بنت من بين المئات اللاتي يتعرضن لمثل هذه المواقف لتضع أشرطة القرآن الكريم و تعلي صوت المذياع في حال وجود أهلها حتى يستفيقوا من غفلتهم التي ستؤدي بهم إلى النار و لتذكرهم بنار جهنم الحارقة و عذاب القبر
  • عتيد

      منذ
    [[أعجبني:]] ولا أقول إلا:لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
  • مازن

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبنى الإصرار على التمسك بالدين و لكن هل يستطيع الإنسان الإمساك على دينه فى كل هذة الظروف , يجب عليها أن تحاول جاهدة أن تدعوا الله بالهدايه لعائلتها وأن يتغمدها برحمته و ينقذها من هذا الكابوس دون ان ينزف قلبها دماً(أقصدالوقوع فى المعاصى) لذا فل تتخيل معى هذة الفتاه انها فارس فى العصور القديمه وهذا الفارس يرتدى درعه ويمتطى جواده واخرج سيفه من غمدة و هاهو يعدو بكل ما أوتى من قوة يجاهد فى سبيل الله حاولى أن تجعلى هذا الشعور يتملكك فانك فعلا فى جهاد وحرب مع نفسك أدعوا الله أن يثبتها على الطاعه وأن يحفظها من المعاصى [[لم يعجبني:]] إن هذة الصورة أصبحت متكررة فى عهدنا هذا و لكنى متفائل مع كل هذا فل تعلم يا أخى أنه طالمايعلو صوت الأذان فوق المنبر وأن هنالك من يذهب ليصلى فى المسجد سيظل الخير موجود فى هذة الأمه والله أعلم بالنسبه للتقيم فاعتقد أنه ليس من حقنا أن نقييم الناس
  • أم عبدالملك

      منذ
    [[أعجبني:]] هوالعقل الراجح لتلك الفتاة وعدم تأثرها بما يدور من حولها وحرصها على أسباب الهداية والثبات على الحق وحبهاللآخرين بتنبيهها للإمام بالتحدث عن المشاكل الأسرية حتى لايصيبهم مثل ماأصاب عائلتها. [[لم يعجبني:]] دخول بعض اليأس في قلب هذه الفتاةوكذلك قول الإمام أين تهرب الفتاة..، أقول لهااهربي إلى من لاملجأمنه إلا إليه سبحانه و عليك باالصبر والإحتساب فيما أصابك وكثرة الدعاء باالهدايةوالصلاح لوالديك وأخيك والإلحاح خاصة في وقت سهام الليل وأسأل الله الحليم الكريم أن يهدي عائلة هذه الفتاة ويردها إلى رشدهاويصلح بيوت المسلمين في كل مكان اللهم آمين..
  • إسلام

      منذ
    [[أعجبني:]] أرى أن الدعاة في حاجة إلى مثل هذه الرسائل التي تضع أيديهم على المشاكل الإجتماعية الحاصلة وعلى ما يعانيه المسلمون في بيوتهم من قضايا في حاجة إلى نقاش [[لم يعجبني:]] أن المقالة لم يرد فيها رد فعل الشيخ على ما تعرض له
  • حسان

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبي شجاعة الأخت وإقدامها إلي أمر إيجابي لتغير أحوال بيتها فجزاها الله خيرا عن أهل بيتها وهداهم أجمعين [[لم يعجبني:]] هو حال البيوت المسلمة من رجال وأمهات وأبناء لدرجة أنهم يؤدون حقوق الغير ولا يؤدون حقوق أقرب الأقارب فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " اللهم اهدي بيوتنا وبيوت المسلمين أجمعين "
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] الفتاة الشجاعة التي لم تحذو حذو أهلها [[لم يعجبني:]] كان يجب على الفتاة أن تبلغ عن أهلها
  • رحمة

      منذ
    [[أعجبني:]] بعد السلام والتحية والشكر لنشركم هذه الرسالة حتى تستيقضى النفوس النائمة من سباتها لتعين إخوانها وأخواتها الذين بحاجة إلى من يساندهم في السراء والدراء والمعين هو الله.
  • إيهاب

      منذ
    [[أعجبني:]] عدم انسياقها وراء الأموال والترف كما هو حال معظم الفتيات وجرأتها على عرض مشكلتها دون خجل. [[لم يعجبني:]] السلوك السلبى للأم وانغماس أبيها وأخيها فى المحرمات ولا أخفى عليكم إذا كان الأخ لا يسأل عما فيه, لأن السبب الرئيسى هو الأب والأم, وأرجو منها الأخذ بيد أخيها ومن ثم أبويها.
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبنى أن هذه الأخت تريد أولا اصلاح البيت وجعله بيت إسلامى وخوفها من الله عزوجل وتريد أن تعيش فى الدنيا للفوز بالأخرة هى وأسرتها [[لم يعجبني:]] لاشيء لأنها تخاف على نفسها وعلى أسرتهاونتمنى أن يصلح أحوالهم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً