أهمية علو الهمّة في حياة المسلم - (10) صاحب الهمّة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة
وهذا هو مطمع الصالحين ومراد العالمين ومجال المتنافسين, وقد كان السلف رحمهم الله يضربون أعظم الأمثلة في هذا المجال, وحسبي في هذا الأمر أن أورد مثالين..
صاحب الهمّة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة، وتكون أوقاته مستثمرة بنّاءة:
وهذا هو مطمع الصالحين ومراد العالمين ومجال المتنافسين، وقد كان السلف رحمهم الله يضربون أعظم الأمثلة في هذا المجال، وحسبي في هذا الأمر أن أورد مثالين:
كان الإمام ابن عقيل الحنبليّ يقول: ((إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح).
ووصف الإمام النوويّ حياته لتلميذه أبي الحسن ابن العطار فذكر له أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درساً على مشايخه شرحاً وتصحيحاً: درسين في (الوسيط)، ودرساً في (المهذب)، ودرساً في صحيح مسلم، ودرساً في (اللمع) لابن جنّي، ودرساً في إصلاح المنطق، ودرساً في التصريف، ودرساً في أصول الفقه، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين، قال: وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله تعالى في وقتي).
وقال أبو الحسن العطّار: (ذكر لي شيخنا رحمه الله تعالى أنه كان لا يُضيع له وقتاً لا في ليل ولا في نهار إلا في اشتغال حتى في الطرق، وأنه دام على هذا ست سنين، ثم أخذ في التصنيف والإفادة والنصيحة وقول الحق.
قلت: مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه، والعمل بدقائق الورع، والمراقبة، وتصفية النفس من الشوائب ومحقها من أغراضها).
وإليك - أخي القارىء - كلاماً مهماً لأحد الغربيين يوضح حال أهل الهمّة مع وقته:
قال د. ماردن: (كل رجل ناجح لديه نوع من الشّباك يلتقط به نحاتات وقراضات الزمان، ونعني بها فَضَلات الأيام والأجزاء الصغيرة من الساعات مما يَكنِسه معظم الناس بين مهملات الحياة، وإن الرجل الذي يدخر كل الدقائق المفردة، وأنصاف الساعات، والأعياد غير المنتظرة، والفسحات التي بين وقت وآخر، والفترات التي تنقضي في انتظار أشخاص يتأخرون عن مواعيد مضروبة لهم، ويستعمل كلَّ هذه الأوقات، ويستفيد منها ليأتي بنتائج باهرة يدهش لها الذين لم يفطنوا لهذا السر العظيم الشأن).
- التصنيف:
- المصدر: