همسات ووقفات - (10) تربية الابناء على تحمّل المسئولية

منذ 2019-07-16

إن تعويد الطفل على تحمل المسئولية من السن المبكرة، حتى في الذهاب إلى دورة المياه، وأن ينظف نفسه بنفسه، ويتناول طعامه بنفسه، وأن تساعد البنت أمها في أعمال المنزل، وأن يضع حتى الزرار في العروة، هذا من تعويد الطفل على تحمل المسئولية

(10) تربية الابناء على تحمّل المسئولية

 

إن تعويد الطفل على تحمل المسئولية من السن المبكرة، حتى في الذهاب إلى دورة المياه، وأن ينظف نفسه بنفسه، ويتناول طعامه بنفسه، وأن تساعد البنت أمها في أعمال المنزل، وأن يضع حتى الزرار في العروة، هذا من تعويد الطفل على تحمل المسئولية، وأنه ينجز أموره، ولو عودناهم أحياناً أنهم يغسلون المواعين في البيت، ليس عيباً، بل إنه من التربية على تحمل المسئولية والقيام بالأعمال،

الآن يقول الولد: لماذا أغسلها أصلاً؟ عندنا خدامة تسوي، هذه شغلة الخدامة، هذا شيء بديهي عنده أصلاً، أكثر أولادنا يرتبون غرفهم بأنفسهم؟،

الولد إذا قام في الصباح يرتب فراشه؟ أبداً، الخدامة ترتب له غرفته، ولا يمكن يرتب شنطة المدرسة، كل شيء على الآخرين، فينشأ الأولاد في ميوعة في ترف، هكذا ينشأ الأولاد في البيوت في الميوعة هذه والترف ما يتحمل مسئولية، اكتب يا ولد باليمين، ماسك القلم بالفم وجالس يكتب، يا ولد امسك باليمين ويمسك بالشمال، في الأخير مسك القلم بيديه كأنه يقول هذا حل توفيقي بيني وبينك تريدها باليمين أنا أريدها بالشمال مسكهم بالاثنين،

وهكذا إذا صار الولد يفعل ما يشاء، ويُعطى من الأموال ما يشاء، وأي شيء يسمع من المدرسة أن الأولاد عندهم مثله، هات لي سوني بلايستيشن ، أتى له سوني بلايستيشن ، سوني بلايستيشن تحتوي على ماذا؟، هل فكرتَ مرة بإلقاء نظرة نقدية على ألعاب أولادك؟

ألعاب الأطفال، الألعاب الإلكترونية هذه ألعاب الكمبيوتر، هل فحصتها ويعني دققت فيها، وفيها غزو عظيم، فيها شغل من أعداء الإسلام ليس بسيطاً، الولد وهو يلعب وانتهى الوقود، أو حصلت إصابات يبحث على علبة فيها صليب، عليها صليب حتى يدخل فيها؛ لأنه يمنحه القوة والصحة ويزود المناعة ويزود حتى يستمر في اللعبة! يصير الولد مع الوقت يبحث على صليب،؛لأن هم مؤسس اللعبة إذا مريت على الصليب تأخذ تحصينات ومناعات وقوة إضافية، هذه الألعاب لا بد أنكم رأيتم هذا عبر شاشات الألعاب، ويدور على الصليب، والساحر والساحرة موجودان،

وهناك ألعاب مؤسسة على القمار والميسر، فكرة القمار والميسر، سيبلغ حجم سوق القمار العالمي على الإنترنت في عام نهاية عام 2002 نحواً من أربعين بليون دولار، وعدد اللاعبين في العالم 52 مليون شخص يلعبون قماراً على الإنترنت، 62% من دعايات الخمور موجه للأطفال حسب ما ذكرت إحصائيات موقع يهود دوت كم، هذه دعايات وخمور موجودة على الشبكة موجهة للأطفال، هناك ألعاب فكرتها القمار، ثم ألعاب يقول: قصف جوي للأهداف، تصيب الهدف تأخذ درجات، ماهي فكرة اللعبة؟ هذه الخريطة وعليها أسماء مدن، إذا قصفت كذا في اللعبة، إذا قصفت مكة تأخذ مائة نقطة، إذا قصفت بغداد تأخذ خمسين نقطة، هذه هي هكذا موضوعها، أحد الاسطوانات تبع لعبة السوني بلايستيشن مكتوب فيها أثناء اللعبة العرض فوت بل إز يور بل، معبودكم هو الكرة، وإلهكم هو الكرة، ما يمكن نحن نقول أن هذه الألعاب بريئة دائماً، بل فيها أشياء خبيثة جداً موجودة فيها، مثل ما هو موجود في الأفلام، إظهار العربي أو المسلم على أنه إنسان متخلف وأنه عدو للبشرية، وأنه سيحطم البشرية،

بل وربما سبوا الله -عز وجل- أن جعل النفط في بلاد العرب والمسلمين، هذه عقلية الغربيين، فهؤلاء هم الذين ينتجون الألعاب، ننتندو سون أكبر منتجتين للألعاب الأطفال في العالم الألعاب الإلكترونية، هاتان الشركتان التي فيها خبراء من الغربيين واليابانيين، الأشياء التي تنتجها كثيراً منها لا تخلو من أشياء منكرة شنيعة جداً، وإذا كان الولد تعدى أول مرحلة تظهر له بنت ربع عارية، ثاني مرحلة نصف عارية، ثالث مرحلة ثلاث أرباع عارية، المرحلة الأخيرة إذا كان تجاوزها الجائزة أن تطلع البنت عارية تماماً، صورة، معناها أن هذه الألعاب لابد نفحصها، هناك ألعاب ممتازة، وألعاب تعليمية جيدة، لو دخل الواحد على موقع اسكو لكس دوت كم، هذا موقع فيه أشياء للآباء والأمهات، وأشياء للمدرسين، وأشياء للطلاب، وفيه ألعاب مفيدة تعليمية إلكترونية وعلى الشاشة، المهم ننتقي، لكن نحن نقول والله مشغول ، انظر ماذا يريد الولد خله يشتري، بدون رقيب ولا حسيب، أليس مسئوليتنا نحوهم تعني أننا نشرف عليهم من هذه الجهة أيضاً، ما في مانع تخلي الولد من باب تحمل المسئولية أنه مرة هو يمسح السيارة ويغسلها، وتخلي وتعود البنت على أنها تنظف المطبخ.


بعض الأحيان على الأقل، نحتاج -أيها الإخوة- أننا نعود أو نربي أولادنا بطرق ممكن نستفيد منها من خبراء النفس والتربية والدراسات الحديثة، ولنضرب بعض الأمثلة على هذا الكلام، ما يصلح كلما عمل الولد الانحراف أول مرة، يعني كذب لأول مرة نقول له يا كذاب، وإذا احتال على أخته الصغيرة وسرق مصروفها تقول له: يا حرامي، وهكذا نشهّر به أمام إخوانه وأقربائه للزلة الأولى، لا يصح تربوياً أن نتكلم عنهم بمثل هذه الطريقة التي توجد عقداً في نفوسهم، فكما أننا لا يصح أن نستعمل التدليل، التدليل هذا شيء خطير، هذه أم عودت طفلها أن لا ينام إلا وهي تمسح جبهته وشعره ورأسه، الولد الآن عمره ثلاثة وعشرون سنة لا يستطيع أن ينام إلا بهذه الطريقة، حتى تأتي أمه وتعبث بشعر رأسه! فكما أن التدليل الزائد يفسدهم، فكذلك الشدة المنفرة والرمي بالكلام أيضاً يعقدهم، فنحن نحتاج إلى أن نتفقه في عملية تربية الأولاد حتى من الناحية النفسية والتربوية، يكون عندنا شيء من الإلمام بالدراسات النفسية أو التربوية للأولاد، مثلاً علماء النفس يقولون: أن هناك تعزيز إيجابي وتعزيز سلبي، وعقوبة إيجابية وعقوبة سلبية، ويستخدمون عملية التعزيز الإيجابي والعقوبة، أو التعزيز والعقوبة، التعزيز أي التأييد، هذا يستخدمونه في تشجيع التصرفات المحمودة وتثبيط التصرفات المذمومة، فيقولون مثلاً في التعزيز الإيجابي أنك تكافئ الولد بشيء، فإذا آثر أخاه بحاجة أنت تعطيه قطعة حلوى، ابتسامة، تقدّم له شيئاً، تقدم له حافزاً مادياً أو معنوياً، هذه المكافأة أو الإثابة، أو ما يسميه علماء النفس التعزيز الإيجابي، التعزيز السلبي هو نوع حرمان لردع تصرف معين وتثبيطه ومنعه، ومن شروط هذه التعزيزات ومما أثبتته الدراسات أنه كلما زاد مقدار المكافأة حجماً أو عدداً كلما زادت نسبة حدوث السلوك الإيجابي الذي نريده أن يحدث، ولكن يجب الموازنة بين التصرف الذي يفعله الولد والجائزة؛ لأن الولد أحياناً يعمل تصرفاً بسيطاً نعطيه جائزة كبيرة، إذا فعل تصرفاً جيداً أعظم منه ماذا تعطيه؟ إذا صرتَ تعطيه جوائز عظيمة على أشياء عادية، إذا فعل أشياء أكثر من عادية ماذا تعطيه؟ فلا بد من نوع من التوازن، كذلك أثبتت الدراسات أنه كلما قصر الوقت بين الثواب وحصول التصرف الحميد كلما كان ذلك أدعى لحصول التصرف الحميد، يعني لا تؤخر المكافأة، يعني إذا فعل شيئاً جيداً اليوم لا تعطيه بعد أسبوع تقول هذا حق... أعطه فوراً كافئه فوراً حتى تحصل النتيجة المطلوبة، كذلك أثبتت الدراسات الحديثة أنه كما أن المعززات الإيجابية تفقد بعض قيمتها إذا تكررت كثيراً، ولذلك ما هو لازم تعطيه على أول تصرف حميد وثاني واحد ثالث واحد تعطيه مكافآت، وإنما مثلاً افرض أنه انتظم في الصلاة أسبوعاً أو شهراً تعطيه عليها جائزة، ليس أول صلاة جائزة وثاني صلاة جائزة وثالث صلاة جائزة بعد ذلك تفقد الجوائز قيمتها.


أثبتت الدراسات كذلك أن المكافآت المتقطعة أفضل من المكافآت المستمرة وهذه هي المسألة السابقة التي أشرنا إليها، وأثبتت الدراسات أنه كلما تنوعت المكافأة والثواب كان ذلك أفضل في زيادة نسبة حدوث التصرفات الحميدة؛ لأنه إذا عارف أنه المرة الثانية قطعة حلوى والمرة الثالثة قطعة حلوى والمرة الرابعة قطعة حلوى تفقد شيئاً من قيمتها، لكن مرة قطعة حلوى، مرة لعبة، مرة ابتسامة، مرة قبلة، ونحو ذلك، تنوع الأشياء الإيجابية يؤدي إلى حصول التصرفات الحميدة بشكل أكبر.
وكذلك أثبتت الدراسات أن التعزيز الإيجابي أفضل من العقوبة في النتيجة، يعني أنت الآن إذا صدق ستكافئه وإذا كذب ستعاقبه، وجد الباحثون أن المكافأة على الصدق أفضل في النتيجة من المعاقبة على الكذب، وإن كان من المهم الجمع بينهما، وينبغي أن يكون العقاب فعالاً وليس مؤذياً فقط، وهذا يعتمد على ثلاثة أشياء:

أولاً: درجة القسوة وشدة الألم، وثانياً: فترة الإيقاع، وفورية حدوث هذه العقوبة، وعدم التراخي، وما يعطى عقاباً على شيء بسيط لا بد أن يتناسب مع هذه المشكلة أو التصرف السيئ البسيط، ولا يصح أن يعاقب عقاباً ضخماً على خطأ صغير، أو نعاقبه عقاباً صغيراً على خطأ ضخم، وهذه من أفعالنا مع أولادنا، نحن نلجأ أحياناً إلى العقاب دائماً أكثر شيء ومثلاً من العقاب أحياناً الكلمة الجارحة: يا غبي يا بليد يا كذا، وهناك من أسماء البهائم الثور والحمار، كثير، لماذا يفعل ذلك بعض الآباء؟ لأنه أرخص، ما يكلفه شيء وسهل كلمة تنطلق، وما هو على كل حال أن هذه الكلمة بهذه الطريقة أثرها إيجابي، قد يكون أثر سلبي، ممكن يؤدي إلى احتقار الطفل لنفسه، مع مرور الزمن يصاب الأولاد وجد في الدراسات الحديثة أن الأولاد الذين يتعرضون لعقوبات كثيرة جارحة مؤذية وأكثر من الأخطاء التي يفعلونها يكونون في المستقبل أطفالاً محبطين أو رجالاً إذا كبروا رجالاً محبطين مهزومين نفسياً لا ينتجون، ما عندهم جرأة وشجاعة في المجتمع، وكذلك وجد أن المثيرات العقابية إذا أعطيت تدريجياً وبشكل مستمر تفقد قيمتها، توقع عقاباً فعالاً مباشراً، يستمر فترة قصيرة، فيه الشدة المطلوبة، هذا يكون مؤثر، ثم تترك العقاب، ولا تلجأ إليه إلا بعد فترة، ولذلك فإنه يجب النظر في اختلاف أحوال الأولاد، بعضهم ممكن حرمانه من حلوى يؤثر، بعضهم كلمة قاسية أحياناً تؤثر، بعضهم الضرب هو الذي يؤثر، بعضهم التشجيع عنده أكثر بكثير يعطي نتيجة من قضية مثلاً عقوبة.


فإذن، ممكن مثلاً تقول: أنت اليوم محروم من طلعة آخر الأسبوع، ربما يقول أحسن عندنا أتاري نلعب فيها، يعني ليس بالضرورة أن كل عقوبة ممكن نسويها أنها تؤدي إلى النتيجة المطلوبة، فلا بد أن نفكر بالعقوبة قبل إيقاعها، هل هذه وهذه قضايا تجارب، وكذلك وجد بالتجربة أنه من الخطأ أن يعاقب الأب والأم تحتضن وتقبّل، فيروح يضربه أبوه وأمه تجي تضمه وتعال يا حبيبي وتقبله، لازم الأب والأم يشتركان في عملية الثواب أو العقاب للطفل، وأن الأم تقول له شفت أبوك ما ضربك لأنك سويت كذا وتزيد عملية الشرح لماذا ضرب.


ووجد بالدراسات الحديثة أيضاً أنه لا بد من إخبار الولد عن سبب العقوبة قبل ما يعاقب ما هو بعد؛ لأن بعض الناس يأتي أحياناً يضرب الولد بعد ذلك يقول له: تعرف لماذا ضربتك؟ كذا، هذا ليس أسلوباً تربوياً، لازم أولاً تقول له: أنت عملت كذا خطأ، ثم تعاقبه، مثل ذلك الجزار يقولون: أعطى الولد الكبدة وقال: أوصلها عند أمك في البيت، ولما أخذها الولد، ضربه وقال: اذهب، قال له أحد الحاضرين: لماذا ضربتَ الولد؟ قال: حتى ينتبه لا يسقطها في التراب، قال: يا أخي إذا أسقطها في التراب اضربه، قال: ما الفائدة عندما يسقطها في التراب؟ هذه فلسفة تافهة؛ لأن العقوبة لازم تتبع الذنب وليس قبل، العقوبة هذه ليست إجراء احتياطياً؛ لئلا يقع إذا وقع، لو واحد مثلاً -عسكري المرور- رأى واحداً عند الإشارة قام أعطاه مخالفة ما قطع الإشارة لماذا؟ قال حتى لا يقطع الإشارة، ما يقبل،

أنت رقيب على الولد في التصرفات إذا أجاد تحسن إليه وتثيبه، وإذا أخطأ تعاقبه، وليس أن تجرب فيه مثل هذه التجارب، ومن الطرائف في المخالفات، واحد جاء عند إشارة حمراء وقطعها ما صار شيء، وصل الإشارة الثانية وقطعها ما صار شيء، وصل الإشارة الثالثة، الشاب كأنه رأى ثلاث إشارات فوقف، فسمع صوتاً، قال: لا اقطعها كمل، إذا هذا راعي المرور يراقبه من أول، قال: لا، كمل، فلذلك المناسبة العقوبات المرورية العلماء النفسانيون والتربيون يصنفونها من العقوبات الإيجابية التي هي إيقاع الشيء المؤلم على الخطأ لئلا يتكرر، وهذه عملية مفيدة إذا ضبطت بالضوابط الشرعية، فإنها فعلاً تكون رادعة للناس، وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن  هناك ناس نفوسهم ضعيفة كثيرون.

محمد صالح المنجد

أحد طلبة العلم والدعاة المتميزين بالسعودية. وهو من تلاميذ العالم الإمام عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه.

  • 6
  • 1
  • 6,544
المقال السابق
(8) تربية الأبناء وتنشئتهم على حب شعيرة الجهاد
المقال التالي
(11) قضية لفت انتباه الطفل لوالديه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً