هندسة مرض التعصب فى التجمعات الإسلامية
ممدوح إسماعيل
عرف التاريخ البشرى التعصب للعرق والقبيلة والطائفة واللغة والأرض والمُعتقد الدينى وللحاكم، وقد افسدت تلك العصبية ودمرت وخربت ولكل منها شواهد كضوء الشمس فى التاريخ ومازلنا نرى آثارها فى الواقع المعاصر وتعديها على الحق والعدل بالجور والبطش.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - النهي عن البدع والمنكرات -
عرف التاريخ البشرى التعصب للعرق والقبيلة والطائفة واللغة والأرض والمُعتقد الدينى وللحاكم، وقد افسدت تلك العصبية ودمرت وخربت ولكل منها شواهد كضوء الشمس فى التاريخ ومازلنا نرى آثارها فى الواقع المعاصر وتعديها على الحق والعدل بالجور والبطش،
ولكننى هنا بصدد التوقف مع هندسة مرض التعصب فى الجماعات والاحزاب الإسلامية التى ظهرت فى العقود الأخيرة والمفروض انها تعلن انها تخلصت من فساد التعصب الأعمى تحت القواعد القرآنية {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»، فحكوا له ماجرى فقال -صلى الله عليه وسلم-: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ».
الشاهد أن كل تجمع اسلامى حول شيخ أو جماعة أو حزب كان مفروض أن يكون أكثر تميزا بإخلاصه للإسلام فقط ولكن الضعف البشرى كان متواجدا مع تلك التجمعات مع ظاهر نبل القصد عندهم وبدون تفاصيل كثيرة لاتحصى حديثنا الان عن فقط عن المرض نعم، لقد تسلل مرض التعصب إلى التجمعات الإسلامية بهندسة غريبة، فقد استطاع المرض التسلل والأختراق بين نقاط مهمة محورية صالحة صادقة مخلصة كالآتى:
1- نقطة إخلاص الأتباع للفكرة والهدف الأعلى، الإسلام والشريعة وهنا تسلل المرض فى محورة تلك الفكرة فى الجماعة والحزب انه السبيل لذلك فقط.
2_ نقطة نصرة المظلوم و المظلومية، ظلم الطغاة وأعداء الإسلام وهى معان مهمة فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والولاء والبراء ولكن المرض تسلل بهندسة تشبيك تلك النقطة فجعلها تنعقد وتنحصر مع الجماعة والشيخ والحزب.
3_ نقطة الثواب والجنة حق موعود ولكن المرض تسلل وجعلها مرتبطة بالاخلاص للجماعة والشيخ والحزب نعم لقد استطاع مرض التعصب التسلل خفية بهندسة عجيبة مع نقاط حق وصدق، والمساحات التى تسلل من خلالها مرض التعصب هى حصر أولوية الحق فى مثلث الجماعة والشيخ والحزب الضيق مبتعدا بها عن الدائرة الواسعة لأمة الإسلام.
وقد اعتمد مرض التعصب فى تسلله للجماعة ومتبوعى الشيخ والحزب على:
1- زرع بذور عصبية الانتماء للتجمع (الشيخ. الجماعة. الحزب) أنها الحق مع التشكيك فى المخالف الإسلامى واقصائه بكل الطرق.
2- التجهيل فى فهم رحابة النص، وتضييق فهمها على فهم الجماعة والشيخ خاصة، والأخطر عقد الولاء والبراء على ذلك الفهم. ولا يختلف التجهيل فى عصبية الجماعة والشيخ والحزب لأستاذ جامعة عن من لم يحصل على مؤهل.
3- استغلال الحاجات المادية والحاجات النفسية عند الفرد وإشباعها من طريق الاتباع للجماعة والشيخ فقط، وتوصيل لعقل التابع أنه لن يجد بديلا.
4- عدم الصراحة والصدق فى الاعتراف بالأخطاء واستغلال هندسة مرض التعصب فى التجهيل فى اعتماد أخطاء الجماعة عند التابعين على أنها بين الظلم والقدر والصبر، والحكمة والفقه فى تحقيق المصلحة فلا يجد التابع المتدين إلا الاستسلام لتلك الثوابت الدينية.
تلك إشارات عامة لا تخفى على المتابع...... وفى سبيل ذلك منهم من يطيح بالاخر الإسلامى إقصاء وتصفية ومزاحمة مهما كانت كفاءته وبذله للإسلام والتجمعات الإسلامية كثير منها على حق، ولكنه حق تسلل إليه مرض بالتعصب، وتختلف شدة المرض بحسب قوة تسلل مرض التعصب وتمكنه وينجو أفراد تابعون بإخلاصهم فى الفهم من كثير من مشاكل مثلث التعصب، ولكن تبقى إدارة كل تجمع تحافظ على خطوط هندسة التعصب تحت ستار وهمى للأتباع أن فناء الجماعة والحزب أو نقد الشيخ هو فناء للمشروع الإسلامى!
وقد انتهت خلافة الأمويين والعباسيين والعثمانيين ودولة السلاجقة والأيوبيين، وغيرهم كثير لا يحصى مما كانوا أشد قوة ووحققوا أمجادًا للإسلام أكثر فائدة مليار مرة، ولم ينتهِ الإسلام بنهايتهم. جماعة المسلمين تشمل كل مسلم، المسلم أخو المسلم، وكل مسلم له حقوق متساوية ولكن الجماعات وتجمعات الشيوخ والاحزاب جعلت عضو الجماعة واتابع لشيخ والحزب له حق أعلى من غيره من المسلمين لمجرد الانتماء لهم فقط قال رسول الله ِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ».
وأخيرا نعم كانت توجد حاجة فى ظل سيادة الباطل والظلم لتجمعات ترفع راية الحق وتدافع عنه وقد قامت بعضها بجهد مشكور لاينكر على تفصيل ليس مكانه هنا ولكن مرض التعصب ضيّع صفاء مشاعر و ألفاظ (المسلمون).
اللهم أحينا مسلمين وتوفّنا مسلمين وألحقنا بالصالحين.