المساجد ورياض الصالحين...!
ولنا بمسجدِنا الجميلِ حدائقٌ/ ورياضُ كم تربو على الإبهاجِ وبه رياضُ الصالحين تسلسلت/ كالعطر في حُسنٍ وفي ديباجِ
اهتزتِ المساجد وربَت بالصلاة والذكر والدروس العلمية حتى صارت رياضا أنيقة، وبساتين مورقة، ...!
ولنا بمسجدِنا الجميلِ حدائقٌ/ ورياضُ كم تربو على الإبهاجِ
وبه رياضُ الصالحين تسلسلت/ كالعطر في حُسنٍ وفي ديباجِ
وكان للمشايخ والدعاة وأئمة المساجد دور رفيع في البلاغ والنصح اليومي، وعُرفت بلادنا (بدرس العصر الاعتيادي)، وهو قراءة مختصرة، في الكتَاب اللامع المبارك ( رياض الصالحين ) للإمام المحقق الفذ النووي رحمه الله، فهي رياض، ويقرأ فيها الرياض الضارب في الذهنية الإسلامية..! فلا يخلو منه مسجد، ولا يغفل عنه عاقل، لما فيه من العلم الجم، والأدبِ الفذ، والخير الأعمّ،،! ودرجت مساجد البلاد على ترداده وختمه مرات ومرات، وتوصي به إدارات المساجد والعلماء، فيا لله كم ناله من ثناءات وبلغته من رحمات...! وتضمنت مقدمته كلاما عجيبا يدل على حسن قصده وصحة نيته، وهو ما ترجم انتشار كتبه في الآفاق...( وأنا سائل أخا انتفع بشيء منه، أن يدعو لي ولوالديّ ولمشايخي وأحبابنا وسائر المسلمين....) ويذكر العبد الفقير أنه ختمه في محايل عسير في جامع الملك عبد العزيز مرة، وفِي مسجد التقوى مرتين، وفِي جامع الفهد مرة، وعاد عليه وعلى المستمعين بخيرات حسان، وعوائد سمان، وكانت النساء في المنازل يفرحن بتلك القراءة..،!
وهو زاد الخطيب والواعظ والإمام والمسافر...!
سهله وقرّبه، وأهداه وطيّبه، ودبّجه وهذبه ..،!
فإذا نظرتَ نظرتَ في تبرٍ سما// تزهو عليه روائعٌ ومروجُ
ومما يُحزن تراجع المسار القرائي المسجدي لدى بعض الأئمة، وترك الكتب وختمها والاستمرار في ذلك، وهي من وظيفة الإمام، وتزكية العلم والنفس، ونشر الخيرات، ومن فوائدها الجمّة :
١/ بث العلم : ونشره في الناس( {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} ) وصح قوله صلى الله عليه وسلم ( « بلغوا عني ولو آية» ).
وتركه علامة الشرور ودنو الساعة( «إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم » )
٢/ تبصير الناس: وتفقيههم في دينهم، ومن يُرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ويرفعه درجات ومراتب.
٣/ الأمر والنهي: وإحياء دورهما في الحياة ( {كُنتُم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } ) سورة آل عمران .
٤/ تزكية الروح: بتلاوة العلم وإلقاء الدروس، وحمل النفس على التخلق بالأخلاق الفاضلة، والأفعال المرعية.( {قد أفلح من زَكَّاهَا } ) [سورة الشمس] .
٥/ فصاحة اللسان : وانبساط ملافظه، وزوال عوجه وتعقده، واندفاع لحنه وتوهماته..!
وكل من يشكو عقدة اللحن النطقي، فعليه بالقراءة اليومية لكتب مشكولة، وسرعان ما تنحل بعون الله تعالى .
٦/ تجديد المسجد: بإحياء دوره وإشعال جذوة العمل، وحفز آخرين للجد والانضمام .
٧/ اندحار الشر : لأنه إنما يظهر مع وجود الجهل، ووجود الخملة التي تعتري بعض الخيار قال ابن القيم رحمه الله: ( وإذا ظهر العلم في بلد أو محلة، قل الشر في أهلها ، وإذا خفي العلم هناك ظهر الشر والفساد ).( إعلام الموقعين 257/5) .
٨/ تعريف الأجيال بدور إمام المسجد: وتربية النشء على الوعظ والتشاركية ونفع الناس، لأن المهمة ستنتقل إلى بعضهم يوما من الأيام .
٩/ بدو بركتها على ذلك القارئ وتفتح مداركه، وتحوله لمستفيد ومستدرك ومنشئ، من جراء المواظبة اليومية( «أحب الدين أدومه وإن قل» ) وكم من أناس فتحت لهم تلك المواظبة من أفكار وتأليفات..!
وجدير بالمؤسسات الدعوية ومجالس العلماء والمشايخ أن يسدوا الثغر التأليفي في هذا الباب، ويزودوا المساجد بمصنفات مفيدة، وكتب رائعة تضاعف من الفائدة وتحقق التنوع ، أو يقوموا بتعليقات سهلة على الرياض تجليه وتزينه شرحا وتعليقا منسجما مع تطلعات الناس .
ويستسهل بعص الأئمة ذلك، ويسخر آخرون، ولا يعون أنك تختم الرياض عدة ختمات، وتنتقل لكتب جديدة، وتضبط المسالك وتفيد الحضور، وتعلق على الأحداث والمناسبات .
ومن المؤسف زهد بعض المشايخ في ذلك، وترك الحي على علاته، والاكتفاء بمجرد الصلاة، ومما يلاحظ أيضا :
١- العزوف أحياناً وتطويل الهجران العلمي والتفقيهي .
٢- عدم استشعار اثارها على المصلين والمستمعين البعداء .
٣- غياب خطة للقراءة وتوجيه الناس ، وينسحب ذلك على قلة الكلمات المرتجلة والاستضافة للفضلاء .
٤- التقصير في المواسم والمناسبات المواتية للبلاغ وحسن التأثير .
وغالبا ضعف إمام المسجد ينعكس على الحي فينتج ضعفا وهزالا وغلبة للشر والانحراف، قال تعالى( { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار} ..) [سورة المائدة] .
وأئمة المساجد في مدرسة من الرهبانية عزيزة، ولكن من يتعظ..؟!
ومضة/ يا أئمة المساجد: بلغوا دين الله ولو بالقراءة اليومية ولا تيأسوا من رَوح الله...!
- التصنيف: